عندما قامت ثورة 25 يناير والتي فجّر شرارتها الأولى الشباب المصري، وانضمّت إليهم كافة طبقات المجتمع، ونجحوا في الإطاحة بنظام حسني مبارك وأعوانه بعد 30 عاما من الفساد والاستبداد، لم يتخيل هؤلاء الشباب أن يتحولوا إلى أقلية في أول برلمان مصري بعد ثورة 25 يناير الذي هيمنت عليه الأحزاب الدينية مثل حزبي الحرية والعدالة (التابع لجماعة الإخوان المسلمين) وحزب النور السلفي، ولكن هذا ما حدث، فلم يتمكنوا سوى من حصد 6 مقاعد فقط (وهم في العقد الثالث من عمرهم). استطلعنا آراء بعض من شباب الثورة تحت القبة؛ لنتعرف على مشوارهم في سنة أولى سياسة، والصعوبات التي تواجههم في ظل وجودهم وسط أغلبية الأحزاب الدينية.
عادل: حتى الآن يتسم أداء الإخوان بالتخبط باسل عادل -عضو مجلس الشعب عن حزب المصريين الأحرار- يقول: "بدأت العمل بالسياسة منذ قرابة خمسة أعوام؛ فقد كنت عضوا بالهيئة العليا لحزب الغد، وكنت أحد أعضاء اللجنة الثلاثية التي تدير انتخابات الدكتور أيمن نور، والتحقت بحزب الوفد إلى أن قامت ثورة يناير، ثم استقلت اعتراضا على عدم مشاركة الوفد في أحداث ثورة يناير، كان دوري بالميدان ضمن ثوار مصر، وقمت بتأسيس حركة المصري الحر وبعدها انضممت لحزب المصريين الأحرار لأصبح عضوا بالمكتب السياسي للحزب، وتم ترشيحي لخوض الانتخابات البرلمانية ونجحت في الوصول للبرلمان". وعن أداء جماعة الإخوان المسلمين بالبرلمان يوضح باسل: "يجب على الإخوان أن يدركوا أن الثورة هي التي أتت لهم بمقاعدهم، وعليهم الحفاظ على مكاسبها بعد دخول البرلمان، ولكن دون خيانة الثورة، بأن يتخلوا عن بعض امتيازاتهم السياسية لصالح الثورة، وأن يتم ترجمة المطالب الثورية على أرض الواقع مع مراعاة القانون والدستور، فالمعروف أن المطالب الثورية سقفها دائما عالٍ، ولكن مع الأسف لم يتم تحقيق الحد الأدنى منها حتى الآن". وأضاف: "حتى الآن يتسم أداء الإخوان بالتخبط وعدم التوازن، فما زالوا حائرين بين قرارات المرشد ورئيس المجلس، وبين رغبة النواب ورغبة أعضاء الجماعة، أما بالنسبة للسلفيين تحت قبة البرلمان فأداؤهم ومواقفهم أيديولوجية عقائدية نابعة من الشريعة لا تتغير، عكس الإخوان؛ فهم حائرون بين السياسة والشريعة، فحزب النور تيار جامد، أما حزب الحرية والعدالة فتيار متحرك". وعن أسباب عدم وصول عدد كبير من شباب الثورة للبرلمان فيقول: أغلب الشباب المصري كانوا عازفين عن المشاركة السياسية، باستثناء قلة منهم وهي التي لم تكن تخاف من ملاحقة الأجهزة الأمنية، وحتى الشباب المشاركون في أحداث ميدان التحرير، كان من الصعب عليهم خوض الانتخابات البرلمانية؛ فالتحرير ليس كافيا، فهناك ضرورة للانضمام للأحزاب والاتصال بالشارع السياسي والجماهير، هذا بالإضافة لضيق الوقت وغياب الإمكانيات المادية وعدم اعتراف الكثيرين بقدرة الشباب على العمل كبرلمانيين". ولا يتوقع باسل اقتراب أي شخص من المرشحين للرئاسة حتى الآن من تأييد شعبي؛ لأن النظام القديم قضى على الكفاءات والطموح والأمل لأي قيادة تفكر في دور في إدارة البلاد.
