هناك مسلسلات تليفزيونية كثيرة قيّمة وتحقّق نجاحات هائلة على مستوى العالم، لكن لا يُدركها الجمهور لأنها لم تصل إليه عبر قنواته، أو لأن أعمالا أقل في القيمة والجودة استحوذت على دعاية أكبر.. وهنا سنحاول أن نعيد مشاهدة تلك الأعمال لنستمتع بها، وندلّكم على القنوات والمواقع التي يمكنكم مشاهدتها بها. تخيّل أنك مدير لشركة ضخمة مثل ABC، وأتى إليك كاتبان بفكرة جديدة لمسلسل يتحدث عن الأساطير والقصص الشعبية الموجودة بالتراث العالمي المتنوع، مثل: قصص السندريلا، وسنووايت، والملكة الشريرة، والأقزام السبعة، ورامبلستليتسكن، وصانع القبعات، والدكتور فرانكشتين، وذات الرداء الأحمر، والكبتن هوك وغيرها.. فماذا سيكون ردّ فعلك؟ لابد أنك ستتعامل مع الفكرة بحذر شديد؛ فهذه التيمات عُولجت عشرات المرات في السينما والتليفزيون، ومن خلال أفلام حية، وأخرى رسوم متحركة؛ بل ولن تكون هناك مبالغة بالمرة لو قلت إن استديوهات ديزني الشهيرة صنعت مجدها على أكتاف هذه القصص والأساطير.. بالمناسبة: شركة ABC تابعة لأستديوهات ديزني، ولو كنتم لا تتذكرونها فهي من قامت بإنتاج المسلسل الشهير Lost على كل حال تمّ التحمس للفكرة، والقرار بإنتاجها، وخاصة أن الكاتبين آدم هورويتز وإدوارد كيتسيس، كانا من ضمن فريق كتّاب Lost السابق ذكره، ومن شاهد المسلسل سيتبادر لذهنه أن ذات التكنيك متبع في المسلسلين بشكل واضح. فرضية المسلسل المثيرة تقوم على: ماذا لو تمّ جمع كل الشخصيات الخيالية، الطيبة منها والشريرة في مكان واحد، في عصرنا الحالي؟ وماذا لو كانوا يعيشون بشخصيات مختلفة عن شخصياتهم السابقة، وقد نسوا كل شيء يتعلق بحيواتهم الماضية؟ وماذا لو كان ذلك المكان الذي يعيشون فيه مغلقا، والزمن فيه قد توقف؟! الفكرة مثيرة.. أليس كذلك؟ لكن العبقرية ليست في الفكرة فحسب، لكن في كيفية معالجتها بشكل مشوّق وعميق، وهذا ما حدث في هذا المسلسل الذي يأخذ تقدير 8.2 في موقع تقييم الأفلام IMDB، وهي نسبة قريبة جدا من مسلسل Lost أيضا! عُرضت الحلقة الافتتاحية يوم 23 أكتوبر عام2011 الحدوتة تتحدث عن الأمير الذي ينطلق- في أول مشاهد الحلقة الافتتاحية- على جواده لكي يلحق بحبيبته سنووايت/ بياض الثلج، لكنه يصل متأخرا للأسف، وقد سقطت في غيبوبة بسبب أكلها لتفاحة الملكة الشريرة! يقوم بتقبيلها، وهنا تستيقظ الفتاة العاشقة، ونصل مباشرة لحفل زفافهما، الذي يتعكر فجأة بوصول الملكة الشريرة ريجينا للحفل، فتشتعل الأحداث بغتة، وتخبرهم هذه الأخيرة بأن ثمة لعنة قادمة، لعنة مخيفة سوف تنقلهم إلى مكان آخر، يتوقف الزمن فيه، وينسون ماضيهم هذا. هنا يأتي دور رامبلستليتسكن، وهو- لو كنت لا تعرفه- أيقونة مهمة جدا في القصص الخيالية، وهو مختص بعقد الصفقات؛ فهو يستخدم سحره من أجل تحقيق أمنيات الآخرين، مقابل شيء ما هو يريده، يمكنك القول بأنه بديل للشيطان الذي يحقق الأحلام المستحيلة، مقابل أن يبيع له الناس أرواحهم! المهم أن هذا الساحر الغامض -ويمكن أن نقول إنه محور الأحداث الذي يدور