السلام عليكم.. مشكلتي هي حياتي كلها.. من زمان بابا بيقول لي حياتك كلها صعبة وحاجتك كلها غالية.. مافيش حاجة بتيجي من أول مرة أو بسهولة.. المشكلة إن أسرتنا أسرة مترابطة يعني عمري ما خرجت مع أصحابي بعد الجامعة.. في البيت بنعمل كل حاجة مع بعض وبنخاف على بعض.. أنا لي أختين، ويمكن رأس مالنا مش حاجة، لكن كلنا كليات قمة من عيلة اسمها كبير جدا.. دخلت الكلية ولعشقي للحياة الاجتماعية مسكت اتحاد طلاب كذا سنة وعرفت بنات وولاد كتير، بس واحدة منهم شدتني بكل أدب وذوق.. اتكلمت معاها وحسيت إني مرتاح لها، وطبعا رحت قلت للبيت قالوا لي لما تخلص نبقى ننتكلم في الموضوع ده، جاي دلوقتي هيقولوا عليك طالب وبيصرف عليك أبوك.. خلصت كلية وكل يوم حبها جوايا بيزيد لدرجة إني حاسس إني مش عايش غير ليها.. كلمت أهلي تاني قالوا لي مش لما تشتغل هتروح لهم عاطل؟ دورت على شغل واشتغلت كذا شغلانة لحد ما ربنا كرمني بشركة كبيرة، وطلبت منها تستناني وهي عشان بتحبني وافقت رغم إنها جالها عرسان كتير وأحسن مني، وكلمت أهلي تاني قالوا لي لما تجمع على الأقل هدية، ولازم ندخل بقيمتنا قلت لهم كام يعني قالوا لي 3 جنيه ذهب. اشتغلت لحد ما جبتهم وطلبت منهم إننا نروح بقى.. قالوا لي مش نسأل عنهم الأول، ولما سألنا لقيناهم عيلة بسيطة اسمها مش كبير زي عيلتنا، وباباها مش موظف كبير زي بابا، أهلي قالوا لي لا دول ناس فقريين وإنت وحيد عاوز حد يسندك.. فكّر ببنت عميد كلية أو أخت ظابط عشان يسندك ويسند أولادك.. قلت لهم بحبها قالوا لي "لا يعني لا"، قلت لهم بقالها معايا 5 سنين مستنية والناس كلها عرفت إني خطيبها قالوا لي "لا يعني لا".. دخلوا لي من ناحية الدين، وقالوا لي سافر القاهرة واسأل شيوخ الجوامع، رحت القاهرة وطنطا، وكل ما أسأل حد يقول لي راضي الاثنين، بس أهلك، ولما أقولهم ذنبها البنت إيه يقولوا لي حاول توفّق، لكن ماحدش يقدر يمنعك من الجواز طالما البنت على خلق ودين، ولما رجعت لأهلي بالرد رفضوا وقالوا لي أتنازل عن كل ميراثك قصاد إنك إنت تروح لها وساعتها مش هنساعدك وهات لك شقة لوحدك وبفلوسك.. وآدي دقني لو اتجوزت بعد 40 سنة.. حاولت إني أخلي حد من خيلاني يتدخلوا أو عمامي رفضوا؛ لأن بابا وماما حذروهم من التدخل.. ولكن واحد مهم قال لي اصبر سنة وكلمهم تاني يمكن قلبهم يتغير وإنت تكون حوّشت شوية كمان.. السنة عدت وهي استنتني رغم إن أهلها ضغطوا عليها، في مرة، ووصلت لأكتر من مرة إلى حالات عصبية ونفسية بسببي؛ أنا بحبها وهي بتحبني 7 سنين هل يروحوا كده!!! مش عارف أكلمهم ولا لأ.. وأقول لهم إيه، أنا مش عاوز أخسرهم، وكمان عشان مش هاقدر أكون نفسي في الزمن ده لوحدي، وكمان ما أقدرش أسيب حبيبتي.. قولوا لي أعمل إيه.. أنا تعبان أوي.. ربنا اللي عالم أنا مش طالب غير الحلال.. ahmed
واضح صديق "بص وطل" العزيز أنك شخص رومانسي مشاعرك وحياتك مثل الكتاب المفتوح لأهلك الذين نسوا أنك أصبحت رجلا، وأن أدبك وطاعتك ليسوا ضعفا إنما ابتغاء وجه الله فيمن وصى الله بهم بعد عبادته مباشرة، كما نسيت أنت أيضاً بالإيحاء أن مشكلتك ليست حياتك إنما شخصيتك. فمقارنة حياتك بحياة الآلاف والآلاف من حولك تعتبر نموذجا للنجاح والإشراق ولكل شيء جميل، فهي خالية والحمد لله من الأمراض، ومن الكوارث، والمصائب، وانظر حولك لتتأكد أنك دائما تنظر إلى نصف الكوب الفارغ ولا تلحظ نصف الكوب المملوء. والمشكلة صديقي ليست في حبك للفتاة ولا في أنها انتظرت سبع سنوات ولا في أن أهلك يهددونك بعدم المساعدة، إنما المشكلة في أنك صدقت أهلك في أن كل ما يخصك عسير وصعب المنال.. وهذا ليس حقا؛ فالحق أن كل شيء يأتي بإذن الله وبإرادته وليس بإرادة العبد، فإذا تأخرت مشيئة الله عن إرادة أهلك لا يمكن أن تلام أنت وأنت لا حول ولا قوة لك. ثانيا موضوع الجامعة وموضوع الشغل وبالطريقة التي غرسها فيك أهلك وهي السلبية.. نظرت للأمر من منظور نصف الكوب الفاضي وتذكرت العسر ولم تتذكر اليسر في أنك والحمد لله دخلت الكلية التي كنت تريدها في وقت حُرم فيه الكثيرون من آمالهم حتى في الالتحاق