أعدها للنشر.. عمرو حسن - أحمد صالح - محمد صلاح - دعاء رمزي - مروة سالم نحن في حاجة لترميم أخلاقي.. "الردح" بين الشيوخ شيء محزن و مخزٍ.. إنفاق الزوجة تفضُّل منها ولكن دون منّ أو أذى.. غاضبة من نساء هذا العصر لأنهن أصبحن متمردات. تحدثت الدكتورة آمنة نصير في الحلقة الماضية عن الآثار التي ترتبت على سفر كثير من الرجال إلى بلاد البترول.. وتساءلت عما عدنا به من هناك... وأجابت بأننا عدنا بأكثر من شيء؛ منها: المظهرية، والتفكك داخل المجتمع.. وأصبحنا جميعنا لدينا حالة من الاستغناء عن بعضنا البعض، وفقدنا الإحساس بالرضا. وأكدت أن المؤسسة الدينية التي تحمي انفراط عِقد المجتمع تنازلت عن كل مقومات القوة، فأصبح عِقد مجتمعنا منفرطا، لم يعد لدينا ذلك التماسك المجتمعي القوي الذي كان موجودا لدى شباب الخمسينيات والستينيات؛ حيث كنا نتمتع بالرضا والانتماء.. وفي هذه الحلقة تستكمل د. آمنة نصير حديثها حول وضع مجتمعنا الذي أصبح أكثر حاجة إلى "الترميم".. نحن في حاجة لترميم أخلاقي أقولها بصدق وعيني على المجتمع جيدا، نحن نحتاج لترميم أخلاقي، نحتاج لترميم المؤسسة الدينية، نحتاج لترميم المؤسسة السياسية، نحتاج لترميم الجيران، نحتاج لترميم الذات، تعالوا كلنا نرمم بعضنا البعض وأن "يطبطب" كل منا على الآخر.. فكلنا متعبون في قرارة أنفسنا، فلا بد أن أتعلم كيف "أطبطب" على من حولي، وأشعره بشيء من الحنان. فالأم والأب يحتاجان من الأبناء أن "يطبطبوا" عليهما، والزوج يحتاج من زوجته أن "تطبطب" عليه. أن يقول لها "يا نور بيتي"، فترد عليه وتقول له: "يا نور حياتي". فهذا الكلام البسيط لا بد أن نتعلمه، فما أبسط أن يقول الزوج لزوجته: "لما بادخل البيت وإنتي مش فيه باحس الدنيا فاضية عليّ" وسيلاحظ وقع هذه الكلمات عليها، وستغسل نفسها من متاعب النهار. وهي تقدم له "طبق فول حتى" ويقول لها: "والله كأنه شهد من إيديكي". يا جماعة نودّ أن نتعلم الكلمة الحلوة، فالكلمة الطيبة صدقة، وإسلامنا ليس لحية وحجاباً فقط؛ لكن الإسلام سلوك، ولنا في رسول الله قدوة عندما كان صلى الله عليه وسلم يمازح السيدة عائشة ويسابقها وتسابقه، ولا نقول إنه الرسول ويستطيع ما لا نستطيعه، فهو قدوة لنا ولا بد من اتباع سنته، فكلنا نحتاج للحنان. الحياة مليئة بمنافذ كثيرة وحلوة؛ لكن المشكلة أننا لا نعرف كيف نستثمرها. فأنا أتعجب حين أرى عريسا وعروسة، تملأ الفرحة عيونهما، ويظللهما حب الدنيا، ثم يختفي كل هذا تماما بعد شهر أو شهرين، ونجد أن كآبة الدنيا تملأهما فلماذا يحدث هذا؟ ومن خبرتي أن البيوت مثل الزرع الأخضر، تحتاج للرعاية والتخلص من الأوراق الصفراء، وأن أتعهدها بالرعاية من ماء وسماد، فالبيوت تحتاج لكلمة الحب والكلمة الحلوة، والعشرة الطيبة والتغيير من وقت لآخر وبأبسط شيء، فلا أقول يذهب الزوج بزوجته لمسرح ويدفع 100 جنيه لكن مجرد الابتسامة بعد العودة من العمل "بالدنيا وما فيها"، وعندما ترى ابنك نظيفا، ويرتدي ملابس جميلة.. تقول: "تسلم إيدين ماما اللي لبستك" فلنتعلم هذا. لابد أن نفيد الناس ونكون أشجارا مثمرة "الردح" بين الشيوخ شيء مخزٍ ومحزن "الحصيرة واسعة" وتَسَع الكل، وكل واحد من هؤلاء سيستفيد من هذا، ليس من اللازم أن يكون الداعية بالعمّة، لكن هناك ناس أحبت الشباب أكثر من الشيوخ أمثالي، فلا بد في رأيي أن نخرّج دائما باحثين وباحثات، وأن نفيد الناس ونكون أشجارا مثمرة، وإلا فالقطع أولى، فلا بد من تخريج أجيال جديدة شابة وإعطائهم.. وإلا ما استحققنا الحياة. هل إنفاق الزوجة تفضُّل؟ نعم إنفاق الزوجة تفضُّل منها، ويجب أن يكون دون منٍّ وأذى، وأنا أتشدد جدا مع السيدات في هذه النقطة، وأقول إن الزواج سكن ومودة ورحمة، وهناك نهي عن المنّ والأذى على الأقل لأولادي ولزوجي، فلا بد أن نتعلم هذه الفضائل، فهي ضرورية فلا قيمة لمظهري ولا صلاتي دون أن تنهاني عن الفحشاء والمنكر، وسوء العشرة مع الزوج والعشير أو سوء العشرة مع جيراني. ومن ناحية أخرى لا بد أن يكون عند الرجل إباء وكرامة ولا يأخذ من زوجته غصبا عنها، فكم سيدة تقول لي إن زوجها أول كل شهر يفتح حقيبتها، ومع ذهولي أسألها: هل تدفعيه لهذا بسبب عدم وضوحك معه؟، وتقول لا، فلا بد من ناحية أن تكون الزوجة واضحة وتساهم عن طيب خاطر، وأن يكون الزوج ذا كرامة وإباء، فما ستدفعه المرأة سيكون لابنها أو ابنتها، وللتوسيع عليهم فلا يوجد راتب ينفع بمفرده. ما رأي حضرتك في مبرر الرجل الذي يقول إنه يستحلّ راتب زوجته بسبب أن وقتها الذي تقضيه في العمل هو ملك له، وبالتالي من حقه أخذ تعويض عن هذا الوقت؟ أنا أكره هذه الفتوى فهو لم يشترِها "عبدة دافع ثمنها"، ولا بد أن تعمل لديه كأجير، فعندما قال الشيخ الشعراوي رحمة الله عليه هذا الكلام عارضته وقلت له لا تُشعرني أني أمة اشتريتها، ولا تريد أن تفرط في وقتها فهذا عيب ولا يجوز هذا، وعندما قال لي: ألا أتعصب للسيدات نفيت هذا وأكدت أن هذا ليس تعصبا؛ فالإسلام يعطي كل ذي حق حقه، وأنا كامرأة لا يوجد لديّ ما يقابل هذا الكلام عن الرجال فهذا يعتبر عدم أمانة في قولي، فلا بد أن يكون حصول الزوج على مرتب زوجته بإباء وكرامة وبتفضّل من المرأة، ووافقني رحمه الله على ذلك، وأعجبته كلمة تفضّل فهي ليست ملزَمة شرعا؛ فالملزم هو الرجل لكن هي لا بد أن تكون متفضلة ودون من وأذى، ولا تتطاول عليه وتقول إنها مثله مثلها؛ فالرجل هو كبير البيت وستكون هي المستفيدة من هذا هي وأبناؤها فلا بد أن يكون للبيت رأس، ولا بد أن يكون الرجل هو الكبير لمصلحة المنزل والأسرة، فلو هدمت الزوجة هذه القدوة، ورمز الرجولة ستهدم المنزل، وتؤثّر سلبا على أولادها. وقلت مرة في محاضرة الأزهر في الحسين وأكرر أني غاضبة من نساء هذا العصر رغم أني قضيت أكثر من ثلاثين سنة أكتب في صالحهن؛ لأن امرأة هذا العصر أصبحت متمردة، وخرجت عن لياقة الشريعة الإسلامية التي هي قمة العدل في علاقتها بالرجل، فلا يجب أن تردّ عليه بخشونة، وهو أيضا لا بد أن يقابلها بوجه بشوش، ولا يكون متجهما معها رغم بشاشته وضحكه مع زملائه وأصدقائه. فلا بد أن نعيد الأخلاقيات القديمة التي تربينا عليها في بيوتنا ولا نقف أمام بعضنا البعض. الرجل يريد أن يفعل فعلته ويهرب والبنت "خايبة" وتقع مثل الهاموشة نعم يُنسب ابن الفراش لأمه كان هناك اقتراح من حضرتك أن ابن الفراش ينسب لأمه حماية له من الضياع النهائي، ألا ترين أن هذا سيؤذيه في المستقبل، وسيكون معروفا أن كل من هو منسوب لأمه هو ابن فراش؟ هذه القضية عشت فيها السنة الماضية، ورأيي ليس بهذه الصورة فهناك بعض الخلط، فالآن هناك ما يعرف باسم الحامض النووي، وأول ما ظهر اعتبرته شيئا رائعا، ولا يجب أن يتم محاربته؛ فهذا فِكر رجالي؛ لأن الرجل يريد أن يفعل فعلته ويهرب، ولا يهتم بما يحدث لها أو للجنين، لكن مسئوليتهم مشتركة في الخطأ.. صحيح أن البنت تكون "خايبة" وتقع مثل الهاموشة، فصحيح أن التبعات عليها أكثر لكن المسئولية مشتركة، ففي بلادنا وخصوصا في الصعيد بمجرد أن تحدث هذه الجريمة لا يسألون الفتاة عن شريكها ولكن يقتلونها وتقطع تقطيعا، رغم وجود طرف آخر كما أن الشرع سوّى بينهم، وقال: {الزانية والزاني}، وهناك من قال إنه قال "الزانية" في البداية، وهذا بالطبع كلام الله تعالى ولا اعتراض، لكنه سوّى بينهم في الحكم في النهاية وهذا شرع الله. ففي عهد الرسول صلى الله عليه وسلم كان له تصرف معين في وضع اللقيط، وهو ما استندت عليه في رأيي؛ فهو صلى الله عليه وسلّم كان يستخدم "القائف". فمن هو "القائف"؟ هو شخص لديه فراسة عالية جدا، ويستطيع من شبه الطفل ومن تتهمه والدته أن يعرف هل هو والده أم لا، وهذا كان حال العرب قديما، فقد كانت لديهم فراسة يستطيعون بها أن يقتفوا الآثار ولو مر عليها أيام وسنوات. فالرسول عليه الصلاة والسلام استخدم "القائف"، فإذا وجد "القائف" أن هناك شبها بين من تتهمه الوالدة والدا لطفلها وبين الطفل يلزمه صلى الله عليه وسلم بالإنفاق عليه وأن ينتسب له، وعمر بن الخطاب وسيدنا عليّ رضي الله عنهما استخدموا القرعة ولا يوجد أكثر من هذا تبسيطا لمراعاة حقوق هذا الطفل الذي جاء للحياة ولا ذنب له في جريمة والده ووالدته ولا نحمله ذنبا لم يجنِه ولم يختر شيئا، ويقول الله تعالى: {ألا تزر وازرة وزر أخرى}، فأنا أفعل مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم مع التأكيد على أن ال"دي إن إيه" أكثر دقة بالطبع من "القائف"، ومن القرعة واحتمالات خطئهم الكثيرة. فالعلماء ورثة الأنبياء ولا بد للعلماء أن يفيدوا الناس بعلمهم، وعندما أعطانا الله تعالى هذا العلم، ومكّننا من أن نعرف انتساب الطفل لوالده من فصيلة الدم فلا بد أن نستخدمه وأن ننسب الطفل لأبيه إذا استطعنا أن نُخضعه للفحص، على الأقل فلا يفرّ بفعلته؛ فهو مشارك في هذه الجريمة، ولا بد أن يتحمل مسئوليته وينفِق عليه، لكن فرضا أنه فعل ما فعل واختفى أو كانت حالة اغتصاب، فكان قانون الطفل والذي ساهمت فيه بأكثر من رأي مع الدكتور "الدقاق" رئيس محكمة الإسكندرية، أفاد أن يتم منح اللقيط أي اسم كامل بعيدا عن اسم أمه، ويكتبوا اسم الأم كاملا، فمن ناحية لن نخلط الأنساب، ومن ناحية أرشدت الطفل لفرع من نسبه، وقد يأتي يوم وتحن عليه أو يأتي يوم وتجد والده أو تتحسن ظروفها، فهذا يمنح الطفل فرعا من نسبه فلا يضيع تماما أو يخضع للتعميد. فالأم باليقين أمه ولا توجد بها لخبطة، فنكتب اسمها كاملا، فيلزمها بتحمل مسئوليته حتى لو وضعته في أي مؤسسة وتزوجت أو لم تستطِع كفالته لكنها ستكون عالمة بمكانه لأنه منسوب إليها.
فهذه مجرد شمعة للطفل المسكين الذي لم يرتكب جرما، ولم يكن له ذنب في خطأ ما. وفي ختام الندوة أنا سعيدة بكم، وبالشمعة التي أضاءت بيني وبينكم، وأتمنى إننا كلنا نرمم بعض، وأن نسمح للعنصر الطيب بداخلنا كمصريين أن يخرج للنور، ونوزعه على بعض، ونتعلم الحنان المتواصل بينا وبين من حولنا سواء أكانت أما أو زوجة أو زوجا أو ابنا أو أخا.. فيا ليتنا كلنا نحنّ على بعضنا البعض و"نطبطب" على بعض ونزرع الحب والمودة بيننا، وأنا سعدت بكم وبلقائكم، وأتمنى أن العمر يمتدّ وأقابلكم من جديد إن شاء الله،،،