حوله كل شيء إن جاز التعبير، ويعدّ حجرا أساسيا في كل قصة تقريبا- والمحبوس في مكان خاص يليق به، يخبرهم بأن ثمة لعنة قادمة، وأنها ستنقل الجميع لمكان آخر لا يوجد فيه سحر، والزمن نفسه لا معنى له فيه، وأن من سيبطل كل هذا فتاة واحدة، هذه الفتاة هي ابنة سنووايت! هنا يقوم الوالدان، وبمساعدة الكثير من الأصدقاء، بصنع مخبأ سحري ينقل الطفلة الوليدة خارج نطاق اللعنة، قبل أن تجتاح هذه الأخيرة كل شيء! في عصرنا الحالي، نقابل هذه الطفلة لنجدها فتاة شابة وجميلة، ذات ذكاء حادٍّ، والتي تقابل ابنها الصغير في عيد ميلادها الثامن والعشرين، وقد هزّتها الصدمة؛ إذ إنها قد تركته للتبني، لعدم ثقتها في أنها قادرة على تربيته! بطبيعة الحال تقوم بإعادته لبلدته "ستوري بروك"، وهناك تقابل أمه، عمدة البلدة، ومن قامت بتبنيه، ونفاجأ بأنها الملكة الشريرة ذاتها! الطريف أن ابنها يعرف الحقيقة، ويخبرها بأنها من ستنهي اللعنة المسيطرة على بلدة "ستوري بروك"، لكن من يصدق الأطفال الصغار؟! نلاحظ أن الشخصيات التي قابلناها من قبل، موجودة هنا، لكنها نسيت كل شيء قد حدث في الماضي! سنقابل رامبلستليتسكن من جديد، لكن في شخصية السيد جولد، الرجل الثري، والذي يعقد صفقات مع الجميع، صفقات غير سحرية طبعا. من خلال هذه القصة المتشابكة، وفي كل حلقة، نري جانبا مختلفا من القصة، بالتوازي ما بين عالم الأساطير والسحر، وما بين الواقع الكئيب الذي نعرفه جيدا. والتكنيك المتبع هنا لا يسير مع الزمن بشكل طبيعي، بل يمكننا أن نرى جزءا صغيرا من كل شخصية، في العالمين، بشكل مشوق وجذاب، بحيث نندهش من قدرة الكاتبين على خلق عالم متماسك وقوي من كتب الحواديت القديمة، وبشكل إنساني مليء بالقيم والمبادئ، بحيث تستبعد فورا كون المسلسل مجرد تسلية فحسب! هناك الكثير من التعاويذ السحرية، والقلوب المنتزعة التي توضع في صناديق خاصة بها، والعديد من التنانين التي تثير الرعب أحيانا، وتنتظر في أقبيتها أحيانا أخرى، وعمالقة متوحشين، وحبات فاصولية سحرية تصنع بوابات لعوالم أخرى، لكن مع كل هذا فهناك الكثير من الدهشة، وفيض من مشاعر الحب، وطوفان من أحاسيس الكراهية، وصراع، وخيانة، وتقلبات، ومفاجآت، وعمق بشري، وسيناريو مكتوب بحرفية، وتمثيل ممتاز، ومناظر طبيعية خلابة، وإخراج جيد. مع ملاحظة أن الشخصيات ذات عمق حقيقي، ونعرف لماذا صارت إلى ما صارت عليه، وحيث القاعدة: لا يوجد شرير كامل، أو خيّر كامل.. اللون الرمادي هو الغالب هنا، وكل شخصية لديها أسرارها الخاصة بها، وكأن كل حلقة تبدأ بجملة Once Upon a Time، أو: كان يا ما كان، وهي الماركة المسجلة للعمل الملحمي الضخم: ألف ليلة وليلة! يُعرض الموسم الثاني من المسلسل الآن، ويمكن مشاهدته مباشرة على موقع أمازون، أو شراء الحلقات DVD، ويمكن البحث عن عنه أيضا في فيرجن ميجاستورز بالقاهرة. شاهد تريلر المسلسل من هنا إضغط لمشاهدة الفيديو: Once Upon a Time: أشهر شخصيات ديزني في عمل واحد! * كلام في الفن اضغط على الصورة لمشاهدة الجاليري: