تيته تعبانة أوي، ومش بتتحرك، وكان فيه نظام في الأول، وهو إن هي كانت في بيت أولادها البنات، وكانت فيه واحدة بتروح بالنهار لخدمتها، وباليل ولادها الرجالة؛ لكن بعد كده النظام فشل لأنه كان متعب جدا، وبعدين ماما وخالتو اتفقوا على نظام إن كل واحدة تاخدها شهر. بعد كده خالتو شبه طردت تيته من عندها، وحصلت مشكلة كبيرة جدا بين خالتي وخيلاني، وبقى شبه مستحيل إنها ترجع عندها، ويرجع نظام شهر وشهر، أو يرجع النظام الأولاني تاني؛ لكن هناك مشكلة إن ماما تعبت جدا بجد بين خدمة تيته وخدمتنا إحنا، وغير كده بابا راجل صبور وطيب، هو مضايق؛ لكن مخبي عن ماما؛ بس ناوي يفجر اللي في قلبه؛ وخصوصا إنه بدأ يلمح عن زهقه، وفيه مشكلة أكبر إن خالتو لما تيجي عندنا، إحنا مش بنفتح لها، وبسبب عدم الفتح هي شبه بتعمل فضايخ. رجاء الرد عليا بالحل المقنع جدا رجاء فعلا إنساني.
ريم
لن تصدقي صديقتي كيف تألم قلبي ودمعت عيناي على جدتك، ومن في مثل حالتها من نساء كن يوما أصحاء أقوياء قدمن كل ما يملكن من وقت وجهد برضا نفس وسعادة لخدمة أبنائهن وسعادتهم منذ كانوا أجنة في بطونهن حتى صاروا زوجات وأمهات، وربما يكون لبعضهن اليد الطولى في رعاية الأحفاد مثلك أنت وأخواتك أو أولاد خالتك أو أخوالك.. إلخ؛ حتى صاروا -ما شاء الله- كبار ومتعلمين.
وتذكرت صديقتي أهل الريف (الفلاحين يعني) الذي يحافظون على الجدة في بيتها، ويتناوب على خدمتها والكلام معها واستشارتها جميع أفراد عائلتها؛ الأولاد والأحفاد؛ حتى كأنهم يعيشون معها، وبالتالي لا يواجهون هذه المشكلة التي يواجهها أهل المدن الكبرى الذين استسهلوا وأنشأوا حضانات لأبناء العاملات، ودور مسنين لأمهاتهن.
وسبب ألمي ودموعي صديقتي أن حال جدتك أصبح حال جدات كثيرات ربوا وكبروا، ولما جاء وقت السداد بدا الكل مشغولاً، وتعباناً، وليس لديه ما يرد به الجميل، ويمسح عن هذه الجدة -التي لا حول لها ولا قوة- دمعة ألم أو دمعة حزن بعد أن رفضها أولادها الرجال في بيوتهم؛ حتى لا تنزعج زوجاتهم وأولادهم، وتركوها في بيت أزواج البنات الغرباء عنها، ثم ما كان من خالتك التي قد يكون زوجها قد فقد سيطرته على نفسه وفعل ما ينوي أبوك فعله في القريب العاجل.
وبما أنك صديقتي قلت: إنه من المستحيل أن تعود لبيتها لتستأجروا لها واحدة بالأجر تسهر عليها؛ وهكذا يظل البيت مفتوحا لمن يزورها منكم أو غيركم.
وبالطبع يستحيل أن تظل هكذا في بيت أبيك جزاه الله الخير؛ فليس أمامكم إلا دور المسنين التي يسمّونها دور الضيافة لمن لا أهل لهم ولا سند.
وهناك في دار المسنين ستجد جدتك من الجدات الكثير، وكلهن حالهن مثل حالها، تخلص منهن أبنائهن لأنهن عبء لا يمكن احتماله. وستجد أيضا من يقدم لها الخدمة بثمنها، وربما يكون أرحم عليها من أهلها. ولله الأمر من قبل ومن بعد.
على أن تعلمي صديقتي أنك بعد هذه التجربة سيكون هيناً عليك بسبب زوجك، أو بأي سبب آخر أن تتخلصي من أمك بذات الطريقة؛ فهذه الدنيا وربنا يرحمنا برحمته.