صفعة جديدة على وجه حكومة هشام قنديل. هذه المرة تأتى من المؤسسة الدينية الرسمية، حيث رفض أعضاء مجمع البحوث الإسلامية، مشروع الصكوك الإسلامية، الذى قدمه مجلس الوزراء للعرض على مجمع البحوث للنظر فيه وإبداء الرأى الشرعى. مصادر من داخل المشيخة أكدت تأييد شيخ الأزهر الدكتور أحمد الطيب قرار المجلس، الذى صدر عن الاجتماع الذى تم صباح أمس وحضره جميع أعضاء مجمع البحوث. وشهد الاجتماع جدلا شديدا من قبل عدد من الأعضاء الذين يميلون إلى الفكر الإخوانى، ومنهم الدكتور محمد رأفت عثمان والدكتور محمد عمارة والدكتور محمد مختار المهدى، الذين هددوا بالانسحاب من الاجتماع، حال استمر رفض الأغلبية للمشروع.
المصادر أكدت أن المفتى الأسبق الدكتور نصر فريد واصل كان منحازا فى بداية الأمر إلى الطرف الإخوانى، لكنه اقتنع فى نهاية الجلسة برأى الأغلبية وأبدى موافقته على رفض الأعضاء للمشروع.
كما أكد المصدر أن أعضاء المجمع اجتمعوا أواخر الأسبوع الماضى، وأحالوا موضوع الصكوك الإسلامية إلى لجنة مختصة مكونة من عدد من أعضاء المجمع، وهم الدكتور محمد الشحات الجندى والدكتور محمد الراوى والدكتور محمد رأفت عثمان، برئاسة الدكتور عبد الفتاح الشيخ رئيس جامعة الأزهر الأسبق، وأضاف أن هذه اللجنة واجهت ضغوطا شديدة من قبل أعضاء فى جماعة الإخوان المسؤولين فى الحكومة، وأن اللجنة لم تهتم بهذه الضغوط. الأعضاء أكدوا خلال اجتماعهم أنها ليست المرة الأولى التى يتعرضون فيها لضغوط من حكومة الإخوان، مشددين على أنهم تعرضوا فى العهد الماضى لمثل هذه الضغوط، وأنهم لن يستجيبوا لأى حكم استبدادى آخر.
أعضاء المجمع قالوا «إن المشروع هو بداية لمشروع بيع مصر وإن المشروع يسمح بامتلاك الأجانب أراضى ومؤسسات مصرية وبيعها، وهو ما لا نوافق عليه، وأن الجميع يرى أن الأزهر لا علاقة له بالسياسة، لكن واجبنا أن نقوم بدور فى إنقاذ الوطن إذا ألمّ به خطر، وأن المشروع سيعود بالضرر على البلاد أكثر من نفعه، وهو أمر يتعلق بأزمة يمكن أن تلحق مصر وتدمر مؤسساتها وملكياتها العامة»، كما أكدت اللجنة فى تقريرها أنها شعرت بتلاعب كبير فى هذا الأمر، وأن به ألفاظا يمكن أن تستخدم فى وقت لاحق لتحقيق مصلحة أفراد بعينهم، وأن عبارات صياغته ليست مباشرة ومن الممكن أن تضر بالبلاد. من جانب آخر اعتبر الخبير الاقتصادى الدكتور أحمد حسن النجار أن دخول مصر على خريطة الصكوك الإسلامية سيجعلها فى مقدمة الخريطة الاقتصادية العالمية، وسيسهم بشكل كبير فى تقليل الفجوة بالموازنة العامة للدولة، التى بلغ ارتفاع عجزها إلى 175 مليار جنيه، فى الوقت الذى استفادت فيه دول مثل ماليزيا وقطر والإمارات وبريطانيا من هذا المشروع، موضحا أن مشروع إصدار الصكوك الإسلامية سيكون تحت إشراف جهاز رقابى مكون من جزأين، أحدهما يمثل جهاز الرقابة المالية على الصكوك والآخر للرقابة الشرعية، جاء ذلك خلال اجتماع عقدته أمس لجنة الشؤون المالية والاقتصادية بمجلس الشورى برئاسة محمد الفقى.
وكشف النجار عن أنه سيتم إدارة إصدار الصكوك من قبل جهة سيادية بوزارة المالية ومتابعتها من خلال وحدة مركزية بالدولة، فضلا عن الضمانة التى يتمتع بها مشروع الصكوك عن طريق المشاركة فى شراء أصول ثابتة فى استثمار عينى واضح، مشيرا إلى أن فرص مصر فى نجاح مشروع الصكوك الإسلامية كبيرة جدا بسبب الأرض الخصبة المتوفرة لدى مصر، من حيث عوامل الاستثمار باعتبارها دولة نامية لديها إمكانات هائلة، لافتا إلى أن النظام السابق كان يعتمد على الاقتصاد «الريعى»، لأنه كان «سمسارا فى بيع الأراضى وخصخصة القطاع العام»، وكان يرفع شعار «انهب واجرى».
وأضاف النجار «نظرا إلى العجز فى الموازنة وارتفاع سقف الدين العام الداخلى والخارجى لما يزيد على تريليون و100 مليار جنيه، وفشل سبل معالجة ارتفاع عجز الموازنة التى كان يتبعها النظام السابق عن طريق سياسة الاقتراض، كان لا بد من الاتجاه للبحث عن حلول جديدة». وتابع «أن الشعب المصرى يشارك بنسبة ضئيلة جدا فى المعاملات البنكية بما لا يتعدى 13% نظرا إلى حرصه على عدم الاقتراب من أى شىء يخالف الشريعة الإسلامية، وما يشاع عن حرمة التعامل مع البنوك، وهو ما سيتلافاه قانون الصكوك الإسلامية.