أ ش أ رفض عدد من الشخصيات العامة والحقوقيين الآلية التي اختار بها أعضاء مجلس الشعب والشورى تشكيل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور، وأكّدوا أنهم سيُواجهونها بحملات دعائية وتوعوية لرفض الدستور الذي ستقوم بإعداده الجمعية، والذي مِن المقرّر أن يُطرح للاستفتاء العام على الشعب عقب الانتهاء منه. وأكّدت المستشارة تهاني الجبالي -نائب رئيس المحكمة الدستورية العليا- أن الدساتير التي لا تأتي بتوافق وطني قد تكون مقدّمة لثورة جديدة؛ قائلة: "أُؤيّد الرأي الذي كان يُطالب بانتخاب الهيئة التأسيسية بالكامل من خارج البرلمان بغرفتيه لأسباب قانونية وأسباب سياسية". وأضافت تهاني الجبالي: "من الأسباب القانونية أن عددا من الأعضاء مقدّم ضدهم طعون في صحة عضويتهم، ولم يبتّ فيها قضائيا حتى الآن، وبما أن أساس انتخاب حصة البرلمان في الجمعية التأسيسية هي العضوية؛ ففي حالة الحكم بعدم صحة عضوية أحد الأعضاء يُصبح الدستور مهدّدا، كما أن المحكمة الدستورية العليا تنظر طعن محال لها من المحكمة الإدارية العليا بشأن عدم دستورية بعض مواد قانون مجلس الشعب، وهو أيضا يهدّد الدستور الجديد في حال حكمة المحكمة بتأييد عدم دستورية بعض المواد في قانون المجلس". وأوضحت الجبالي أن الأعراف الدستورية والأحكام السابقة للمحكمة الدستورية العليا في أحد حيثياتها أكّدت أنه لا يجوز إنشاء دستور عبر سلطة ينظمها؛ لأن الدستور هو الذي يُنظّم عمل السلطات والعلاقة بينهم. مشيرة إلى أن أعضاء البرلمان لن يكونوا مستقلين ومحايدين تجاه النصوص الدستورية القادمة إذا ما تعارضت مصالحهم مع هذه النصوص؛ خاصة فيما يتصل بالتوجّه العام لإلغاء مجلس الشورى أو إعادة النظر في نسبة 50% عمّال وفلاحين، وكذلك تنظيم العلاقة بينه السلطات الثلاثة في الدولة. وعن الأسباب السياسية، قالت الجبالي إن البرلمان يعكس أغلبية واضحة للتيار الديني، ومن ثم فلا يجوز أن تكون هذه الغلبة السياسية مصدرا للهيمنة على التوجهات الدستورية القادمة؛ لأن هذا ينسف فكرة أن الدستور وثيقة توافقية لا تقوم على ممارسة الأغلبية السياسية. وصرّح محمود البدوي -رئيس الجمعية المصرية لمساعدة الأحداث وحقوق الإنسان- بأنه ليس من المنطقي أن تضع الدستور إحدى السلطات التي يُنظّم الدستور العلاقة بينها وبين السلطتين التنفيذية والقضائية، مشيرا إلى أن الدستور يحتاج إلى إعلاء قيمة المشاركة في وضعه وليس معيار الأغلبية، وهو ما ينذر بوضع دستور يعبّر عن رؤية الأغلبية فقط، متناسين في ذلك حق باقي أفراد الشعب في وضع الدستور. وأضاف البدوي أنه يعتقد أن الحقوقيين والمجتمع المدني سيُواجهون الدستور الجديد بحملات توعية كبرى لرفض الدستور الذي لن يعبّر عن المواطنين، مشيرا إلى أن الشعب المصري بعد 25 يناير لن يصمت أو يرضى بالأمر الواقع، وسيُدافع عن حقوقه مهما كلّفه الأمر. ومن جانبه أكّد إيهاب راضي -مدير وحدة الديمقراطية والتطوّر التشريعي بالجمعية المصرية- رفضه لآلية اختيار الجمعية التأسيسية للدستور، مؤكّدا أنه لا ينبغي أن تستأثر فئة بعينها أو جماعة سياسية بوضع الدستور حتى لو كانت تمثّل الأغلبية في البرلمان. قائلا: "نحن لا نعلم حتى الآن آلية اختيار 50 عضوا من خارج البرلمان، وهو ما يضفي المزيد من الضبابية على مشهد إعداد الدستور". ولم يقف رفض آلية اختيار الجمعية التأسيسية على الشخصيات فقط، بل امتدّ إلى بعض منظمات المجتمع المدني؛ حيث دعت منظمة اتحاد المحامين للدراسات القانونية والديمقراطية، المؤسسات والأحزاب والمجتمع المدني والنقابات إلى سحب الشرعية من البرلمان بمجلسَيه الشعب والشورى، وطالبت المجلس العسكري بالتدخّل لوقف عمل الجمعية التأسيسية المخالفة للدستور والقانون.