السلام عليكم موقع "بص وطل"، فيه مشكلة شاغلة بالي وبال كتير من الشباب، ولما سألت فيها لقيت ردود مختلفة؛ حتى برضه لما سألت أصحابي كل واحد قال رأيه.. وعشان أنا باثق في موقعكم، عايزة أعرف رأيكم في الموضوع. أنا عندي 15 سنة وكل اللي بيتكلم معايا يقول لي إنتي مش ممكن تكوني عندك 15 سنة، إنتي عقلك أكبر من سنك بكتير. أنا عايشة في مدينة صغيرة، حصل لي مشكلات كتير مع أهلي عشان هم عيلة محافظة أوي، وأنا باكلم أولاد؛ بس أنا باكلمهم على أساس إن إحنا إخوات، باخد رأيهم في حاجات، وهم كمان ياخدوا رأيي؛ بس طبعا أصحاب بحدود لأني بنت وهم أولاد. أهلي لما عرفوا بالموضوع قالوا ماينفعش، إحنا عايشين في مدينة صغيرة وكل واحد عارف التاني وسيرتك هتبقى على كل لسان، والناس هتطلّع كلام كتير وحش عليكي، ومش هتلاقي حد يتجوزك، وهتحطي العيلة في شكل وحش، وهتفضحينا. مارضتش أجادلهم وأفهّمهم وجهة نظري وأتعب نفسي، عشان هم مش هيتقبلوا الفكرة؛ مع العلم إني مش قريبة من أي حد خالص من أهلي.. وبعد كده الموضوع اتقفل. أنا لسه باكلم أولاد، وماما وخالي عرفوا، ومستنيين عليّ لما الامتحانات تخلص ويتصرفوا معايا؛ بس رد فعلهم هيكون قاسي أوي، وأنا متأكدة من ده؛ مع العلم إن بابا ماكانش يعرف حاجة عن المواضيع دي عشان ماما بتقول: لو عرف هيحصل له حاجة. أنا دلوقتي مش عارفة أعمل إيه بعد الامتحانات، وهم حابسينّي في البيت، وأنا اتخنقت، عايزة أعرف هو اللي أنا عملته ده صح ولا غلط، ولا هم أهلي بيمشّونا بطريقة زمان، وكده مش هنبقى منفتحين عن المجتمع؟ مش عايزة الحل اللي هو: قرّبي من أهلك وفهّميهم؛ لأنهم مش هيقتنعوا، وأنا أساسا مابعرفش أعمل كده، مابعرفش أقرب من ماما وأحكي لها؛ يعني مش زي بقية البنات. bent.masr شكرا جزيلا صغيرتي على ثقتك الغالية، وأدعو الله عز وجل أن تقرئي رسالتي بقلبك وعقلك، وألا تضعي حاجزا قبل أن تقرئي. وأهم شيء أن تستخدمي ذكاءك وعقلك الكبير، وتتيقني من أن كبر العقل لا يقترن أبدا بمعارضتنا للدين والأهل، وأن التمسك بالعادات والتقاليد لا يعني التأخر وعدم مواكبة النت وغيره من مظاهر التحضر. عزيزتي لفت انتباهي في حديثك عدة نقاط سأبدأ من آخرها لأنها هي العمود الفقري والأساس الذي سأبني عليه حديثي معكِ.. - "ماباعرفش أقرب من ماما وأحكي لها؛ يعني مش زي بقية البنات"، وهل تعتقدين أن فتاة تتميز بالعقل الكبير والشخصية القوية والحكمة، تفتقد حنكة وذكاء التعامل مع والدتها، وتكون ناجحة في التعامل مع الآخرين وتتفهم وتحل مشكلاتهم؟! بحكم مرحلتك العمرية، ومثلي ومثل أي إنسان وهو في مرحلة المراهقة، كنا نستقبل الكلام ممن هم في مرحلتنا العمرية وننفر بشدة من نصيحة الأهل؛ حتى مع اعترافنا أمام أنفسنا أنهم على حق؛ لكن هذا هو المراهق، متمرد على كل من حوله. - "مارضتش أجادلهم وأفهمهم وجهة نظري وأتعب نفسي".. أشعر بل وأثق في أنكِ لم تتحدثي معهم؛ لأنك في أعماقك تعترفين بأن لهم حقا، وأنكِ تفتقدين الحجة القوية؛ فدائما صاحب الحجة الواثق من نفسه الملتزم دينيا وخلقيا لا يجد مشقة في إقناع الآخرين بوجهة نظره. لا أعني بالمرة أنكِ -لا سمح الله- غير ملتزمة دينيا أو خلقيا؛ بل كل ما هناك أنكِ -وبحكم مرحلتك العمرية- لا تستطيعين معرفة الفرق بين التحضر والانفتاح على ثقافة الآخر، وبين الرجوع لعصر العبودية حينما كان من حق أي رجل -قريبا كان أو غريبا- التحدث إلى أي فتاة. بالطبع ستقولين لي: إنهم أصحابي في المدرسة!!! سأرد عليكِ: كارثة أن تجيدي التواصل مع أولاد من سنك، ولا تجيدي التعامل مع أفراد أسرتك. هل ضاقت بك الدنيا لتأخذي النصيحة من الأولاد دون البنات؟ وهل عائلتك كلها لا يوجد بها أخت أو أخ أو قريبة تسألينها فيما تريدينه؟ ثقي أنه لا توجد أخوة بين ولد وبنت، وكلها عبارات نضحك بها على أنفسنا. - "حصل لي مشكلات كتير مع أهلي عشان هم عيلة محافظة"؛ سبب المشكلات هو عدم تقديرك للمسئولية، وعدم اعترافك بالخطأ، وليس أن أسرتك أسرة محافظة. نعم وبكل فخر أسرتك أسرة محافظة؛ لكنها ليست متخلفة أو جاهلة، لم يمنعوكِ من التعليم، أو يحبسوكِ في المنزل دون سبب مقنع، لم يبخلوا عليكِ بالنصح والإرشاد، تخيّرتْ والدتك الوقت المناسب للعقاب، وحافظتْ بقدر إمكانها على صورتك أمام والدك. ذكرتِ أنهم حذّروكِ مرارا وتكرارا، وأنا كذلك -وباختصار شديد- أذكّرك بقول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: "اتقوا الشبهات فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه". فكيف لفتاة في سنك الصغير أن تعتاد على محادثة الشباب؛ فتنشأ أكثر جرأة وقربا من الشباب في التصرفات والأقوال؟ هل فكرتِ بذكائك ما هي السمات الرئيسية لفتاة في مثل سنك، تستمد كل معلوماتها وخبراتها من أولاد من نفس مرحلتها العمرية؟! ومن أدراكِ أن تكون آرائهم صحيحة وخبراتهم مكتملة وشخصيتهم جديرة بأن تجعلهم قدوة لكِ؛ لدرجة أن ترفضي قُرب أسرتك التي لن تجدي في العالم أحدا يخاف عليكِ وعلى مصلحتك أكثر منها؟ - "مش عايزة الحل اللي هو: قرّبي من أهلك".. أنا لن أقول لكِ: قرّبي من أهلك؛ بل سأقول لكِ اقتربي أكثر من الله ورسوله، وتعرّفي على حدود دينك؛ سواء كنتِ مسلمة أو مسيحية؛ فمبادئ الدين واحدة: أولها أن احترام الأم والأب والقرب منهما يأتي في المرحلة الثانية بعد التقرب من الله عز وجل، قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا}. سأقول لكِ اعلمي وتأكدي من أن التحضّر والمدنية لا يتعارض مع الشخصية القوية والتمييز بين الصح والخطأ، بين تقبل النصيحة والتعرف على قواعد الحوار، والتيقن من أن العناد لن يجدي، ولن يكون دليلا على قوة الشخصية والذكاء. فكري عزيزتي في طبيعة الموضوعات التي تتحدثين فيها مع الأولاد؛ فإذا كانت في الدراسة فأنا متأكدة أن والدتك وخالك سيقدران هذا، أما إذا كان حديث لا أساس له ولا فائدة؛ فمن الطبيعي أن يرفضا الموضوع شكلا ومضمونا. حاولي البحث عن قدوة لكِ في الحياة.. ومن ستجدين قدوة أفضل من الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم؟ رسول الله الذي لم يحرمنا نحن الفتيات من حق التعليم والمعرفة بأمور ديننا ودنيانا، وأخذ المعلومة من الرجال والنساء على حد سواء؛ ولكن بشروط معينة: أولها اختيار الثقات، وألا يكون بمخالطة من غير أساس أو قيود، ووجود آخرين أثناء الدرس؛ حتى إن كانت الفتاة تتعلم القرآن من شيخ. وبعد الرسول صلى الله عليه وسلم أنا متأكدة من أنكِ ستجدين في والدتك خير معلم لكِ، وإذا لم تكن مرحلتك العمرية تسمح بهذا القرب حاليا؛ فلكِ أن تبحثي بذكاء عن أخ لكِ، أو أحد قريباتك ممن هن أكبر منكِ سنا ومشهود لهن بحسن التفكير والشخصية القوية المتفهمة.. وتذكري دائما أن كلمة "مافيش" هي حجة البليد الذي يفتقد الحجة أساسا، ولا تُقنعي نفسك بأنكِ غير مخطئة؛ حتى إن كان خطأ غير مقصود؛ فيمكنك الرجوع للصواب.