أنا لا أنام ولا أشرب من كتر تأنيب الضمير على ما فعلته.. الحكاية من الأول أن لي صديقة بحبها من عشر سنين معرفة وأصدقاء بس كنا في الغالب قط وفار. المهم هي كانت مريضة بالفشل الكلوي والكبد وأكتر من مرض وأنا كنت في الأول حنونة معاها جدا وهي كانت بتقول إنها بتحبني؛ لأن الكل بعد عنها؛ لأن شكلها بقى مريض جدا واسودّت وعيناها كمان بان عليها المرض. المهم في آخر أيامها بأسبوعين عاملتها وحش مع إني ماكنتش باعمل كده لأنها كانت بتصعب عليّ جدا لمرضها، وبُعد الناس عنها، وهي كانت مخلصة جدا لواحدة حقيرة زيي.. أيوه حقيرة؛ لأني عملت إنسانة مريضة بجفاء وقسوة، وضيعت المعاملة الطيبة في النهاية وقفت جنبي كتير ما أنكرش بس أنا بطبعي باخاف من الأمراض موسوسة زي عبد الوهاب كده.. المهم في النهاية كانت بتيجي الشغل عندي وكنت باعاملها بجفاء مش في طبعي، والآن باندم أشد الندم ولا أستطيع أن أكفّ عن البكاء ساعة فقط لأني حاسة إني حقيرة جداااااااااااااااااااااااااا المهم صاحبتي ماتت أيوه ماتت ومن وقتها وأنا لا أكفّ عن البكاء وأراها أمامي وهي تستجديني لأكلمها كويس وأتمنى أن تعود الآن لحظة لتعرف كم أحبها جدا.. أنا حاسة إني أحقر إنسانة في الدنيا؛ لأني كده فعلا لم أرعَ مرضها وضعفها ووحدتها ليه عشان الشغل؟ عشان الخوف اللي عندي؟ أعمل إيه من عذاب ضميري، وصورتها اللي أمامي دلوقتي وهي جاية تعاملني بكل ذوق، وتعرض عليّ رسايل من موبايلها في شغلي وأنا أكلمها بجفاء عشان تمشي وماتجيش الشغل تاني عشان المدير والأسباب الأخرى اللي ذكرتها بالله عليكم أعمل إيه؟ اللي حواليا بيقولوا إنتي هتموّتي نفسك خلاص.. أكيد هتسامحك؛ لأنك من عشر سنين كويسة معاها وإنتي الوحيدة اللي كنتِ معاها بعد ما الكل بعد عنها.. بالله عليكم ردوا عليّ بسرعة بالله عليكم؛ لأن الإحساس بالذنب هيقتلني..
theonly_cat لا شك أنك تذوقين طعم الندم وكان يجب أن تتذوقيه وتشعري بمرارته حتى يستقيم أمرك وتتعلمي درس عمرك.. وبقدر ما فيك من إنسانية وضمير يقظ كان حزنك وألمك.. وأما عن تكفيرك عما فعلتيه فبالدعاء لها والاستغفار لأجلها والتصدق على روحها، ثم من المهم أن تصلي أمها إكراما لها، ومهما كان ما فعلت فالله يغفر الذنب ويستر العيب ويقيل العثرات. ولأن تجربتك هذه لا تتكرر كثيرا بنفس التفاصيل عليك أن تعتبري الدروس التي تخرجين بها منها هي دستورك في الحياة، فما الذي نخرج به من هذه التجربة: أولا إن العمر بيد الله لا يعلم نهايته إلا هو وإننا قد تسقط ورقتنا من فوق شجرة الحياة في لحظة، فعلينا الاستقامة مع الله وأداء العبادات والقيام بالطاعة حتى لا نندم في الآخرة أشد الندم. ثانيا درس مهم جدا في معاملاتك مع الخلق وهو ألا تسيئي لأحد مهما كان؛ لأن من تسيئين إليه قد يغيب ولا تجدين الفرصة للاعتذار أو ينفع الندم. ومن هنا تمتلئ حياتك بالحب، فلتعملي على ألا تأخذي موقفا متشددا من أحد فالعمر قصير والمرض أو الموت قد يصيبان الإنسان في لحظة فتتغير حياته أو يرحل عن الدنيا فلتعملي على أن يكون رحيلك حينما يأذن الله رحيل السعداء لا رحيل التعساء الذين أساءوا لأنفسهم بإساءتهم لخلق الله. ولتحرصي على معاملتك الطيبة مع أهلك وأصدقائك ومع زوجك بإذن الله ومع من تقابلين من العبادة على قدر الاستطاعة تسعدين في الدنيا والآخرة.. فإن صدقت في نيتك وصدقت في استغفارك وقررت أن تتخذي من هذا الدرس قُربى إلى الله وتقربا للناس بالحسنى وزيادة مساحة التسامح في قلبك وهبك الله راحة قلبك وأزاح عنك همك وأسعدك بطيب توجهك.. شيء أخير أود أن أذكرك به أن المرض مهما كانت أسبابه فهو أمر لا محيد عنه والشفاء بيد الله ولا مهرب من قدر الله أبدا مهما احترزنا فلتخففي على نفسك من القلق، والوسوسة، ولتتذكري أن عبد الوهاب الذي ظل يحتاط من كل شيء سقط بطرف السجادة ومات.. فإن راودك القلق والوسواس فرددي في نفسك قوله تعالى: {فَاللَّهُ خَيْرٌ حَافِظًا وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ}.