وكيل تعليم الفيوم توجه بضرورة الالتزام بالكثافات بالمدارس|صور    في خدمتك | الأوراق المطلوبة للتقديم بكليات جامعة الأزهر 2024    أسعار الفراخ اليوم في البورصة.. ومصدر يوضح أسباب ارتفاع سعر كرتونة البيض ل180 جنيه    الرئيس السيسي يستعرض خطة التنمية الشاملة لمحافظة جنوب سيناء    أبو الغيط يلتقي الممثل السامي لتحالف الأمم المتحدة للحضارات    «الخارجية الفلسطينية» تحذر من ارتكاب المزيد من الجرائم الجماعية في قطاع غزة    CNN: استراتيجية ترامب فى إثارة مخاوف الناخبين بشأن الاقتصاد تحقق نجاحا    الزمالك يختتم تدريباته قبل السفر للسعودية    تأجيل انطلاق دوري أبطال إفريقيا والكونفدرالية بسبب كأس المحليين    خلافات زوجية تنهي حياة ربة منزل على يد زوجها بشبرا الخيمة    شبورة مائية ونشاط رياح.. الأرصاد تكشف عن حالة الطقس غدا الأربعاء    إصابة 4 أشخاص إثر حادث تصادم سيارتين بمنشأة القناطر    «فين المايوه بتاع زمان».. حفل ختام مهرجان الغردقة يثير غضب السوشيال (فيديو)    ضمن فعاليات "بداية جديدة".. توقيع الكشف على 722 مريضا فى قافلة بقرية 31 بصار    لإنقاص الوزن .. 5 بدائل صحية للأرز الأبيض    أول تعليق من مستشار رئيس الجمهورية على الوضع الصحي في أسوان    «القابضة لمياه الشرب»: تلوث المياه في مصر «شبه مستحيل»    حبس عاطل ضبط وبحوزتi مواد مخدرة قبل ترويجهم على المتعاطين بالمنوفية    تأجيل محاكمة متهمي "داعش كرداسة الثانية" لجلسة 23 نوفمبر    شوبير: كولر غريب بعض الشئ.. وغياب الصفقة الجديدة ستغضب اللاعب    إيساف يعلن وفاة شقيقه    شيرين: حزينة على لبنان أكثر بلد علمتنى الصمود    في ذكرى ميلاده.. «محمد طه» أيقونة الغناء الشعبي وصاحب ال 10 آلاف موال    رسميًا.. الاتحاد اللبناني لكرة القدم يعلن تأجيل بطولاته المحلية بسبب الأوضاع الراهنة    جهود الدولة في التنمية البشرية تتوجها مبادرة بداية جديدة.. تساهم بجودة حياة المواطن برؤية 2030    وزير الخارجية: رعاية المصريين بالخارج أولوية قصوى لنا    خبير: الإفراط في استخدام المكملات الغذائية يؤدي لتوقف القلب    العراق يمنح سمات الدخول إلى اللبنانيين الواصلين إلى المنافذ الحدودية    وزير العمل: الرئيس يوجهه بمساندة كل عمل عربي مشترك للتنمية وتوفير فرص عمل للشباب    خطوات إجراءات التعاقد على وحدة سكنية من «التنمية الحضرية» (مستند)    ضبط مخزن في طنطا لإعادة تعبئة المبيدات الزراعية منتهية الصلاحية باستخدام علامات تجارية كبرى    شريف الكيلاني نائب وزير المالية للسياسات الضريبية يلتقى بجهاز تنمية المشروعات المتوسطة والصغيرة ومتناهية الصغر    لا تهاون بشأنها.. وزير الخارجية: قضية المياه وجودية لمصر وترتبط مباشرة بالأمن القومي    ضغوط من اتحاد الكرة لإضافة مدرب مصري لجهاز ميكالي.. مدحت شلبي يكشف التفاصيل    شوبير يعلق على قائمة الأهلي للسوبر الأفريقي: لا صحة لوجود حارسين فقط    ضغوطات وتحديات في العمل.. توقعات برج الحمل في الأسبوع الأخير من شهر سبتمبر 