الأمر لن يحتمل أن أكتب أي مقدمات.. وأن أسترسل بأي عبارت.. فالوضع مهيب، وإليكم شهادتي التي سيحاسبني الله عليها.. بسم الله الرحمن الرحيم: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}.. هذه شهادتي إليكم، قلت لكم ما أنا متأكد منه تماما؛ لعلمي أن يومًا سأحاسب على ما شهدت.. أقسم بالله العظيم أن أقول الحق: *** أشهد أنني في حوالي الساعة الخامسة مساء كنت في محيط قصر الاتحادية، ورأيت مئات المؤيدين للرئيس محمد مرسي، وعدد لا يتجاوز الخمسين من معارضيه يفصل بينهما قوات الأمن المركزي، وكنت واحدا من هؤلاء الذين يقومون بعملية الفصل بين المؤيدين والمعارضين، وكان موقعي بالقرب من البوابة الرئيسية للقصر. *** أشهد أن هناك الكثير من مؤيدي مرسي من كبار السن كانوا يبعدون المؤيدين عن المعارضين الذين كانوا يوجهون الألفاظ النابية للرئيس مرسي والإخوان، وعندما كانوا يتعبون من الهتاف يقلّدون بأصواتهم صوت الخرفان، ويشيرون إلى مؤيدي مرسي من الإخوان والسلفيين، في إشارة منهم إلى أنهم خرفان لتأييدهم الرئيس مرسي. *** أشهد أنني لم أرَ مع أي من مؤيدي الرئيس مرسي سلاحًا ناريًا (سواء خرطوش أو حي أو حتى صوت)، ولم أر أيضًا مع معارضيه في بداية الأمر أي سلاح. *** أشهد أنني رأيت إحدى سيارات الإسعاف تمر من أمام القصر من اتجاه روكسي، والكثير من ورائها يقولون إنها تحمل أحد شباب الإخوان، وقد أطلقت رصاصة حية على رأسه. *** أشهد أنني تركت مكاني ذاهبًا إلى مدخل روكسي المؤدي لقصر الاتحادية ورأيت أولئك الذي يلقون برخام أبيض مدبب محمّل على سيارة نصف نقل أصيب زميلي خالد عبد العزيز بواحدة فتحت رأسه، وزميلي مصطفى مهدي بأخرى فتحت رأسه، كما رأيت آخرين يضربون من مسدسات خرطوش، أصيب زميلي كريم هشام بخرطوشة اخترقت أنفه، وأخرى اخترقت صدره، والحمد لله هو على قيد الحياة. *** أشهد أنه تم الإمساك بواحد من أولئك المسلحين كان يحمل "كارنيها" لإحدى الجهات السيادية، ولا أعلم إن كان هذا "الكارنيه" صحيحا أم مزورا. *** أشهد أن من بين ما كان يلقى على المتظاهرين المؤيدين قطع حديدية من تلك التي يستخدمها "السباكون" ليقوموا بتوصيل مياه الشرب بها. *** أشهد أنني أعرف كثيرا من المعارضين بالاسم كانوا من بين من تظاهروا أمام الاتحادية ضد الإخوان والرئيس مرسي، ولم يكن منهم أي مسلح، وتظاهروا بسلمية تامة، وهتفوا كما يريدون ضد مرسي والإخوان والإسلاميين. *** أشهد أنه من بين أولئك الذين تم إلقاء القبض عليهم مسلحون، كانوا ملتحين، كي تلصق تهمة إطلاق النار بالإسلاميين، وأن أحدهم أثناء القبض عليه بواسطة بعض المنتمين للتيار الإسلامي أراد أن يتخلص منهم قائلا: "والله العظيم أنا إخوان.. والله العظيم أنا معاكم، والله العظيم أنا إخوان ومتشدد جدا كمان"! *** أشهد أنه تم العثور مع من ألقي القبض عليه قنابل مسيلة للدموع، ومسدسات خرطوش، وألعاب نارية "شماريخ" وألف جنيه عبارة عن خمس ورقات من فئة 200 جنيه مدبسة مع بعضها، وتم العثور على نفس المبلغ موجود بنفس الطريقة مع العديد ممن ألقي القبض عليهم. *** أشهد أن قوات الشرطة كانت سلبية، وكان وجودهم مثل عدمه، وأنهم لم يفعلوا واجبهم لفض هذه الاشتباكات. *** أشهد أن أولئك المسلحين ليسوا هم الثوار المعارضون، ولكنهم مأجورون، ومعلوم لدى رئاسة الجمهورية من أولئك الذين قاموا بتأجيرهم بالاسم، ولكن ليس معلوم لديّ لماذا لم يفصح الرئيس عنهم حتى الآن.. ولا تسألوني لماذا نزل الإخوان ذلك اليوم؛ لأني معلوماتي عن ذلك لست متأكدا منها.. ولا تسألوني لماذا لم يكشف الرئيس عن تلك المؤامرات التي يتحدث عنها؛ لأنه ليس معلوما لديّ أيضًا ما هي أسباب كتمانه.. ولا تسألوني من مات من الشهداء إلى أي فصيل ينتمون، ولا أنكر معرفتي بذلك، ولكن ما لا شك فيه -ولن يكذّبني أحد في ذلك- أنهم مصريون، وأقسم بالله العظيم كلهم شباب مثل الزهور.. *** أشهد أنه مرت عليّ ليلة من أسوأ ما شاهدت في حياتي.. *** أشهد أنني سئمت السياسة والعمل بها، تلك التي تفرّق بين المرء وزوجه وعائلته وأصحابه.. لكم الحق تمامًا في أن تكذّبوني؛ لأنكم تسمعون الكذب بأسلوب فني في الإعلام؛ لا يقوى شخصي المتواضع على أن يفنّن معلوماته مثلهم، ولكم الحق في أن تكذّبوني؛ لأن المعلومات غير كافية لديكم، ولكني أقسمت على شهادتي.. والله على ما أقول وكيل.. *** أشهد أنني أتمنى أن يقبض الله روحي قبل أن أرى مثل ذلك اليوم مرة أخرى.. "فاللهم يا مالك الأنفس اقبضني إليك قبل أن أرى مثل ذلك اليوم مرة أخرى غير مفتون لا ضالّ ولا مضلّ".. اللهم عليك بالظالمين الذين يخربون مصر.. وحسبنا الله ونعم الوكيل،،،