د.عمرو الشوبكي سقط 16 شهيداً من رجال الجيش المصري وهم مرابطون على حدود مصر الشرقية في كمين نصب وقت الإفطار من عناصر إرهابية اعتادت القتل والإجرام منذ عقود طويلة، ودفعت القوات المسلحة من دماء أبنائها ثمن التخبط والمراهقة والإدارة السياسية الفاشلة للإخوان وغيرهم، ومارس البعض إهانة مشينة بحق أفرادها، ونسي أو تناسى أن بفضل رجالها نجت مصر من السيناريو العراقى والليبى والسوري، ومازال البعض غير راغب في أن تنجز مصر عملية تحول ديمقراطي دون أن تنهار دولتها ويتخلخل جيشها لندفع جميعا ثمنا لا يرغب غالبية الشعب المصري في دفعه. المؤكد أن ما جرى في سيناء يأتي في وقت دفع فيه الجيش المصري ثمن غياب التوافق والدعم السياسي لشرعية تحركه من أجل مواجهة الإرهاب والإرهابيين، بعد أن طالت المزايدات ونظريات المؤامرة كل شيء، بما فيها كرامتنا المصرية وشرف المؤسسة العسكرية الشامخة. إن مصر ليست بحاجة إلى بيانات شجب وإدانة من مؤسسة الرئاسة كما تفعل الدول الصديقة، إنما إلى خطة عمل واضحة المعالم لتحرك الجيش المصري في سيناء للقضاء على بؤر الإرهاب مدعومة من كل الشعب المصري، وفتح ملف سيناء الاجتماعي بصورة تضع أهلها على سلم أولويات التنمية في مصر. نعم الجيش يحتاج إلى غطاء سياسي ودعم معنوي هائل حتى يستعيد قدرته على الحركة والفعل دون أن يكون في موضع الاتهام، ودون أن تضع الصراعات والمزايدات السياسية تحركه في مواجهة الإرهاب كأنه ضد فلسطين وضد حماس وضد الإسلاميين، فيقف في النهاية مغلول الأيدي غير قادر على الحركة والفعل. نعم هناك إرهابيون فلسطينيون، وهناك أيضا إرهابيون مصريون، وهؤلاء لا علاقة لهم بحماس ولا الإخوان المسلمين، فمهما اختلفنا معهما يجب ألا يلصق البعض، بصورة مباشرة أو غير مباشرة، تهمة الإرهاب أو التواطؤ معه بأي منهما. إن غياب التوافق السياسي بين القوى السياسية والذي أخذ الجيش "كملطشة" لصراعات النخب السياسية، وتفنن البعض وهو جالس في غرفه المكيفة، أو صارخا فى وقفة احتجاجية، أو متحدثا فى الفضائيات عن إهانة الجيش الذي حماه وحمى عرضه ولا يعرف الثمن الذى دفعته الشعوب الأخرى حين انقسمت أو تفككت جيوشها. على مصر أن تفخر بجيشها الوطنى وتدعمه بلا حدود وألا تنسى أن هذا الجيش أثبت من الناحية المهنية انضباطاً لافتاً لم تعرفه كل جيوش الثورات العربية ما عدا تونس التي لم يكن لجيشها أي دور في العملية السياسية، فقد حافظ على تماسكه وانضباطه منذ الثورة وحتى الآن، فلم نر فرقة ثورية تواجه أخرى "مباركية"، إنما مؤسسة منضبطة تقف على قلب رجل واحد مثل كل الجيوش المحترمة في العالم، وتجاوزت مخاطر كثيرة كان يمكن في أي لحظة أن تؤدي إلى انقسام الجيش ويسقط مئات الآلاف من الضحايا وتضيع مصر. نعم أفضل أن يكون جيش بلدي مهنياً ومنضبطاً عن أن يكون سياسياً ومنفلتاً، وهذا هو الفارق بين الدول الديمقراطية المتقدمة التي احترمت نفسها وشعوبها، وبين تلك المتخلفة التى بنت الجيوش العائلية والثورية حتى أوصلت بعضها إلى ما يشبه العصابات المسلحة. رحم الله شهداء الوطن في رفح وتحية إعزاز واعتذار لكل ضابط وجندي سهر على أمن كل مواطن مصرى، وقوبل بنكران جميل أو عمي أيديولوجي، وأن دعم هذا الجيش ليلعب دوره في حماية أمن هذا البلد بعيدا عن السياسة هو فرض عين وواجب على كل مواطن مصري. نُشر بجريدة المصري اليوم بتاريخ 7-8-2012