السلام عليكم.. أنا الأخت الكبرى في أسرتي، وأشعر بأنهم يعاملونني باحتقار، وكأنني فرد من برة العيلة بيعايروني بيها.. مثلا إني في الإعدادي اتخانقت مع إحدى صاحباتي فضربتني في وجهي فنزف أنفي، ومرة تانية بنات حطولي قلم في كحكة شعري يعني قرون. لكن أكتر واحد بيذلوني بيه إن أخويا مرة كان عنده حل تدريبات، وأنا رفضت أحل مكانه، أنا قلت أفهّمه وهو يحلّ بس ما رضيش، وماكنش من ماما إلا أنها بدأت تخبط دماغي في الكنبة.
وحصل موقف تاني بسبب خناقتنا على الكمبيوتر، وبرضه ماما ضربتني، وقعدت في البلكونة أعيط وكنت هانتحر.
فيه حاجة مهمة، أنا سمراء وصدري كبير أوي، ووداني واقفة وراثيًّا، بابقّع الهدوم أسفل الإبط ورائحة ملابسي وحشة، وده ظنون أو حقيقة مش عارفة، وليّ أخت في أولى ثانوي على خلافات دايما معاها؛ لأني بالبس هدومها كتير، بس فجأة ألاقيها تقول؛ بتخلي ريحة الهدوم وحشة ورائحة عرقها مابتطلعش، أو إنك صدرك أكبر مني بوظتي لي البادي أو قطعتيه، وتقول لي برده ماعندكيش دم، إنتي عانس بتعملي كده علشان تتجوزي، وأنا خريجة علم نفس 2010.
بصي أنا الصراحة ما كنتش بارضى ساعات أديها لبسي، وممكن تلبس وأخليها تقلعه؛ لأنها أحلى مني بيضا وحِركة.
كمان لما بيجيلي أي عريس لازم تعيّب عليه بالحاجة اللي مش بتعجبني، وتقول لماما دول بيض بيعجبهم إيه في بنتك؟ واشمعنى أنا صدري صغير؟ وماما قالت لها إن كلامها على كل عيوبي بيضايقني فزادت فيها.
المهم أنا حاسة إني زهقت جدا، وهي دلوقتي بقت أجمد مني لو ضربتها أبقى هزّأت نفسي، مش عارفة أعمل إيه معاها، خصوصا إن كله بيقول عليّ شخصية ضعيفة.
h.e
أحزنني في رسالتك ثلاثة أمور؛ الأمر الأول "الانتحار"؛ فكلمة الانتحار يجب أن تمحيها تماما من قاموسك، فهل ترين أنك تتمكنين من مواجهة الانتحار بين يدي رب كريم؟ وأي شيء في هذا الكون يستحق منك أن تُزْهِقي روحك من أجله؟
عدم التفاهم والمكايدة والسخرية مشكلات مؤلمة، لكنها أبدا لا يمكن أن تجعلك تفكرين في الانتحار، وكلها لها حلول، ويمكنك القيام بها لتتمكني من تقليصها وتنعمي بحياتك التي لم تبدأ بعد؛ فليس كل الحياة هي أسرتك التي تعيشين معها؛ فهم يتصرفون تصرفات "غبية" تدل على جهل في التعامل السليم منهم، وقد يرجع ذلك لأن والدتك مثلا كانت تضربك لأنها كبقية الأمهات؛ ترى أن الابن الأصغر يحتاج حماية، أو أختك تغيظك لأنك تفعلين شيئا يؤلمها وأنت لا تشعرين، فتحاول أن تضايقك لأنك تضايقينها.
فلا مكان لكلمة الانتحار أبدا بعد اليوم، فأنت لست في الثالثة عشرة من عمرك حتى أفوت كلمة الانتحار بسهولة هكذا.
والأمر الثاني "نظرتك لنفسك"، ورغم أني أعلم تماما أنك كنت تحتاجين من يقوّي ثقتك بنفسك منذ الصغر، ورغم أن ذلك النوع من الحوارات بينك وبين أختك ووالدتك وأخوك تؤثر في الثقة بالنفس، إلا أنه لم يكن صحيحا أن تنسي تفوّقك وطبعك اللين ورفقك مع الآخرين الذي يقولون عليه "ضعف".
فحين ضربتك الفتاة ونزفت كنتِ تتعاركين معها؛ فالضعيف لا يتعارك أصلا، وحين حدث لك موضوع شعرك هذا كانت بقية هذا التعارك، فإذن أنت حين لا تقبلين شيئا ترفضينه وتعبرين عن رفضك له، ولقد كنت تحكمين على أختك ألا ترتدي ملابسك فأين هو الضعف؟ وكنت ترفضين حلّ الواجب مع أخيك؛ لأنك لا تريدين فأين الضعف؟ هل ستضربين والدتك مثلا؟!
فالضعف هو الخنوع الشديد وعدم القدرة على رفض ما لا يعجبك، لكن مشكلتك الرئيسية في كل ذلك أنك تجعلين آراءهم فيكِ تؤثر عليك وتهزّ ثقتك وتصدّقين ما يقولون!
فمشكلة اهتزاز الثقة بالنفس هي التي تربكك حين يتحدثون تلك الأحاديث، وهي التي تجعلك تنظرين لنفسك على أنك سمراء كبيرة الصدر طويلة الأذن!
