قضت محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة فرع بنها أمس (الأربعاء) حكمًا بوقف إجراءات الانتخابات الرئاسية، وذلك لأن لجنة الانتخابات الرئاسية هي التي دعت المواطنين المقيدين بالجداول الانتخابية للإدلاء بأصواتهم يومي 23 و24 مايو المقبل، على الرغم من أن الإعلان الدستوري المعمول به في البلاد يقول أن رئيس الجمهورية أو من يقوم بدوره –أي المجلس الأعلى للقوات المسلحة- هو المنوط به وحده دعوة الناخبين للإدلاء بأصواتهم.. وبذلك.. تكون لجنة الانتخابات الرئاسية قد قامت بعمل ليس من اختصاصها، بل هو من اختصاص المجلس العسكري، ولذلك قضت المحكمة بوقف إجراءات انتخابات الرئاسة!!
كثير منّا عندما سمع عن هذا الحُكم، شعر بأن المرحلة الانتقالية لن تنتهي، وأن الانتخابات لن تجري، وكل الآمال في تسليم الدولة لسلطة مدني في موعد أقصاه 30 يونيو المقبل قد تبددت...
ولكن وباختصار نشرح ببساطة كيف يمكن الخروج من هذه الأزمة..
ولكن .. وقبل أن نشرح كيف يكون المخرج
وجب التنويه شرحنا لهذه المخارج الثلات لا يعني أبدًا تعليق أو انتهاك لأحكام القضاء، بل هو أولاً: يستهدف إزالة الغموض لدى القارئ والإجابة على التساؤلات التي بدرت إلي ذهنه فور صدور هذا الحكم، وثانيًا: أن هذا الحكم يُعد من الناحية القانونية حكمًا مبدئيًا لأنه صادر عن درجة قضائية أولى، أي يجوز الطعن عليه من قبل أصحاب الشأن الصادر ضدهم هذا الحكم وهم "لجنة الانتخابات الرئاسية"، وما سنورده تفصيلاً في السطور القادمة هو كيفية الطعن على هذا الحكم، وفي النهاية هو حكم واجب الاحترام ولا مناقشة في ذلك، ولكنه جائز الطعن أيضًا.. ولذلك وجب التنويه.. المخرج الأول السريع والبسيط هناك مخرج سريع وبسيط وفوري وعاجل.. وهو أن يخرج المشير محمد حسين طنطاوي –رئيس المجلس الأعلى للقوات المسلحة- في صباح يوم الخميس بدعوة الناخبين المقيدة اسماؤهم في جداول الانتخابات بالخروج للإدلاء بأصواتهم يومي 23 و24 مايو المقبل في الجولة الأولى لانتخابات رئاسة الجمهورية، على أن تكون الجولة الثانية 16 و17 يونيو المقبل..
وبهذا.. يكون سبب الحكم (حيثيات الحكم) التي استندت إليها محكمة القضاء الإداري فرع بنها بوقف إجراءات انتخابات الرئاسة قد زالت، وتجرى الانتخابات في موعدها وكأن شيئًا لم يكن.
وهذا ما أكده المستشار محمد حسن -رئيس المكتب الفني لمحاكم القضاء الإدارى- حيث قال "إذا قام المجلس العسكري بإصدار قرار بدعوة الناخبين لإجراء الإنتخابات بدلا من اللجنة العليا لإنتخابات الرئاسة، فيمكن إجراء الإنتخابات فى موعدها".
المخرج الثاني.. المادة السحرية في الإعلان الدستوري "تتولى لجنة قضائية عليا تسمى لجنة الانتخابات الرئاسية الإشراف على انتخابات رئيس الجمهورية... وتكون قرارات اللجنة نهائية ونافذة بذاتها غير قابلة للطعن عليها بأي طريق وأمام أي جهة، كما لا يجوز التعرض لقراراتها بوقف التنفيذ أو الإلغاء، كما تفصل اللجنة في اختصاصاتها..." ماسبق كان جزء من نص المادة (28) من الإعلان الدستوري، والتي جاءت وفق تعديلات دستورية وافق عليها أكثر من 77% من الناخبين الذين خرجوا لأول مرة منذ 30 عامًا بأعداد غفيرة للإدلاء بأصواتهم في هذه التعديلات..
المادة وكما سبق ذكرها، تحمى اللجنة من أي حكم يصدر بالطعن على قراراتها بأي طريق( سواء برفع دعى ضد اللجنة أو تقديم طعن على قرار صدر منها) وأمام أي جهة (حتى لو كانت هذه الجهة هي القضاء الإداري).. وبهذا تكون اللجنة محصنة بحصن منيع من أي حكم أو قرار يصدر ضدها.. وتكون كما ورد بنص المادة (28) هي الحكم في اختصاصها.. والحل ببساطة أن تعلن اللجنة رفضها لهذا الحكم، لأنه ليس من اختصاص محكمة القضاء الإداري الفصل في قرارات اللجنة، وربما هذا ما أعلنته اللجنة مساء أمس عندما أصدرت تصريحًا مقتضبًا بعد صدور حكم وقف إجراءات انتخابات الرئاسة، حيث أعلنت في هذا التصريح المقتضب أن الانتخابات الرئاسية ستجري في موعدها..
المخرج الثالث والأخير.. الطعن أمام الإدارية العليا.. حكم وقف إجراءات الانتخابات الرئاسية صدر من دائرة أولى بمحكمة القضاء الإداري، أي يحق ل"صاحب الشأن" -وهو في هذه الحالة اللجنة العليا للانتخابات الرئاسية- أن يقوم بالطعن على حكم المحكمة أمام الدرجة الأعلى وهي المحكمة الإدارية العليا..
أي إذا قامت لجنة الانتخابات الرئاسية بالطعن ضد حكم وقف الانتخابات الرئاسية، أمام المحكمة الإدارية العليا، وأعطت أسباب وجيهة للطعن، ستقضي المحكمة بإبطال الحكم، وستجري الانتخابات في موعدها..
حاولنا في السطور الماضية باختصار قدر الإمكان أن نزيل إبهام وغموض عاش فيه القارئ طوال الساعات الماضية، خوفًا من أن تلغى أو تؤجل الانتخابات الرئاسية، خاصةً بعد أن قرر معظمنا لمن سيعطي صوته في هذه الانتخابات.. اللهم ولِّ من يصلح.. ولا تولِّ علينا فاسدًا أو ظالمًا..