أنا بنت أبلغ من العمر 21 عاما، من صغري وأنا مشتتة، اتحجبت وأنا في سنة خامسة ابتدائي.. طول عمري من وأنا صغيرة عايزة أكون قريّبة من ربنا، وكنت بعيدة عن أهلي؛ يعني ماباحكيش أي حاجة لأي حد، وكنت على طول أقرب الناس ليّ زمايلي. ولمّا وصلت للكلية، ابتديت أقرّب لماما، والأحوال اختلفت خالص من ساعة ما دخلت الكلية، وبقيت باحكي لها كل حاجة علشان عايزاهم يبقوا واثقين فيّ. حتى لما حسيت إن فيه إنسان حبّني قلت لها؛ بس بدأت في حكاية إن كنت ماباكلمش ولاد خالص في الكلية؛ علشان أنا عارفة إن ده غلط، حتى الإنسان اللي حبّني برضه كان من بعيد. وفي السنة الرابعة، بدأت أتكلّم مع مجموعة كبيرة من البنات والأولاد، وكانوا بيحبّوني جدا، بس كنت باحس إن كل ما حد يقرّب منّي وبيتكلّم معايا باحس إن الإنسان ده حبّني، وده فعلا مش تخيّل؛ لأن زمايلي كانوا بيقولوا لي كده دايما، حتى ماما لمّا كنت باحكي لها كانت بتقول لي كده. أنا على طول باحس بالظلم من الناس ومن أهلي، باحس إنهم بيحبّوا أخويا الكبير أكتر، وبيعاملوه أفضل منّي، وباحس إن كل وظيفتي إني أنظف البيت؛ يعني زي أي بنت وحيدة، واشتغلت وبرضه كان في الشغل كل واحد يعلّقني بكلمة أو نظرة، وأنا أنتظر وأقول فرجه قريب. لغاية رمضان اللي فات، اتقدّم لي ابن عمتي يمكن عيوب إخواته وعدم توفيقهم في زواجهم كان بيقلق أبويا، بصراحة فرحت، واتفقنا على ميعاد للخطوبة لكن بابا مارضاش؛ لأن السكن هيكون مع عمتي وده بيت عيلة، وأنا طبعا اكتأبت واقتربت من ربنا أكتر. أنا تعبت وخايفة من بكره.. خايفة إن إخواتي يتجوّزوا وكل واحد مراته تتحكّم فيّ بعد عمر طويل لبابا وماما.. بادعي ربنا كتير، ونفسي أرتاح وأطمّن قلب بابا وماما؛ لأني عارفة إنهم خايفين من بكرة. وبرضه أنا باتمنّى لابن عمتي الخير، بس مش عارفة يوم ارتباطه أنا هاكون عاملة إزاي. يا ريت تردّوا عليّ؟ بس إنتم تفتكروا أنا اللي غلطانة في إحساسي بالخوف من الناس ومن اللي جاي، يمكن علشان أنا رومانسية، والزمن ده مش بتاع كده، يا ريت تساعدوني!!
Girle mony
مرحبا بكِ صديقة "بص وطل" العزيزة، وزادكِ الله قُربا منه ومن أسرتكِ الكريمة، ومنحكِ قربا وثقة وتقديرا أكثر في نفسك، ومعرفة بنقاط قوتك ومميّزاتك وأوّلها رومانسيتك وحنانك واحترامك لأسرتك ووالدك الكريم. بدايةً.. أُحييكِ وبشدة على حرصك من صغر سنّك على القرب من الله عز وجل وفعل ما يرضيه، وإيمانك بأن الله لا يريد بنا إلا الخير، مهما كان الشيء بعيدا عمّا نريد ونتمنّى ومهما تصوّرنا أنه شر. كما أُحيّيكِ على تداركك الأمر والقرب من والدتك الكريمة في المرحلة الجامعية التي تشكّل خطرا حقيقيا على العديد من الشباب، والتحاور معها والبوح لها عن مشاعرك الرقيقة، تلك الأم التي لم تصدّك وكانت متفهّمة بشكل كافٍ لمشاعر ابنتها الصادقة. عزيزتي.. تذكرين معي المثل القائل "إذا عرف السبب بَطُل العجب" أليس كذلك؟ هذا هو مَرْبَط الفرس، تعالي سويّا نضع خطوطا حمراء تحت النقاط الأساسية التي تسبّبت لكِ في هذا الضيق؛ فهي متشابكة بشكل كبير... أولا: التشتّت كما ذكرتِ والذي ظلّ ملازما لكِ منذ كنت صغيرة. ثانيا: بُعدك عن أسرتكِ خصوصا والدتك. ثالثا: عدم الثقة في نفسكِ بالشكل الكافي. رابعا: عدم الثقة في حب أسرتك وإخوتك لك بالشكل الكافي. خامسا: الخوف المبالَغ فيه من الناس وشماتتهم ومن المستقبل. بالنسبة للتشتت؛ فالسبب الرئيسي له هو بُعدكِ عن أسرتك في هذه السن الصغيرة، واعتمادك في الفضفضة وأخذ النصيحة من صديقاتك، ومَن هن في نفس مرحلتك العمرية وخبراتك العملية. فأنتِ كأي فتاة بداخلك صراع بين الصح الذي