كامل: شباب الإخوان ليسوا من شباب الثورة أما باسم كامل (30 سنة) -عضو مجلس الشعب وكان من أبرز المنظمين لحملة دعم البرادعي رئيسا للجمهورية- فيقول: "كنت مؤمنا إيمانا مطلقا بأنه لا بد وأن يثور الشعب المصري الذي يعيش مقهورا، في الوقت الذي تكافح فيه الشعوب للتقدم، ورغم ملاحقات جهاز أمن الدولة لنا فإننا تمكنّا من التواصل عبر صفحات موقع فيس بوك، وتواصلنا إلى أن حدثت ثورة يناير وأطحنا برأس النظام". وأضاف: "سعيت للعمل ضمن ائتلاف شباب الثورة وحتى الآن ما زلت عضوا بالمكتب التنفيذي لائتلاف شباب الثورة، وانضممت للحزب المصري الديمقراطي، وأصبحت عضوا بالهيئة العليا للحزب والذي أنشئ بعد الثورة، وحصلت من خلاله على مقعد بالبرلمان". ويرى باسم أن السبب الرئيس وراء عدم وصول شباب الثورة للبرلمان بنسبة لائقة هو أن بعض الشباب ما زال مريضا بأمراض النظام السابق حيث الخوف وعدم القدرة على المخاطرة، كذلك غياب الإرادة السياسة فأغلبهم لم يمارس فعاليات العمل السياسي مثل الانضمام للأحزاب السياسية، وبعضهم رأى أن دوره هو التواجد فقط بالتحرير. وعن تفسيره لوجود عدد كبير من شباب حزب النور السلفي أكثر من حزب الحرية والعدالة الإخواني في البرلمان يقول: "شباب الإخوان ليسوا من شباب الثورة، كذلك شباب حزب النور، وبالنسبة للحرية والعدالة فهم لديهم بالفعل كوادر سياسية وأغلبهم كبار السن، عكس حزب النور، حديث العهد بالعمل السياسي فلم يجد سبيلا سوى ضخ العناصر الشابة". وحول تقييمه لأداء الإخوان بالبرلمان يشير إلى أنهم ما زالوا يفكرون بأسلوب الجماعة، لهذا فالتصويت بالأمر المباشر وبالكتلة وأجندة العمل تتسم بالأداء المحافظ، وتسعى دائمة لمناصرة المجلس العسكري. وفيما يخصص بمدى تحقيق الثورة لأهدافها بعد مرور أكثر من عام عليها حتى الآن يوضح باسم: "كل ما حققته الثورة المصرية هو كسر حاجز الخوف واليأس والإحباط، ولكن حتى الآن لم تتحقق العدالة الاجتماعية؛ فلا يوجد حد أدنى وأقصى للأجور، كذلك ما زال هناك آلاف من مساجين المحاكمات العسكرية، ولم يتم محاكمة رؤوس النظام السابق بشكل يرضي المصريين، ولم يتم الثأر للشهداء، ورغم أن الثورة أنقذت الإخوان المسلمين من ملاحقة جهاز أمن الدولة، وأصبح لهم حزب بعدما كانت جماعة نشاطها محظور سياسيا، لهذا فالشرعية ليست للبرلمان فقط وإنما للتحرير والبرلمان معا".
فيما أكد زياد العليمي (32 سنة) -عضو مجلس الشعب عن الكتلة المصرية- أن حزب الحرية والعدالة بالتعاون مع حزب النور يشبهان الحزب الوطني الديمقراطي الذي كان يسيطر على الحياة البرلمانية وقت النظام السابق، فالآليات لم تتغير من حيث السيطرة على مجلس الشعب، مضيفا أن القوى المسيطرة على البرلمان الحالي هي قوى محافظة وغير مستعدة لأي تغيير حقيقي.
أبو حامد: كشباب يقع علينا إقصاء متعمد بالبرلمان أما النائب محمد أبو حامد -الذي ينتمي لحزب المصريين الأحرار- فيقول: "منذ اليوم الأول للبرلمان ونحن -كشباب- يقع علينا إقصاء متعمد، وحتى لجان المجلس؛ فقد قام حزب الحرية والعدالة -صاحب الأغلبية- بالاختيار المسبق لرؤسائها ووكلائها، ثم قدّم الفتات لمن له الولاء له؛ في محاولة من الإخوان للظهور أمام الرأي العام دون غيرهم، وهذا ما دفع القوى الليبرالية والشباب إلى مقاطعة هذه اللجان". وأشار إلى أن الأحزاب الدينية -صاحبة الأغلبية البرلمانية- ورغم ما عانوه من محاولات الإقصاء الدائم من قبل النظام السابق فإنهم يطبّقون نفس الأمر مع شباب الثورة تحت قبة البرلمان، كما أن نوابهم يبادرون بالموافقة دون اعتراض على أي قرار يتخذه رؤساء الكتل الحزبية التي يتبعونها. أما النائب إبراهيم عبد الوهاب -عضو مجلس الشعب وأحد الشباب الذين شاركوا في ثورة 25 يناير- فيرى أنه على الشباب أن يثروا أنفسهم بالاتجاه للعمل السياسي، حتى يصلوا بأصواتهم وأفكارهم للشعب، وحتى لا ينغلق عليهم التحرير وكأنهم في جزيرة معزولة عن الشعب. ويطالب عبد الوهاب المجلس العسكري بضرورة التعجيل بوجود حكومة انتقالية بها رئيس وزراء له صلاحيات رئيس الجمهورية، ويشرف على إدارة المرحلة الانتقالية والانتخابات الرئاسية، ويعود الجيش لثكناته، وهذا هو الخروج الآمن الذي يبحث عنه المجلس العسكري، فالشعب هو الضمانة الحقيقية له.