انفض مولد سيدنا "معرض الكتاب"؛ وذهب كل ناشر إلى حال سبيله، وخرج الجمهور ببعض الكتب التي تعينه حتى العام القادم.. وأيضاً عاد سور الأزبكية إلى موطنه الدائم بميدان العتبة (خلف حديقة الأزبكية) بعد أن سافر قليلاً في رحلة قصيرة إلى أرض المعارض بمدينة نصر؛ حيث يقام معرض القاهرة الدولي للكتاب سنوياً. سور الأزبكية كان هو -كالعادة- نجم المعرض، وهو حاله دائماً وأبداً سواء ارتفعت أسعار الكتب أو انخفضت، في حالة الركود أو انتعاش البيع؛ حيث يتهافت الجمهور على السور، ومنهم من لا يقصد سواه، ولا يلتفت أبداً إلى الصالات المخصصة لدور النشر! الرحلة السنوية المعتادة للسور ومكتباته كان بها الجديد هذا العام؛ حيث الدورة الثانية والأربعين لانعقاد المعرض، ويمكن سوياً أن نستعرض ملامح هذه الرحلة.. AUC الزحام في سور الأزبكية هذا العام كان ملحوظاً؛ إلا أن حالة الشراء قليلة؛ لكن ما يلاحظ أكثر هو فئة جديدة تكثر هذا العام وهم طلاب وطالبات الجامعة الأمريكية؛ فإذا تجوّلت ستجدهم ينتشرون في مجموعات (الشلة كلها) يبحثون عن أغراضهم سوياً؛ خاصة من الكتب والروايات الأجنبية. عم "حربي" هو شيخ الباعة أو كبير (الكُتبية) في السور، يعطي خلال حديثه معنا مؤشرات عن حال السور هذا العام؛ حيث يشير إلى أنه بالرغم من الإقبال المتزايد من جانب الجمهور؛ إلا أن الإقبال على الشراء أقل من معدلاته في السنوات السابقة، وهو أمر يرجعه الرجل للأزمة الاقتصادية؛ حيث أصيب سوق الكتب ببعض الركود كما تأثرت أسواق أخرى. ويضيف: "السور السنة دي جذب عدداً كبيراً من طلاب وطالبات الجامعة الأمريكيةبالقاهرة من أصحاب المستويات الاجتماعية المرتفعة، يقصدون السور بحثاً عن الكتب الأجنبية بعد أن كانت الصالات الكبيرة المخصصة لدور النشر تجذبهم قبل كده، أكثرهم كان يخاف من القدوم للسور خوفاً من تراب الكتب القديمة أو الحشرات، أما السنة دي تغيرت النظرة، وبقينا نعرفهم من لبسهم ومظهرهم". نكهة الجامعة الأمريكية بدأت التسلل إلى السور -كما يشرح عم حربي- "بداية من العام الماضي، كان فيه طلاب قليلون حضروا للسور، وكانوا يقلّبون في الكتب وهم يلبسون جوانتيات في أيديهم، وعندما رأوا ما نبيع تغيرت نظرتهم للسور، وهؤلاء أخبروا أصدقاءهم هذا العام، وعلشان كده تلاقيهم جايين مجموعات وماشيين مع بعضهم". حضور آخر لل AUC ولكن للطالبات فقط، شهدته المكتبات المتخصصة في بيع مجلات الديكور والأزياء، وكتالوجات قصات الشعر والطهي، والتي تباع جميعها بخصومات كبيرة.. يقول "حسين" وهو بائع شاب بأحد مكتبات بيع المجلات: "نبيع فقط المجلات والتي يقبل عليها النساء والبنات بشكل كبير خلال فترة المعرض، وغالبيتهم ينتمون لمستويات عالية وهم المهتمون بالديكور والأزياء؛ خاصة فساتين السواريه، وفي بداية المعرض جاءني طالبتان من الجامعة الأمريكية وسألتاني عن كتالوجات أجنبية لتصميم كروت الأفراح، وطلبتا إحضارها لهما وتركتا لي أرقام تليفوناتهما، وبالفعل أحضرتها لهم بعد أيام، وهذا أمر معتاد لديّ؛ لكن مع زبائن من أصحاب صالونات ومراكز التجميل؛ لكنه لأول مرة مع بنات الجامعة الأمريكية (الحلوين)".
نجم السور من ملامح السور أيضاً أن هناك نجماً لهذا العام، تتصدر مبيعاته جميع الكتب، هو الدكتور الراحل مصطفى محمود صاحب البرنامج الشهير (العلم والإيمان)؛ حيث نفذت مؤلفاته بعد ساعات قليلة من بداية المعرض؛ مما جعل المكتبات في السور تتحرك سريعاً لتلبية رغبات الجمهور. الإقبال يرجعه عم "فوزي" -أحد تجار الكتب- إلى تزامن وفاة الراحل مع وقت انطلاق المعرض، وهو ما خلق حالة من الفضول لدى الجمهور لقراءة ما كتبه، ويضيف: "كان معي ثلاث كرتونات كبيرة لكتب الدكتور نفذت جميعها في أول يوم، وهو الحال في كل مكتبات السور نظراً لزيادة الطلب عليها بعد وفاته الذي كان قريباً من وقت انطلاق المعرض"، أما أكثر الكتب طلباً فكانت (زيارة للجنة والنار)، (حوار مع صديقي الملحد)، (رأيت الله)، (شلة الأنس)". صور الشرق لم يقتصر السور على بيع الكتب فقط؛ فهذا العام زادت بكثرة "أفيشات" الأفلام القديمة، وبعض الوسائل التعليمية للأطفال، والجرائد القديمة التي تتصدرها مانشيتات لأحداث هامة، وبوسترات الفنانين، وفي أكثر من جانب ستجد باعة ما يسمى "صور الشرق". الحاج "سعفان" يتخصص في بيع هذه الصور والتي تعرض مشاهد تاريخية مختلفة من الحياة الفرعونية مروراً بالإسلامية؛ وحتى العصور الحديثة، وهي الصور التي يقول عنها بائعها: "يقبل عليها زوار السور سواء من المصريين والأجانب؛ خاصة مع رخص ثمنها الذي لا يزيد عن 3 جنيه ونص، ومع ذلك تعطي ديكوراً مختلفاً في المكان الذي تعلق به". هذه بعض من ملامح السور لاحظناها ونحن نسير وسط نداءات الباعة: "أي كتاب 2 جنية"، "فرصة.. أوكازيون.. الكتاب بجنية"، "اتفضل يا أستاذ.. عربي ولا إنجليزي؟".