كل عام وأنتم بخير بمناسبة عيد الأضحى.. نتابع معكم الأسئلة التي تثار حول الأضحية، وأحكامها، تجيبنا عنها دار الإفتاء بأسلوبها المبسط وفهمها الواقعي الواعي لظروف المجتمع.. فتابعونا،،، ما الحكمة من مشروعية الأضحية؟ الأضحية شرعت لحِكَم كثيرة منها: أولا: شكرًا لله سبحانه وتعالى على نعمه المتعددة، فالله سبحانه وتعالى قد أنعم على الإنسان بنعمٍ كثيرةٍ لا تُعَدُّ ولا تُحصى كنعمة البقاء من عام لعام. ونعمة الإيمان ونعمة السمع والبصر والمال؛ فهذه النعم وغيرها تستوجب الشكر للمنعم سبحانه وتعالى، والأضحية صورةٌ من صور الشكر لله سبحانه وتعالى، فيتقرب العبد إلى ربه بإراقة دم الأضحية امتثالا لأمر الله سبحانه وتعالى، حيث قال جلَّ جلاله: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]. ثانيا: إحياء سنة سيدنا إبراهيم الخليل عليه الصلاة والسلام حين أمره الله عز وجل بذبح الفداء عن ولده إسماعيل عليه الصلاة والسلام في يوم النحر، وأن يتذكر المؤمن أن صبر إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام وإيثارهما طاعة الله ومحبته على محبة النفس والولد كانا سبب الفداء ورفع البلاء، فإذا تذكر المؤمن ذلك اقتدى بهما في الصبر على طاعة الله وتقديم محبته عز وجل على هوى النفس وشهوتها. ثالثا: ذبح الأضحية وسيلة للتوسعة على النفس وأهل البيت وإكرام الجيران والأقارب والأصدقاء والتصدق على الفقراء. وقد مضت السنة منذ عهد النبي صلى الله عليه وسلم في التوسعة على الأهل وإكرام الجيران والتصدق على الفقراء يوم الأضحى، فقد ثبت في الحديث عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من ذبح قبل الصلاة فليعد. فقال رجل: هذا يوم يشتهى فيه اللحم وذكر هَنَةً من جيرانه (أي حاجتهم للحم) فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عذره، وقال: عندي جذعة خير من شاتين، فرخص له النبي صلى الله عليه وسلم. [رواه البخاري ومسلم]. ما الحكم الشرعي للأضحية؟ اختلف الفقهاء في حكم الأضحية على قولين: القول الأول :وهو المختار للفتوى: أنها سنةٌ مؤكدةٌ في حق الموسر، وهذا قول جمهور الفقهاء، ومنهم الشافعية والحنابلة، وهو أرجح القولين عند الإمام مالك وإحدى روايتين عن القاضي أبي يوسف، وهو كذلك قول أبي بكر وعمر وبلال وأبي مسعود البدري وسويد بن غفلة وسعيد بن المسيب وعطاء وعلقمة والأسود وإسحاق وأبي ثور وابن المنذر، وهو المفتى به في الديار المصرية، وبه أخذت دار الإفتاء المصرية. واستدل الجمهور على السنية بأدلة: منها قوله عليه الصلاة والسلام: إِذَا دَخَلَت الْعَشْرُ وَأَرَادَ أَحَدُكُمْ أَنْ يُضَحِّيَ فَلا يَمَسَّ مِنْ شَعَرِهِ وَبَشَرِهِ شَيْئًا. [رواه مسلم في صحيحه]، ووجه الدلالة في هذا الحديث أن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: "وأراد أحدكم"، فجعله مفوضا إلى إرادته، ولو كانت التضحية واجبة لاقتصر على قوله: فلا يمس من شعره شيئا حتى يضحي. ومن الأدلة أيضا أن الشيخين أبا بكر وعمر رضي الله عنهما كانا لا يضحيان السنة والسنتين مخافة أن يُرى ذلك واجبا. [رواه البيهقي]، وهذا الصنيع منهما يدل على أنهما علما من الرسول صلى الله عليه وسلم عدم الوجوب، ولم يُروَ عن أحد من الصحابة خلاف ذلك. القول الثاني: أنها واجبة، وذهب إلى ذلك الإمام أبو حنيفة، وهذا المذهب هو المروي عن صاحبيه الإمام محمد بن الحسن والإمام زفر وإحدى الروايتين عن القاضي أبي يوسف، وبه قال من أئمة الفقهاء: ربيعة، والليث بن سعد، والأوزاعي، والثوري، ومالك في أحد قوليه. واستدل الحنفية على ذلك بقوله تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ} [الكوثر: 2]؛ فقد قيل في تفسيره: صلّ صلاة العيد وانحر البدن، ومطلق الأمر للوجوب، ومتى وجب على النبي صلى الله عليه وسلم وجب على الأمة؛ لأنه قدوتها. واستدلوا أيضا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: من كان له سعة ولم يضح فلا يقربن مصلانا. [أخرجه ابن ماجه]، وهذا كالوعيد على ترك التضحية، والوعيد إنما يكون على ترك الواجب. واستدلوا كذلك بقوله عليه الصلاة والسلام: من ذبح قبل الصلاة فليذبح شاة مكانها، ومن لم يكن ذبح فليذبح على اسم الله. [رواه مسلم في صحيحه]، فإنه أمر بذبح الأضحية وبإعادتها إذا ذكيت قبل الصلاة، وذلك دليل الوجوب. وما زلنا مستمرين معكم في عرض الأسئلة المهمة حول الأضحية وإجابة دار الإفتاء عنها، تقبل الله منكم كل عمل صالح.. طالع هنا مزيدا من الأسئلة عن الأضحية وإجاباتها