أ ش أ صرح الدكتور حسن نافعة -أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة- بأن هناك تحديَيْن متمثلين في كتابة الدستور وإجراء الانتخابات البرلمانية بنزاهة، مؤكدا أنه إذا تمكّنت مصر من التغلب على هذين التحديين فإنها ستعبر لبر الأمان. جاء ذلك في مستهل الندوة التي نظّمتها أمس (الأحد) اللجنة المصرية للتضامن حول "مشروع إعداد الدستور" وأدارها الدكتور حلمي الحديدي، وشارك بها عدد من الشخصيات السياسية البارزة منها: دكتورة ميرفت التلاوي أمين عام المجلس القومي للمرأة، والدكتور حسن نافعة، والقيادي الوفدي عصام شيحة، وعماد أبو غازي أمين عام حزب الدستور. وأضاف أن الجمعية التأسيسية بتشكيلها الحالي لا تزال تعكس خللا ولا تعبّر عن كل أطياف المجتمع المصري، فضلا عن أن العوار القانوني لا يزال موجودا في الجمعية الثانية، لافتا النظر إلى احتمال صدور حكم قضائي يقضي ببطلان الجمعية التأسيسية. وأوضح أن الاتجاه العام أن يؤخذ بالنظام المختلط بين البرلماني والرئاسي، ولكن مكمن القضية يتمثّل في تحديد حجم صلاحيات وسلطات الرئيس والبرلمان حتى لا يتحوّل رئيس الدولة إلى فرعون جديد. وقال نافعة إن المناخ السياسي في مصر ليس مناخا مطمئنا لكتابة دستور قوي؛ محذّرا في الوقت نفسه من حدوث فوضى سياسية قد تجرّ البلاد إلى الهاوية. من جانبه، قال الفقيه الدستوري الدكتور يحيى الجمل إن الدستور هو البنيان الجسدي لأي دولة، فضلا عن أن الجمعية التأسيسية هي التي تنشئ السلطات ولا ينشئها أحد. وأضاف أن مصر تعاني من حالة اضطراب شديدة، متسائلا: "إلى أي مدى يسوء بنا الحال؟". وأوضح أن هناك فرقا بين مبادئ الشريعة الإسلامية وأحكام الشريعة الإسلامية؛ لأن المبادئ تكون ثابتة ولا تتغيّر ولا تتبدّل؛ أما الأحكام فتتغيّر وفقا لما تطرأ عليه الظروف في زمن وآخر ووفقا التغيّرات الاجتماعية. بدورها، أشارت ميرفت التلاوي -أمين عام المجلس القومي لحقوق الإنسان- إلى أن المجلس مستاء من عمل الجمعية التأسيسية للدستور؛ لأنها لم تأخذ بتوصيات المجلس، فضلا عن عدم وجود تمثيل له داخل الجمعية؛ حيث تم ترشيح 30 اسما، ولم يتم الاستعانة بأي من هذه الأسماء. وأضافت التلاوي أن حقوق المرأة يجب أن تكون مصانة ومحصنّة في الدستور الجديد حتى لا تمثّل حقوقها منحة يهبها رئيس الجمهورية أيا كان، موضّحة أنه لا بد أن ينصّ الدستور على أن مصر دولة مدنية ديمقراطية تحترم حقوق المرأة والأقليات، وتنبذ كل أشكال التمييز بسبب الجنس واللون أو العقيدة. وانتقدت ميرفت التلاوي المادة 36 من مسودة الدستور والتي تنصّ على الحفاظ على حقوق المرأة بما يتوافق مع أحكام الشريعة الإسلامية، مشيرة إلى أن هذا الأمر سيفتح الباب أمام فتاوى وأحكام متغيّرة قد تنال من حقوق المرأة التي كفلها لها الدين الإسلامي الحنيف. في السياق ذاته؛ أعرب عصام شيحة -القيادي بحزب الوفد- عن يقينه بحل الجمعية التأسيسية للدستور لوجود عدة طعون؛ أهمها حلّ مجلسي الشعب والشورى، ومن ثم بطلان الجمعية التأسيسية التي خرجت من المجلسين المنحلين. وفي نفس الصدد، اعتبر الدكتور عماد أبو غازي أن الشعب المصري يقف أمام مسودات مختلفة للدستور بها مواد ليست محددة وفضفاضة، مشيرا إلى أهمية تحقيق مبادئ حاكمة تنصّ على المساواه والحقوق والحريات، وتجرّم كل أشكال العنف والتمييز والتعذيب وحرية العقيدة وحظر استخدام دور العبادة لأغراض سياسية، وتحافظ على حقوق المواطن في الحصول على تعليم وخدمات ورعاية طبية متميزة. واختتم الندوة الدكتور حلمي الحديدي قائلا إن التيار الإسلامي ليس مخيفا، ولكن ما يقلق هو حالة التشرذم والتفكك التي تصيب باقي القوى الثورية، فلا يوجد زعيم خارح التيار الإسلامي تلتفّ حوله التيارات الليبرالية المدنية؛ معربا عن أمله في صياغة دستور ينبض بالواقع ويعبّر عن آمال وطموحات الشعب.