2024    بحث علمي وتعليم وتبادل طلابي.. تفاصيل لقاء رئيس جامعة القاهرة وفدَ جامعة جوان دونج الصينية    الإسماعيلي ينتظر رد «فيفا» اليوم لحسم ملف خليفة إيهاب جلال (خاص)    وزير الدفاع يشهد تنفيذ المرحلة الرئيسية لمشروع مراكز القيادة الاستراتيجي التعبوي التخصصي    وزير الخارجية: لا يمكن الحديث عن تنمية اقتصادية واجتماعية دون أمن واستقرار    تراجع تدفق النفط الروسي يدفع الأرباح إلى أدنى مستوى لها في ثمانية أشهر    إذاعة الجيش الإسرائيلي: سلاح الجو الاسرائيلي بدأ موجة جديدة من الهجمات في لبنان    رئيس شركة المياه بالإسكندرية يتفقد يتابع أعمال الإحلال والتجديد استعدادا لموسم الشتاء    الصحة تعلن حصول 3 مستشفيات على شهادة اعتماد الجودة من GAHAR    التعليم: تشكيل لجنة لإعادة النظر في الإجازات غير الوجوبية والإعارات    بالصور.. حريق هائل يلتهم ديكور فيلم إلهام شاهين بمدينة الإنتاج الإعلامي    ما حكم الخطأ في قراءة القرآن أثناء الصلاة؟.. «اعرف الرأي الشرعي»    وكيل تعليم مطروح: تفعيل استخدام المعامل وانضباط العملية التعليمية بالمدارس    بالفيديو.. أسامة قابيل للطلاب: العلم عبادة فاخلصوا النية فيه    موتسيبي: التمويل سبب أزمة الكرة الإفريقية    «فرص لوظائف عالمية».. وزير التعليم العالي يهنئ «النيل للهندسة بالمنصورة» لاعتماده من «ABET» الأمريكية    نجم الأهلي السابق يكشف توقعاته لمباراة القمة في السوبر الافريقي    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 24-9-2024 في محافظة قنا    الإفتاء: الإسلام حرم نشر الشائعات وترويجها وتوعد فاعل ذلك بالعقاب الأليم    أبو الغيط يوقع مذكرة تفاهم الجامعة العربية ومنظمة التعاون الرقمى بنيويورك    غدا.. افتتاح معرض نقابة الصحفيين للكتاب    مريم الجندي: «كنت عايزة أثبت نفسي بعيدًا عن شقيقي واشتغل معاه لما تيجي فرصة»    أضف إلى معلوماتك الدينية| دار الإفتاء توضح كيفية إحسان الصلاة على النبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبكي على حكومة أم نبكي على شعب؟
نشر في بص وطل يوم 18 - 11 - 2012

في صباح هادئ عادي أيقظت الأم صغارها للذهاب إلى المدرسة كعادتهم كل يوم، منهم من قام في سرعة، ومنهم من تكاسل ووصل به تكاسله إلى حد الرفض للنزول إلى مدرسته، في عطف أمومي أصرت الأم على ذهاب الجميع إلى المدرسة..
لم تكن تعلم الأم أنها بدفعها أبناءها للذهاب إلى المدرسة أنها بعد دقائق قليلة سوف تجدهم أشلاء أمام أعينها، من ذهب برضاه ومن رفض وذهب وهو غير راضٍ عن ذهابه..
حسرة ليس بعدها حسرة نشعر بها نحن في قلوبنا ونحن لم نر سوى صور، ولم نسمع سوى روايات عن الحادث من تقطعوا أشلاء ولم تعرف هويتهم إلى الآن، ومن عرفت هويتهم بعد أن تقطعوا.
والأدهى والأمرّ وأحيانا يكون أسوأ من الموت ذاته أن يعيش طفل أو طفلة لم يتخطّ الحادية عشرة بنصف وجه مشوه وذراع مبتور، فحتى من نجا فقد نجا بعضهم بعاهات مستديمة طول الحياة، ويضاف إليها العاهة النفسية التي لن تفارقه أبدا..
هذا ما نشعر به نحن فما بال ما تشعر به الأم التي دفعت بطفلها لتنقذه من الجهل لتجد نفسها تلقيه إلى الهلاك والموت دون سبب جنته هي أو هو؟
قضاء الله نافذ مهما فعلنا ولو حاولنا الفرار منه، فنحن نفرّ من قضائه إلى قضائه أيضا، ولكن أن يكون القضاء نفذ بسبب إهمال فهذا ما لا يرضاه الله ولا يرضاه البشر..
لم تجفّ دموعنا بعد، من بكائنا على أبناء غزة حتى نبدأ بكاء جديدا على أطفال أسيوط، ولكنا عندما بكينا أبناء غزة، عزّينا أنفسنا بأن الجاني عدو غاشم لا نتوقع منه إلا هذا وربما أكثر من هذا..
أما بكاؤنا على أطفال أسيوط فهو بكاء مختلف تماما، يبدأ بإهمال وينتهي بسؤال..
فلقد علمنا من التحقيقات أن عامل المزلقان كان نائما داخل غرفة خاصة به ولم يغلق المزلقان في لحظة قدوم القطار، مع أنه من المفترض أن يقوم بغلقه قبل قدوم القطار بعشر دقائق..
وقد قال سائق القطار إنه لم يشعر إلا والأتوبيس أمامه، وإنه لم يجد إشارات أو اتصالات تتعلق بمطالبته بالتوقف، بل أكد السائق في أقواله أنه لم يستطع التصرف؛ لأن وقوفه المفاجئ كان سيؤدي إلى كارثة أكبر، وهي انقلاب القطار، ووقتها كان سيموت المئات بدلا من أفراد الأتوبيس فقط..
وهكذا دفع السائق الأتوبيس أمامه، وهو يحكي كيف انطلقت صرخاته هو بشدة عندما سمع صرخات الأطفال داخل الأتوبيس، الذي دخل تحت عجلات القطار وتحطّم إلى قطع صغيرة، مما أدى إلى التصاق أشلاء ودماء التلاميذ بمقدمة وعجلات القطار، وجعل النيابة والأهالي يعثرون على بقايا الأطفال أسفل عربة القطار والقاطرة في صورة تدمي القلوب..
والذي يجب أن نتعجب له كيف يحدث ذلك؟؟ لقد كنا ونحن صغار عندما نمر على شريط القطار، نرى ذراعين من الحديد الثقيل على جانبي الطريق يُفتحان ويُغلقان أمام العربات أو حتى المارة، فلا يستطيع أحد أن يمر عبر الطريق مع إشارة ضوئية وصوتية واضحة، فكان من المستحيل أن يخطئ أحد أو يتسرع ويمر أثناء مرور القطار إلا شخص مفرد يمر أسفل الحاجز ويريد الانتحار.. كان هذا الحاجز يسمى السيمافور، وكان غلقه وفتحه عملا روتينيا لم نسمع يوماً عن قطار مرّ والسيمافور مفتوح أو عامل نام ولم يغلقه!
ومع الوقت اختفت الأذرع الحديدية، كنا نتوقع أن اختفاءها لإدخال تكنولوجيا جديدة أكثر دقة، ولكن ما حدث أنه تم تبديل الذراعين الحديديين الثقيلين بذراع خشبي خفيف، ثم تغيّر الحاجز مرة أخرى دون تطويره أيضاً، فأصبح الحاجز مجرد سلسلة حديدية خفيفة يقوم عامل المزلقان بشدها كحاجز وقت مرور القطار.
فلم يعد هناك حاجز ثقيل ولم يعد هناك إشارات ضوئية أو صوتية، ولم يعد حتى عامل المزلقان يهتم بسلسلته.
