إلى "بص وطل" تحية طيبة وبعد، لاحظت إن كل الرسايل أو معظمها متعلقة بقصص الحب اللى بتنتهي بالفشل أو مش بتتم، فحبيت أعرف منكم، ويا ريت تقولوا لنا يعني إيه حب؟ وإمتى وفين؟ وليه الحب؟ هل الحب بعد الزواج؟؟ طيب افرض اتجوزت إنسانة مش على قدر من الجمال ولا على قدر من الدين ولا بتهتم بنفسها ولا بنضافتها؟؟ قولوا لي أحبها إزاي؟ هل الحب قبل الزواج؟؟ إن كان قبل الزواج هيطلع شخص يقول لنا إنتم كنتم بتغضبوا ربنا إنتم غلط وكنتم بتكلموا بعض من غير أهلكوا مايعرفوا وكنتوا بتعصوا ربنا، أم أن الحب هو الحظ؟ ممكن تحب واحدة وتعيش معاها أحلى قصة حب وربنا يوفقك ويجعلها من نصيبك وتتجوزها وده طبعا حظه حلو. وممكن تحب برضه وبعد قصة حب عميقة قوية وماتكونش من نصيبك وربنا يفرقكم، وطبعا ده حظه وحش، أو يمكن تتجوز جواز صالونات وتطلع خلوقة ومتدينة وجميلة فغصب عنك تحبها بعد الجواز وده حظه عسل، وممكن تتجوز جواز صالونات وتتصدم بعد الجوازة وبرضه ده حظه وحش، هل حد اتجوز عن حب ونجح جوازه؟ هل حد اتجوز جواز صالونات وبعدين حب مراته؟ أنا احترت وتعبت.. نحب ولا مش نحب.. هل الحب حلال ولا حرام؟ طيب لو حبيت واحدة وكنت باكلمها في التليفون مثلا بس ماحصلش أي تجاوزات وكان غرضي من الأول شريف جدا وهو الجواز مثلا هل ده حرام أو غلط، وشكرا على مجهودكم اللي بتعملوه.
foreveralone
صديقنا العزيز، سؤالك عميق جدا ومهم جدا جدا، أنت تسأل عن الحب، يعني إيه حب؟ وإمتى وفين وليه؟ الحب معناه أكبر من أن نشرحه في رد كهذا، لأن الحب كلمة تختصر الحياة، وتختصر كل المعاني الجميلة التي نعيشها أو نتمنى أن نعيشها، قد تجد هذه إجابة فلسفية أو دبلوماسية. ولكنك بالفعل إذا نظرت حولك فستجد أن السعي للنجاح حب للذات، وأن التمسك بالأخلاق الطيبة حب للنفس، وأن التعامل الطيب مع الناس وبذل المعروف حب للخير، وأن الحرص على إسعاد الأهل والأولاد حب لهم، وهكذا ولأرحمك صديقي من عمومية النظرة، أحدد معك ما أظنك تقصده، وهو الحب بين الشاب والفتاة، هذا الحب يمكننا تعريفه على أنه رغبة في التقارب والتواصل، وشعور بالسعادة عند اللقاء واحتياج إلى الحكي أو الرؤية أو الاستماع أو الاهتمام. وهو شعور نبيل، يرفع الإنسان إلى أعلى، ويحقق له قدرا من الرضا والسعادة والرقي الشعوري والصفاء النفسي، وراحة الضمير، ولذا فلن تجد مخلوقا ينكر الحب أو يحرمه أو لا يعترف به، فالشعور الطاهر النبيل لا يجرم فاعله، ولكن التحريم أو التبغيض أو التحذير يلحق بالممارسات الناتجة عن هذا الحب. فالله سبحانه حدد الحساب على الاكتساب حين قال سبحانه: {لها ما كسبت وعليها ما اكتسبت} وعفا عن عباده من خطرات النفس ووساوس الشيطان ما لم تؤدِّ إلى تحرك فعلي وسعي حقيقي، ولذا فالشعور في ذاته لا يحرم إلا إذا ارتبط بممارسات خاطئة. من هذه الممارسات الخلوة، فما اختلى رجل بامرأة إلا كان الشيطان ثالثهما كما تعلم، ومن العلماء من جعل الحديث في الهاتف خلوة قد تؤدي إلى معصية، وعليه حرموا الشات لأنه ينسحب عليه نفس الحكم، ومما يحرم أيضا النظر إلى ما حرم الله، من تأمل في مفاتن المحبوبة أو جسدها أو ملاحقتها بما يرضي النفس ولكنه قد يدفع إلى