بالجامعة، وحصلت على عمل في شركة ممتازة والكثير ممن هم أكثر منك علمًا وتقديرًا وشهادة ما زالوا عاطلين يتسولون الوظائف غير المستقرة. الخلاصة صديقي: رباك أهلك على أن تكون شخصية سلبية لا همَّ لها في الحياة إلا أن ترى بمنظور وعيون وفكر ورأي أهلها..... وفقط. فلما ظهرت إرادتك ورغبتك في الارتباط بالفتاة لم يقولوا لك اصرف نظر عن هذا الحب ولا ترتبط ببنات الناس؛ لأن عندك أختين بنات وكما تدين تدان ولكن قالوا لك أصبر حتى تتخرج وهو يعلمون أنك تقابلها وتواعدها وتزداد تعلقا بها. بمعنى أنهم وافقوا ضمنيا على تعلقك بالعروسة اللعبة تتسلى بها إلى أن يأتي اليوم المعلوم الذي يأتيك فيه الرفض "لا يعني لا"، وعلى المتضرر أن يلجأ لأقرب حائط يكسر عليه دماغه أو يشرب من البحر). وهكذا حققوا عن طريق هذه الفتاة ما كانوا يرجونه منك: التفوق، والتخرج، والعمل والادخار... إلخ، ثم اكتشفوا الفارق الطبقي واسمهم ونسبهم الشريف ونسب الآخرين الذي لا يليق بالمقام العالي. ولم يكتفوا بذلك إنما خيروك إذا كانت لك إرادة في فعل شيء لا يوافق هواهم "فابصم وأمضي" على تنازل بحقك في ميراث لم يأت موعده بعدُ متَّع الله أباك بالصحة والعافية، ونسوا أن الله تبارك وتعالى سماه في كتابه: {نَصِيبًا مَفْرُوضًا}. حتى عندما نصحوك بسؤال أهل الدين لم يرسلوك إلى أهل العلم عملا بقول الله تبارك وتعالى:"اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون". وأهل الذكر هنا معناه علماء الدين في الأزهر ودار الإفتاء، وليس شيوخ المساجد التي يتنافس عليها غير ذوي الخبرة والعلم ممن يقيمون الصلاة أو يؤمون الناس في الصلاة. فأي شخص أنت يا صديقي؟!! هل تتصور أنك قادر على الوقوف في الحياة وحدك دون مساندة الأب والأسرة معنوياً ومادياً؟ هل بعد عمر طويل لوالديك ستتمكن من تسيير حياتك أم ستتوقف حيث توقف أهلك؟ أنت يا صديقي في حاجة لبناء شخصيتك والاعتماد على نفسك، وأن تعرف ما لك وما عليك لله تبارك وتعالى ثم للأهل ثم للناس بعد ذلك، أما أن تترك نفسك وإرادتك مسلوبة لا يمكنك فعل شيء ثم تبكي "طالب الحلال" فهذا لا يليق بالرجل، ولا بحمل مسئولية حياة يلزمها فطام طويل عن أوامر الأسرة ونواهيها. وما أراه أن أمامك خيارين: الأول: أن تتقدم لأهل الفتاة ومعك علمك وشهادتك، وما جمعته من مال قدِّمه كشبكة وتوكل على الله وسيساعدك لتكوِّن نفسك وحياتك فمشكلتك في هذه الحالة مشكلة الملايين الذين لا يملكون اسما كبيرا ولا أبا له حيثية مثل أبيك. وربما يراجع أهلك أنفسهم عندما يعرفون أنك قادر على عصيانهم وفعل ما تريد لأنك تريد. وربما ينتبهون أن لك شخصية قيادية يمكنها أن تقود أمورها وأمور أخواتها البنات إذا ألمَّ بهن ما يحتاج تدخله. الثاني: إنك تربط على قلبك حجر وتضغط عليه لحد ما مشاعرك وحبك وإحساسك يموتوا، وبعدين تسلم نفسك لأسرتك يختاروا لك بنت الحلال اللي توافق اسمهم ومركزهم وممكن تتسند عليها وعلى أبوها في حياتهم وبعد عمر طويل إن شاء الله لأنك فعلا محتاج تتسند دايما على حد. الخلاصة يا صديقي: آن الأوان لتكوّن نفسك لتفعل ما تريد؛ لتبدأ الفطام والاعتماد على النفس والتعبير عما تحب وتكره بشخصية تحميك وتحمى أخواتك البنات في حياة والديك وبعد عمر طويل إن شاء الله. وتأكد أن الذي يسند الجميع هو الله، وأنه هو الذي بيده الخير، وأنه على كل شيء قدير، وهو الذي يحبّ المؤمن القوي ولا يحبّ المؤمن الضعيف، والقوي هنا هو الذي يعرف ما يريد، ويعرف كيف يحققه مع الاحتفاظ للأهل بالمودة والرحمة والتقدير. راجع نفسك، ووازن بين خسران مادي سيحرمك منه الأهل وخسران نفسي ومعنوي بحرمانك من حبك، أضف على ذلك وخز الضمير وانتظار نتيجة خذلانك لواحدة وثقت فيك وضيعت فرصها في الزواج من أجلك في أختك أو في عروس من طرف أهلك تردّ لك ما فعلت وأكثر. نصيحتي لك.. اسأل الله أن يعينك على نفسك ويلهمك من أمرك رشدا، فتعرف كيف تملك زمام نفسك وتناقش أباك أن زمن الأسماء وزمن الوظائف... إلخ لم يعد يساوي شيئا بعد أن علا العالة رعاء الشاة وتطاولوا في البنيان وأصبح الجنيه سيد الكارنيه.