"عار عليك عظيم، ما فعلته، سيدي، يدمر الوطن ويعيق تقدمه", بهذه الكلمات يدعو شريط إعلاني حكومي المواطنين المغاربة لمحاربة الرشوة وعدم السكوت عن أي حالة ارتشاء يكتشفونها في مختلف الإدارات العمومية. ويندرج الشريط في إطار حملة إعلانية رسمية غير مسبوقة للتنويه بأهمية محاربة الرشوة، وكذا التوعية بما تكلفه من خسائر فادحة للبلاد على جميع المستويات تقدر بنحو 1.5 مليار دولار. إضافة إلى الشريط، الذي يتم بثه حاليا عبر القنوات التلفزيونية والمحطات الإذاعية المغربية، أطلقت الحكومة، أخيرا، موقعا إلكترونيا، بالموازاة مع حملة وطنية تحت اسم "ويَّاكم والرشوة" (إياكم والرشوة)، يتيح للمواطنين ضحايا الرشوة، أو الشهود على حالات الارتشاء، إمكانية التبليغ عنها بسرية تامة. كما تم إحداث خط هاتفي خاص بالتبليغ عن الراشين والمرتشين.
يتكرر هذا المشهد يوميا في الإدارات المغربية. ويحذو الحكومة، التي يقودها عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية الإسلامي، أملا في تشجيع المواطنين المغاربة على عدم السكوت عنه بالتشهير به لحظة وقوعه، وإن تعذر ذلك أن يتم التبليغ عن الموظف المرتشي هاتفيا أو عبر الموقع الإلكتروني: "أوقفوا الرشوة". بالنسبة لعبد السلام أبو درار، رئيس الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي تتولى الإشراف على الخط الهاتفي الخاص وكذلك موقع "أوقفوا الرشوة"، تسمح هاتين الآليتين ب"ضمان سرية هوية المبلغ و ذلك لانعدام أي إمكانية تقنية للوصول إلى هويته أو معلوماته الشخصية" على حد قوله في الصفحة الرئيسية للموقع الإلكتروني للمذكور الذي يتيح كذلك إمكانية "تبادل المعلومات المتعلقة بالتبليغات عن طريق علب رسائل الكترونية سرية بين القائمين عليه والمبلغين عن الرشوة". "إنها مبارة حسنة تستحق الإشادة بها" يقول الحسين (45 عاما)، وهو معلم بمدرسة ابتدائية بالعاصمة المغربية الرباط (الرباط)،، قبل أن يستدرك قائلا: "لكن لا أعتقد بأنها ستثمر، على الأقل على المدى القريب، نتائج إيجابية على أرض الواقع". وفي المقابل، ثمنت لبنى (22 عاما)، الطالبة بجامعة محمد الخامس بالرباط، اللجوء إلى وصلات إعلانية للتوعية بخطر الرشوة، وقالت: "أتوقع أن يكون لها أثر إيجابي في الحد من تمامي هذه الظاهرة مجتمعنا". غير أن الطالبة نفسها تساءلت عن إمكانية تسجيل إقبال كبير على الموقع الإلكتروني "أوقفوا الرشوة" أو الخط الهاتفي المخصص للتبليغ عنها من قبل المواطنين بعد سنوات كثيرة، بل عقود من سيادة هذه الممارسات في الإدارات العمومية. يأتي الجواب على هذا السؤال على لسان عبد العظيم الكروج، وزير الوظيفة العمومية وتحديث الإدارة المغربي، بالتأكيد على أن حملة "ويَّاكم ضد الرشوة" ليست ظرفية، بل تندرج في إطار استراتيجية متكاملة لمحاربة هذه الظاهرة سيتم تطبيقها على مدى ثلاث سنوات. وقال الكروج، في تصريح صحفي مساء أول أمس الاثنين بمجلس النواب، الغرفة الأولى من البرلمان المغربي، إن الإستراتيجية تتضمن إلى جانب التوعية إجراءات قانونية، أهمها إعداد قانون يوفر الحماية القانونية للشهود المبلغين عن الرشوة. وتتضمن الإستراتيجية ذاتها، وفق الكروج، تقوية الإطار المؤسساتي لهيئات الحكامة المعنية بهذا المجال، وفي مقدمتها الهيئة المركزية للوقاية من الرشوة، التي تأسست في 13 مارس 2007، وتطوير المنظومة القانونية، وتعزيز الشفافية في التدبير العام ودعم مساءلة المسؤولين، إضافة إلى التربية والتوعية بخطورة الظاهرة وإشراك المجتمع في محاربتها.