أكدت الكاتبة والمدوّنة "نهى محمود" أن مدونتها "كراكيب" كان لها الفضل الأكبر في ترتيب حياتها، وعلاقتها مع العالَم، خاصة عقب وفاة والدتها. تصريح نهى أتى خلال ندوة عُقدت بمكتبة كونست جاليري لمناقشة كتابها الجديد "كراكيب" بحضور كوكبة من المثقفين والمدوّنين. وأشارت الكاتبة إلى أن هذا هو كتابها الرابع، وهو عبارة عن تدوينات مختارة من مدونتها التي تحمل الاسم ذاته. وبدأت نهى محمود الحديث بالقول: "التدوين اختراع تاريخي بدأ مع اختراع اللغة للتواصل، من يدرنا أن الأنثى في مطلع البشرية لم يكن لديها حائط لكي تكتب عليه كل ما يزعجها من أصوات الديناصورات وحماقة الرجل التي تحيا في كنفه، يوفّر لها الطعام ويقاتل الكائنات المتوحشة ويترك لها باقي المهام الأخرى بهذا التعالي التاريخي الذي نقل لها الاختلاف الاجتماعي بين الرجل والمرأة، من يدرينا أن اللغة من اختراع المرأة التي أظن أنها احتاجت التواصل قبل الرجل، احتاجت أن تخبره بشأن جوعها وخوفها ورغبتها في الدفء، لا شيء من هذا يبدو حقيقياً أو مؤكداً، ولكن ما أعرفه الآن بشأن المدونات في مصر والعالم كانت إشارة في الفضاء الواسع أننا كنا هنا نشعر ونتألّم ونحلم". وأشارت نهى إلى أن مدوّنتها بدأت كهدية عيد ميلاد لها في عيد ميلادها الخامس والعشرين، مشيرة إلى أن الفكرة كانت مبهرة أن يمتلك الشخص هذه المساحة من البوح الحر دون قيود، مشيرة إلى أنها تساءلت حول ما يمكن أن يكتب كبداية في هذه المدونة، قبل أن تأتي البداية وتدور عجلة التدوين. وحول دور المدونة في حياتها: " أنا أدين لمدونتي كراكيب بالكثير، لا شيء خلّصني من حزني على رحيل أمي قدر عشرات التدوينات التي نشرتها عليها أتحدّث عن وجعي، الكتابة في المدوّنة رتّب لي أولويات العالَم، عالمي الصعب كفتاة فقدت أمها فجأة، وكان لها أحلام كثيرة، لا تعرف من أين تبدأها، كان لديها فائض من الحزن والوحدة والخوف من العالم، الأمان الذي أعطته لي المدونة جعلني أتجرّأ لأجرّب العالم". وأشارت نهى إلى أن التدوين أثقل ثقتها في نفسها، ليس كمدونة فحسب ولكن ككاتبة، ولم تنسَ نهى الحديث عن الدعم الكبير الذي تلقّته من قرّاء المدوّنة الذين لم يبخلوا عليها بالتعليقات، مما جعلها تزور المدونات الصديقة، فتكتشف وجود ألم مشترك ورغبة مشتركة في البوح والتداوي على حد وصف نهى. أدار الندوة الأستاذ محمد كمال حسن -مدير دار مزيد التي أصدرت الكتاب- وتحدّث خلال الندوة حول سياسة النشر لدى الدار، بالقول إن الدار لا تتلقى أعمالاً بقدر ما تتحمس لفكرة ما أو عمل ما فتقوم بالعمل على نشره، مشيراً إلى أن ندوة كراكيب كانت من أوائل الأفكار التي سعى إلى نشرها ورقياً منذ تأسيس الدار. وأضاف حسن أنه فكّر في بادئ الأمر في ترشيح المدوّنة لدار الشروق لتصدّرها ضمن سلسلة مدوّنات الشروق، ولكنه طمع في المدونة للدار التي يديرها. وشدد حسن على الفارق بين الأدب الإلكتروني والأدب الذي يتخذ من الإنترنت وسيلة للنشر، مشيراً إلى أن مقالات كبار الكتّاب حينما تنشر عبر شبكة الإنترنت لا تعتبر أدباً إلكترونياً بقدر ما تعتبر أدباً اتخذ من الإنترنت وسيلة للنشر. وتحدّث حسن حول مقدرة الكاتبة على رصد الأمور الصغيرة والبسيطة في حياتها، وتحويلها إلى عمل أدبي، مشيراً إلى أن أعمال العمالقة إبراهيم أصلان وبهاء طاهر وإبراهيم عبد المجيد وغيرهم قامت على رصد دقيق لأشياء تجرى مِن حولنا.