أين ذهبت هذه الأذرع؟ والتي كنت أتخيل أنها من المفترض على مر هذه السنين قد تحولت إلى شيء أكثر تقدما يمنع المرور أمام القطار بصورة قاطعة، وعلى فرض أنها لم يحدث بها أي تحديث إلا أنها مع بدائيتها كانت تمنع الكثير وتحافظ على الالتزام.
كيف تنفق الأموال على تأمين مباريات الكرة أو تأمين مواكب المسئولين ومنهم الرئيس، أو غلق مواقع على النت الكل يعلم أن الشباب الصغير سيفتحها بعد دقائق من غلقها، أو تهدر أموال في مناقشة غلق المحال أو فتحها، وكل هذه الأمور تأتي في درجة ثانية بعد حياة الإنسان؟
ألم يسمع هؤلاء عن فقه الأولويات؟؟ عن وجود أولويات في تطوير الحياة، وأنه بالتأكيد سلامة المواطن في الشوارع والمرور والقطارات وعلى الطرق أولوية أولى، كي يستطيع أن يصل بأمان إلى عمله ومدرسته ومسجده وكنيسته، كي يشعر بقليل من الأمن وهو يخرج من بيته ويتوقع العودة له.
كل ما حدث سببه الإهمال، ولكنه ليس إهمالا كأي إهمال، ولا يقتصر على عامل المزلقان فقط؟ أو سائق الأتوبيس حتى، بل في الوزارة المسئولة عن رعاية وتحديث الأجهزة الخاصة بالقطارات، بل وحتى يصل إلى أن تقع المسئولية على رئيس الوزراء؛ الذي اهتمّ بالأولويات الخطأ، ولم يُجِد اختيار وزرائه، بل نصل إلى الأعلى من ذلك ونقول إن المسئولية تقع أيضا على الرئيس نفسه؛ الذي اختار رئيس الوزراء الذي لم يضع معه خطة المرحلة الانتقالية الثانية التي تعيشها البلاد، ولم يؤكد أن أهمية الإنسان تأتي أولاً.
حقيقةً المسئولية تقع على عاتق كل هؤلاء؛ "فكلكم راعٍ وكلكم مسئول عن رعيته"، بل تقع المسئولية على عاتق الشعب المصري كله، فلن تكون هذه أول ولا آخر كارثة من الممكن أن تحدث..
وما دام الشعب كله أصبح يتسم بالإهمال والتسيّب، فقد أصبحنا بدلا من بكائنا على حكومة أصبحنا نبكي على شعب بأسره، فإن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيّروا ما بأنفسهم..
فمن يريد أن ينام عن المزلقان ينام، ومن يريد أن يسير عكس الطريق يسير، ومن يعطيك الخبز الذي لا تستطيع أكله يفعل ما يريد، ومن يلقي القمامة في الشوارع له كل الحق في ذلك.. ومع تقصير الحكومة لا تجد رادعا من ضمير أو من شعور شخصي لدى المواطن بالصواب والخطأ.
وفي النهاية فلقد خلعنا رئيسا لطلب "عيش وحرية وعدالة اجتماعية"، وبعد فترة طالبنا بإقالة المجلس العسكري؛ لأننا لم نحظَ بما طالبنا به، والآن وبعد أن انتخبنا رئيسا ما زلنا لم نرَ منه أي تغير يمس حياتنا للآن.
ما زلنا لم نصل لشيء جيد، نستطيع أن نقول إننا حظينا به للآن، ولن نصل ما دمنا جميعا لا نراعي ما هو المطلوب منا، الجميع يريد أن يأخذ ولا يريد أن يفعل الواجب عليه، الجميع من أعلى رأس في الدولة وحتى أصغر عامل بها، حتى وصل بنا الإهمال إلى قتل 51 طفلا بريئا بسبب الإهمال..
وعلى حد قول الشاعر:
نعيب زماننا والعيب فينا ... وما لزماننا عيب سوانا
ونهجو ذا الزمان بغير ذنب ... ولو نطق الزمان لنا هجانا
وليس الذئب يأكل لحم ذئب ... ويأكل بعضنا بعضا عيانا


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.