معصية، ولا أريد أن أحول سؤالك إلى درس فقه، ولكن أجمل لك المر في قاعدة واحدة أن كل ما يؤدي إلى حرام فهو حرام. وتطبيقا لهذا الكلام أريد أن أحذرك وأحذر جميع أصدقائي القراء ناصحا أمينا من كل ممارسة تدفع إلى ما لا يرضي الله، فهذا إضافة إلى أنه موجب لعقاب من الله في الآخرة، فهو يؤثر على مسيرة حياتك في الدنيا، وعلى رضاك النفسي واستقرارك الداخلي. وهو ما تقرأه مما تمتلئ به ساحات الرسائل في "بص وطل" وغيره وعلى وجوه الشباب والفتيات، وما تشهد به البيوت وما تخفيه الحوائط من مشاكل وخلافات وصدمات ودموع وآهات، لأن تجارب بنيت على باطل فهدمها الله، وفي النهاية لم يصح إلا الصحيح، فلماذا يصر الإنسان على أن يشقي نفسه ويعذب روحه ويقتل البراءة داخله، ويدخر لنفسه عقاب الله في الدنيا والآخرة. أحسست بك يا صديقي تتحدث عن علاقة الحب بالزواج، فتقول هل الحب قبل أم بعد؟ والحب يا صديقي ليس له وقت محدد وليس الأمر حسبة رياضية توصل إلى نتيجة واحدة، الأمر شعور ليس له وقت وربما لا يكون له سبب، قد تحب فتاة وما رأيتها إلا مرة، وقد تحبك فتاة وأنت لا تشعر بها، وقد تحب فتاة لم ترها مطلقا بل سمعت عنها أو تخيلتها. المهم أن الشعور يقع لأنه فطرة لا ترتبط بأسباب منطقية، وفي هذا السياق أحب أن أذكرك بأنه ليس كل شعور يمكن أن يتحقق في أرض الواقع، فالشعور من طبعه الجموح، لا بد أن تربط مشاعرك بحكمة عقلك، كما قال الحكيم: "ألجموا نزوات العواطف بنظرات العقول، وأنيروا أشعة العقول بلهب العواطف". فالإنسان يتكون من عاطفة وعقل، ومن واقع وخيال، ولا بد أن يحقق التوازن لئلا يبني حياته على وهم أو يكون آلة بغير شعور. وسمعتك تتحدث عن فرص نجاح الزواج ومتى تحدث، وأحب أن أخبرك أن الزواج رزق ككل ما في حياتنا، فهو مشروع أرباحه الراحة النفسية والسعادة والاستقرار وبناء الحياة وحفظ النفس، هذه الأرباح ليست مضمونة التحقيق ككل مشروع آخر، قد تجد ما تبحث عنه، وقد لا تجد، هذا رزق يعلمه الله، أقول "رزق" ولا أقول "حظ"، لأن كلمة الحظ ارتبطت في عقول الناس بأنه نتيجة لا مقدمات لها، وهذا خطأ فالحظ هو النصيب، وهو بالتأكيد يرتبط بما قدمه الإنسان من أفعال تؤدي به إلى هذه النتيجة يقول الله تعالى: {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} فهل دخول الجنة بالحظ أم بالسعي والعمل؟ قد تجد رزقك في زواج الصالونات وقد تجده في اتباع ما ترنو إليه نفسك من زميلة أو قريبة أو غير ذلك، وقد تخطئ في حسابات فتشقى وقد كنت تظن السعادة، وقد يحدث العكس فتسعد وقد توهمت الشقاء، مشروع عادي كأي مشروع، فماذا عليك أن تفعل إذن؟ عليك أن ترتب خطواتك جيدا، وتفكر في مشروع تزداد فرص نجاحه على فرص فشله، وتبحث جيدا عن نموذج يحقق لك القبول المبدئي، وتجتمع فيه الصفات الأولية للزوجة من تربية طيبة وجمال مناسب وخلق حسن وأسرة كريمة، وعليك أن تعرف رأسمالك من التزام وجدية وقدرة على البدء واستعانة بالله، وعليك أن تستخير ربك وتستشير من تثق فيه ليدلك على الخير وينهاك عما يراه شرا لك. هذا رأيي باختصار، أرجو أن أكون قد أفدت وقدمت جديدا، وأترك الموضوع للنقاش مع قرائنا الأعزاء ليدلوا بدلوهم هم أيضا.