فانظري حولك لأشهر النساء في أي مجال ستجدينهم من السمراوات، ونادرا ما تجدين الجميلة الجذابة بيضاء، ولأني لم أركِ فسأعتبر أنك بالفعل كبيرة الصدر وطويلة الأذن، رغم أن الدراسات العلمية تؤكد أن الشخص الذي لديه مشكلة تشوّه الشكل لا يرى الحقيقة ويتصوّرها في رأسه وحده، ناهيك عن أننا نتعرف على أنفسنا أو شكلنا بطريقتين من إحدى تلك الطريقتين "إدراكنا" فلو إدراكنا عن نفسنا مشوّه وسيئ سنرى أنفسنا كذلك، وعلى أي حال هناك تدريبات للصدر يمكنك معرفتها والقيام بها، ويمكنك كذلك قص شعرك قصة تتناسب مع أذنك مع كوافيرة ماهرة تجعلك تنسين قصة أذنيك تماما.
والعرق حله سهل جدا، ولكن في البداية يمكنك المتابعة أولا مع طبيب في الغدد؛ لمعرفة أي سبب عضوي يمكن علاجه، وإن لم يكن فالوسائل كثيرة جدا ومتنوعة، ومنها غير مكلف تماما مثل استخدام الشبّة بعد تنظيف مكان الإبط أولا بالماء والصابون، فلا تضعيه على المكان وهو غير نظيف، ومنهم من يطحنه ويضيف إليه فانيليا أو أي شيء له رائحة يحبها، وتكون كمزيل عرق طبيعي، وغيره الكثير مما يمكنك معرفته بالبحث أيضا، ورغم أن كل تلك الأمور تتعلق بالشكل الخارجي فإنه ستظل رؤيتك لنفسك وتقبّلها وحبها؛ الحل الحقيقي لتلك المشاعر السلبية.
والأمر الثالث هو "عدم استفادتك من دراستك".. ألستِ خريجة علم نفس؟ فأين ما درستيه عن الشخصية والمؤثرات التي تتعلق بها، وكيفية التعامل مع الضغوط وغيره من النظريات النفسية التي بذل فيها علماء النفس الجهد؛ لنتعرف على أنفسنا ونتعرف كيف نتعامل مع مشكلاتها؟
ألم يأن الأوان أن تتركي تلك الأحاديث من حولك لتهتمي بالأمر الأهم وهو "أنتِ"؛ فجهدك لا تهدريه على الرد وحرقة الدم وتتبع ما يقولون ويفعلون، فتحبسي نفسك في سجن كلامهم وآرائهم؛ فالحياة فيها الكثير والكثير، والهدف من الحياة ليس فقط الزواج فنحن لا نلبس ولا نتعلم ولا نخرج لنتزوج؛ فالزواج أمر فطري ويجعل الحياة أكثر جمالاً، لكنه ليس الوحيد الذي يجعلها هكذا، ولو أردنا الزواج بصدق علينا أن نبني أنفسنا ونؤهلها قبل أن ندخل الزواج دون أن نفهم حقيقته، وقبل أن ننجب دون أن نعرف بدرجة مقبولة كيف نربي أولادنا، لذا سأترك لك تلك النقاط لتدبرها:
* الثقة بالنفس ليست موروثة كالأذنين، ولكنها أمر يمكن اكتسابه، وبما أنك متفوقة وبما أنك تتابعيننا فيمكنك مراجعة ما تمت كتابته عن الثقة أو البحث فيه؛ لتتدربي وتساعدي نفسك حتى لو بذلتِ جهدا ووقتا، فلا يوجد أغلى من نفسك لترعيها.
* لا أعرف لماذا لم تتحدثي عن والدك، فهل هو غائب أم لا قدر الله متوفٍ أم غير ذلك، ولكن فهمت أن الوالد بشكل أو بآخر ليس له "وجود" مادي بينكم، ولعل غيابه هو السبب في عصبية الوالدة أو خوفها الشديد عليكم، وتصورها أن تصرفاتها هي التي ستجعلكم أفضل، وأنا لا أدافع عن تصرفاتها فتصرفاتها خطأ، لكنني أدافع عن حبها، فهي حتما تحبك وتحب إخوتك، ولكن الجهل التربوي هو السبب لا غياب الحب.
* أنتِ الأخت الكبرى وتنتظرين أن يقوموا هم بالتصرفات الصحيحة، فماذا فعلت أنت؟ هل تعرفين أحلام أختك وأخيكِ؟، هل تعرفين ما يؤلمهما؟ هل جرّبت سلاح الصداقة والحنان والقرب والصبر عليهما؟، هل جرّبت أن تكوني لهما أختا كبرى؟، أم إنك تركت تصرفاتهما تستفزك وتعاملت معهما بالفعل وكأنك أنت الطفلة الصغيرة؟، فالإنسان أسير الإحسان، فلماذا لا تبدئين بالتغيير؟، ولا تتعجلي النتائج فأنت تغيرين وضعًا منذ سنوات؛ فالكبير ليس من وُلد أولًا ولكنه يوصل للآخرين أنه كبير من تصرفاته.
* ركزي مع نفسك وطبقي ما تعلمتِه لتتعرفي على مواطن قوتك كالتفوق، واللين في التعامل، لتبحثي كيف تقويهما، وكيف تستفيدين منهما لتقومي بنشاطات وتطوّع، ودراسة، أو عمل تعملينه، وضعي يديك على نقاط ضعفك كتأثرك برأي الآخرين ونظرتك السلبية لنفسك لتعالجيها بهدوء وتدرج وبحث وتدريب.
* تذكري أننا لا نتزوج لنهرب من مشكلات بيوتنا، ولا نتزوج دون أن نحدد لماذا نريد أن نتزوج، وممن نريد أن نتزوج، وما أدوارنا المطلوبة منا في الزواج، وما هو الدور التربوي فيه..