لماذا لم يمارس رئيس الوزراء الدكتور أحمد نظيف..صلاحيات ومهام رئيس الجمهورية..بموجب التفويض الدستوري الذي حصل عليه..ولو مرة واحدة؟!.. خاصة أن البلاد قد مرت بأكثر من حدث مثل وفاة شيخ الأزهر..كان يستدعي معه تفعيل مهام نظيف الرئاسية..حتي إن الدكتور علي الدين هلال قد عاب علي (من بيده الأمر) عدم إعلان الحداد الوطني عند وفاة شيخ الأزهر..وإرسال وفد رسمي للسعودية لحضور مراسم تشييع الجنازة..المؤكد أن هلال قصد بكلامه السابق الدكتور نظيف..بحكم التفويض الرئاسي الممنوح له..لكن الحقيقة التي يعرفها علي الدين هلال..هي أن نظيف لا يحكم فعليا..وأنه إذا تلقي تعليمات بإعلان الحداد الرسمي فإنه كان سيفعل. التفويض الرئاسي الذي حصل عليه الدكتور نظيف لإدارة شئون البلاد..هو من مكملات الديكور السياسي..فالواقع أثبت أن نظيف ليس هو الحاكم الفعلي المفوض بالإدارة..فرئيس الوزراء حصل علي الشكل فقط..لكن الواقع يرسمه أشخاص وجهات أخري..تحكم من واقع قوتها وسلطاتها الواسعة..وحتي الآن فلا يزال نظيف يتعامل بصفته الفعلية كرئيس للحكومة..وليس بصفته الرئاسية..لأنه يعرف أول وآخر الحكاية. ومن سخف القول تحميل الرجل أعباء فوق دوره المرسوم..وممارسة الاستعراض السياسي عليه مثلما فعل علي الدين هلال..الذي يعرف أن دكتور نظيف ليس رئيساً لكل الوزراء..فهناك وزراء ممنوع عليه الاقتراب منهم..فكيف تريدون منه ممارسة مهام رئيس جمهورية وفقاً للتفويض..بينما هو مرفوع جزئياً من داخل مجلس الوزراء. السؤال الذي طرحته مجلة «فورين بوليس» عمن يحكم مصر الآن ونشرته الدستور أمس الأول..هو سؤال متداول منذ إجراء الرئيس للعملية الجراحية.. بل لعله يسبق ذلك بفترات طويلة..بسبب وجود أكثر من قوة تتصارع ولها مصالحها..لأن الدولة المصرية لم تعد كياناً واحداً..منذ أن أصبح لدينا لاعب رئيسي في الساحة السياسية اسمه أمانة السياسات..والتي تستمد قوتها من اسم رئيسها..ولدينا جماعات رجال الأعمال بنفوذهم الطاغي وممارساتهم الضاغطة علي أعصاب الدولة..وقبل ذلك لدينا المؤسسة الأمنية بجناحيها..ثم تأتي علي الأطراف بقية مؤسسات الدولة..ثم بعد ذلك يزعمون أن نظيف هو الرئيس المفوض..بأمارة إيه؟. وإذا زعم أحدهم أن نظيف هو المفوض بإدارة شئون البلاد..فعلياً وليس شكلياً..فإننا نسألهم..هل يستطيع الرجل بالتفويض الذي بحوزته..أن يصدر الآن قراراً بتعيين شيخ جديد للأزهر..أو إجراء تعديل وزاري محدود، خاصة أن التفويض يسمح بذلك..ستسأل ومن هو هذا الوزير الذي يجب خروجه؟!.. إنهم كثيرون..وفي مقدمتهم وزير الري..حيث سيسافر وفد حكومي يضم بعض الوزراء إلي إثيوبيا..لبحث ملف مياه النيل وسيغيب عن هذا الوفد وزير الري..بعد تحفظ حكومة إثيوبيا علي وجوده..بسبب أدائه في مراحل التفاوض السابقة. ليس لدينا تفويض رئاسي إذن..رغم وجوده في الدستور..لكن كل ما يجري هو من مكملات الديكور.. فلا يزال الرئيس هو القابض الأول والأخير علي كل شيء بالبلد..محتفظاً بكل السلطات والصلاحيات..أما هذه التفويضات فهي ذر للرماد..الحقيقة أن البلد مشلول منذ سفر الرئيس..وما يجري فيه حالياً عملية تسيير لشئونه اليومية ليس أكثر..فلا تظلموا «نظيف»..ومطلوب من علي الدين هلال الاعتذار للرجل..فالبلد حتي هذه اللحظة في قبضة رجل واحد..منذ عبد الناصر وحتي الآن..رغم تغيير العَلّم والنشيد والدستور والرئيس أكثر من مرة..لكن ثقافة الحكم ظلت واحدة لم تتغير..وهي أن كل شيء يبدأ وينتهي عند الرئيس..فما الذي ننتظره منه؟.