يحضّك عليه تمسّكك بدينك وبين ما تسمعينه من الأخريات في نفس مرحلتك العمرية، وبين ما تريدين وما ينبغي أن يكون، وسلبتِ نفسك حق الاستفادة من نصائح وخبرات والداك وإخوتك. إلا أنني لا أعتقد بأن السبب يرجع إليك وحدكِ، بل أعتبر أسرتك شريكة لك في ذلك، وإن كان عن غير قصد. نعم.. فمن أهم سمات الأولاد والبنات مع بداية سن المراهقة أن يُغلقوا الأبواب والنوافذ على أنفسهم، ويرفضوا نصائح الأهل والقرب منهم، في حين يزدادون قربا من أصدقائهم، وهنا فعلى الأهل محاولة القرب من أبنائهم والتعرّف على طريقة تفكيرهم والمواضيع التي تجذب اهتمامهم، بل وكذلك إسداء النصيحة بطريقة غير مباشرة بحيث لا ينفر الأبناء من قرب الآباء. ونأتي الآن لمشكلة عدم الثقة في نفسك؛ نعم فلو كنتِ على ثقة من نفسك عزيزتي لما انتظرت أن يخبرك الآخرون بأن فلان أو علان يحبّك أو معجب بك، ولما انتظرتِ من الأساس أن يعجب بك أي أحد أو حتى يظهر حبه؛ فأنتِ والحمد لله جديرة بأن يحبّك الآخرون وعليهم هم التفاخر بهذا. عزيزتي.. حب الأبوين لأبنائهما فطري بمقدار واحد لا يمكن أن يزيد ابن أو ابنة على الآخر، صحيح قد يكون أحد الأبناء أكثر قربا من أحد الأبوين، لكن الحب واحد، وستشعرين وتتيقنين من كلامي هذا حينما يرزقكِ الله بالأبناء الصالحين بإذنه تعالى. عزيزتي.. اسمحي لي أن أقول إنك تعانين من بعض التناقض؛ ففي الوقت الذي تؤمنين فيه بأن الله لا يأتي لنا إلا بالخير، أجدكِ تخافين من الناس ومن الزمن. نعم.. من حقّنا جميعا أن ينتابنا بعض الشعور بالخوف من المستقبل، ومن تغيّر قلوب وتصرّفات الناس معنا، ولكن الأوْلى أن يكون هذا الخوف دافعا لنا لمحاولة التقدّم في حياتنا، والتعلّم من أخطائنا وتجاربنا وأيضا تجارب الآخرين، حب الله والاقتراب منه أكثر ومحاولة إرضائه لتنالنا البركة والخير الوفير. أمّا أن نتقوقع داخل أنفسنا ونخشى العالم، ونتوقّع السوء دائما؛ فهذا هو الخطأ في حدّ ذاته؛ لأنه يُبعدنا عن الإيمان بأن الله لا يأتي لنا إلا بالخير مهما تخيّلنا أنه شر، كما قد يدفعنا لفعل أشياء خاطئة لا تتفق مع معتقداتنا فنندم ونكون أكثر تشتتا. أتعجّب من قولك "بس مش عارفة يوم ارتباطه أنا هاكون عاملة إزاي".. ماذا يهمّك من مثل هذه الشخصية التي لم تحترم أبسط مبادئ صلة الرحم!! عزيزتي.. عمرك 21 سنة فأنتِ ما زلتِ في مقتبل العمر؛ لماذا إذن هذه النظرة السوداوية للحياة؟ ولماذا تفترضين أنك ستتأخّرين في الزواج أو أن إخوتك سيُعاملونك بهذه الطريقة السيئة؟ أعتقد بأن السبب الرئيسي أنكِ تحيين حياة فارغة لا مجال فيها لأي نشاط اجتماعي أو ثقافي أو حتى تعليمي، كما أنكِ أغلقت حياتك على هذا التفكير فقط، وشغلتِ تفكيرك في مدى استحقاقك لمشاعر الحب؛ سواء من الأسرة أو المحيطين بك أو الحب المؤدي للزواج. قد يكون هذا بسبب رومانسيتك، ولكن لا يجب أن تقودنا الرومانسية للتفكير والتصرّف الخاطئ، بل إنها تُساهم في تحلّي صاحبها بالهدوء والرقة في التعامل مع الآخرين. صديقتي.. أرجو منكِ أن تفكّري في الحياة بشكل مختلف، وما دمتِ تسعين للتقرّب من الله عز وجل؛ فأتمنّى أن تشتركِ في دروس الدين وتحفيظ القرآن الكريم، اشتركي في الجمعيات الخيرية، وتعلّمي المزيد من اللغات مع أخذ دورات في الكمبيوتر. لا تنتظري أن يخرجك الزواج من حياتك الروتينية، أو أن يكون هو الملجأ والحل لمشكلات "التشتت والوحدة وعدم الثقة في نفسك وفي حب إخوتك لك"، وثقي في أن الله بجانب عباده المتقين. بارك الله فيكِ عزيزتي.. ورزقك السعادة وراحة البال، وتذكّري أن القرب من والديكِ الكريمين وإرضاءهما فيه إرضاء وقرب من الله عز وجل.