السلام عليكم.. تبدأ مشاكلي منذ كان عمري ثلاث سنوات بوفاة والدي، ومن بعدها تمّ طرد والدتي وهي حامل في أخي من بيتنا، وذهبنا للعيش عند جدي أنا وأمي وأختي الصغيرة وأخي الذي لم يولد بعد.. وبعد مرور فترة رجع عمي من السفر؛ لكي يلم لحم أخوه ويرجع حقوق أولاده اليتامى، وتمّ زواج أمي وعمي، واتضح إنه كان أول واحد طمعان بحقنا، وهنا كانت أول صدماتي من الرجال؛ فقد تلقيت على يد عمي جميع أنواع الضرب بلا شفقة ولا رحمة، وأشوف بعيني ضرب أمي وأخواتي، وفي الآخر طردنا من البيت، وكان يتعاطى المخدرات، وكان كل هذا أمام عيني، وكل هذا لكي يحصل على وصيتنا. واستمر هذا الحال إلى أن وصلت للمرحلة الابتدائية، وأخيرا تمّ الطلاق ورجعنا للعيش مع جدي أنا وإخواتي وأخي الرابع من عمي، ومع الأسف لم يستقر الوضع بل ساء؛ فتزوجت أمي من المحامي الذي كان مشترك في قضية الطلاق واسترداد حقوقنا، وكان أصغر من أمي، أنا لم أوافق على هذا الجواز؛ فتلقيت معاملة سيئة من أمي لحد ما أرغمت على الموافقة، وتمّ الزواج وسافرنا لبلد آخر وعذاب آخر؛ بسبب عدم موافقتي على الزواج. كرهني زوج أمي وبدأت رحلتي معاه بضربي وإهانتي، وبانت أسبابه الحقيقة من الزواج؛ وهي بالطبع الطمع، وأنجبت أمي أختي الخامسة، واستمر الوضع لمدة سنين إلى أن وصلت للثانوية وبدأت التحرشات من زوج أمي، في الأول لم تصدقني، ولما واجهته أنكر وصفعني قلم لم أنسه، وبدأت الشجارات تكبر والطمع أكتر، وذهبنا إلى أقسام الشرطة وإلى أمن دولة... وتمّ الطلاق بعد أن أخذ مبلغا كبيرا للطلاق، وخطف أختي الصغيرة، ومن هذا الوقت الحمد لله استقر الوضع ودخلت كلية واتخرجت، بس مقدر إني أبدأ أقرر أن أتجوز وأسلم حياتي في يد رجل.. لا وألف لا.. أنا كده في أمان.. آسف على الإطالة، حاولت ألخص على قد ما أقدر. True love صديقتي العزيزة.. السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. سأبدأ مما أنهيت به رسالتك؛ وهو "لا وألف لا"؛ أنت هكذا في أمان ولن تسلمي حياتك لرجل.. إذن فيما الاستشارة إذا كان قلبك قد اطمئن لهذا القرار.. إن استشارتك لنا إنما هي خير دليل على أنك لست مقتنعة بما تعزمين عليه؛ وهو أنك لن ترتبطي برجل من أجل مشاعر الأمان، فأي مشاعر أمان تلك التي ينعم بها الإنسان وهو يفعل ما ينافي الفطرة الطبيعية التي فطرنا الله عليها، ويحرم نفسه السكينة التي وعدنا الله إياها في الآخر، والمودة والرحمة التي تتوج هذه العلاقة الجميلة التي هي أصل الحياة وأساس استمرارها.. إذن ما هي مشكلتك الأساسية. مشكلتك الأساسية في مشاعر الخوف التي تملكت منك نتيجة لركام الخبرات السابقة مع أزواج غير أسوياء لوالدتك، والتي أظنها لم تحسن الاختيار؛ بل كانت تتسرع بدافع مشاعر الخوف والوحدة والحرمان وقلة الحيلة بعد الطرد من المنزل والعيش دون رجل يحميها؛ فكانت تتحرك وراء المشاعر دون العقل، فكان ما كان.. وأنت خلال هذه الفترات ماذا حدث معك؟ خبرات سيئة من هذين الرجلين، نتجت عنها مجموعة أفكار وتراكمت حتى خلقت بداخلك ما نسميه بالمفاهيم، والمفاهيم يا عزيزتي لاشعورية؛ أي لا ندركها بعقلنا الواعي بل تتحكم في سلوكنا دون أن ندري. وأنت الآن مفاهيمك نحو الرجال أدت إلى استمرار شعور الخوف والرعب بداخلك من الرجال؛ بالرغم من اختفاء الرجلين من حياتك؛ لأن عقلك ببساطة قام بعملية تعميم ليتخطي الرجلين، وينسب العنف والطمع لجنس الرجال بشكل عام، فالنتيجة هي سلوك التجنب الذي تنوين أو ترغبين في البدء في تنفيذه، ولكي ألخص لك فهذا سلوك خاطئ ناتج عن مشاعر سلبية تولدت من مفاهيم لا شعورية أفرزتها الخبرات السيئة مع أشخاص غير أسوياء وأنت في طفولتك؛ لذا قد آن الأوان لتعيشي لحظات الصدق مع نفسك وتدركي احتياجك للآخر، وتحرري نفسك من مشاعر الخوف حتى لا تكون حياتك كلها معاناة معاناتك السابقة مع أزواج والدتك فرضت عليك، وكانت قدرا الأحرى أنك ترضي به، وتعتبريه قضاء الله وقدره الذي لا يد لنا فيه؛ بل نثاب عليه متى رضينا به حتى يرضى الله علينا ويعوضنا خيرا؛ أما المعاناة القادمة فهي التي تنوين فرضها على نفسك بإرادتك؛ وهي الوحدة والعيش في سجن الماضي. عزيزتي.. تمهلي وأهم ما في الزواج هو كيف نحسن الاختيار ونفكر بعقولنا قبل أن نترك العنان لمشاعرنا تحركنا كيفما تشاء، ونتوكل على الله ونستخير.. وسأوافيك ببعض النقاط التي تساعد في اختيار الزوج الصالح بإذن الله من خلال معرفتك ببعض صفاته: 1- التدين: والتدين أقصد به هنا الظاهر والباطن، فما أكثرهم من يظهرون تدينا باللحي والثياب ويخفون كما هائلا من العدوان وراء هذا الزى.. أما التدين فهو طاعة الله، وتجنب معاصيه، وحسن معاملة الآخر، وحسن الخلق، وهو ما ستجدينه في النقطة التالية. 2- حسن الخلق: والذي يعني التأدب في الحوار فلا يكثر من السب والكلمات النابية التي نسمعها كثيرا من شباب اليوم على أنه أمر عادي، وكذلك أن يكون لينا؛ فلا يتشدد معك في الأمور ويختلق المشكلات على كل كبيرة وصغيرة؛ بل يصبر عليكِ إذا اختلفتما في أمر ما، فلا يتشدد لرأيه ولا يتكبر ويعاند من أجل فرض الرأي، والتسامح مع الآخرين معك ومع غيرك، وأن يكون حديثه عذبا ينم عن صدر خالٍ من الحقد والغل. 3- أن يكون طموحا يرغب في أن يحسن ويطور من ذاته، ويساعدك في ذلك أيضا ويعينك على طاعة ربك بلا تشدد. 4- أن تشعرين دائما أن أقواله وأفعاله في حالة اتساق دائم؛ فهناك الكثيرون ممن يتشدقون بالأقوال التي تعجبنا، وهم في واقع الأمر لا يفعلون نصف ما يقولون. 5- أن يعرف كيف يعامل المرأة أو ماذا تمثل المرأة بالنسبة له، وبهذا تستطيعين معرفته من خلال حوارك معه فهناك من يعتبر المرأة حبيبة وصديقة وأم وأخت، وهناك من يعتبرها خادمة تقوم على مصالحه؛ حتى إن كان لا يصرح بذلك. 6- أن يكون محبا للحياة الأسرية ومسئولا غير مدللا، ومن يحب الحياة الأسرية يرغب في الأبناء؛ أما من يطلب العيش دون أبناء لفترة يحددها ويشترطها قبل الزواج فهو يريد المتعة لنفسه، ومتى أنجبت الزوجة تغير وانزوى، وربما يبحث عن أخرى. 7- الاهتمام بالمظهر والنظافة الشخصية من الأمور المحببة في اختيار الزوج أيضا، وفي هذا اقتداء برسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. 8- حسن معاملته لأهله؛ لأنه لا خير في زوج لا يبر أهله. هذه بعض النقاط المهمة أوردتها إليك والتي يجب اعتبارها في اختيار الزوج والتي تساعدك بإذن الله على تسليم أمرك لعقلك لا لمشاعرك التي ستقودك لمزيد من المخاوف وتحرمك من حقك في الحياة.. وفقك الله وعوضك بإذن الله خيرا عما رأيت في طفولتك. لو عايز تفضفض لنا دوس هنا