"يا مخوّفاتي نوّر حياتي!!" هذا شعار المرحلة.. يبدو أن صراخنا من فرط الخوف من كل شيء وعلى كل شيء يحوّله القائمون على إدارة البلاد إلى طاقة كهربائية تماما كتربونات السد العالي، ولذا فالخوف كل الخوف من براءة الأطفال التي تتناقص وإخافتهم التي لم تعد سهلة!! منذ أن قامت الثورة وسياسة التخويف مستمرة؛ الفوضى، هتخربوا البلد، هنشيل الحكومة وكفاية البلد هتخرب، إخراج المساجين والمسجّلين خطر، واختفاء الشرطة في ظروف غامضة؛ لإثارة الرعب وامتدادا لسياسة التخويف، الأخبار الكاذبة، والاختلاقات غير المحدودة والإشاعات المرعبة في كل مجال وكل تخصص، وفاة أحياء وإحياء أموات، والعفاريت الذين سيتخطفوننا من الميادين، وخطة القصف الساحق، والموت الماحق... حتى انتصرت الثورة وجُرّ مبارك على ظهره في قفص حديدي وهو بيلعب في مناخيره!! لكن لم يهدأ المخوفاتية، ومن قال إن مبارك وحده هو سيد أبو عنكبوت، فهناك غيره الكثيرون وفي كل المواقع وحابّين بس يخدموا، قالوا لنا عن الخسائر الرهيبة والمليارات التي تسفح في البورصة، البورصة خسرانة النهارده عششين مليار زورار!! يتحسر المصري على ملياراته التي تهدر وهو لا يجد رغيف الخبز، والمتوقع طبعا أن يلعن الثورة التي جعلت البلد تنزف عشرين مليار دولار كل يوم والتاني.. ثم تتضح الحقيقة في النهاية ويكشف الخبراء السر بأن وراء باب التخويف بالبورصة وهْم كبير.. وأن خسائر البورصة خسائر على الورق، وأن بورصة مصر بطبعها يوم فوق وعشرة تحت! ولو توقفنا عند خسائر البورصة لكنا بعنا هدومنا بعد تداول أسبوع واحد، لكن ربنا بيستر، وما عدناش بنخاف من البورصة، وما عادتش البورصة بتخوّفنا، وبقت البورصة باب واتفرم!! وطبعا ده مش معناه إننا نضيّع البورصة أو نسيبها تقع، لكن معناه إننا نحافظ عليها من منطلق واعي، مش يخوفونا ويهددونا ونضحي بمكتسبات ثورتنا علشان بورصة ساعة تروح هع وساعة تيجي!! خوّفونا بأن البلد بتضيع والاقتصاد بينهار واشتغلت نغمة "مصر بتقع يا رجالة" ومواردنا بتتقلص وبنخسر كل مصادر تمويل الخزانة، وتطلع التقارير تقول إن قناة السويس حققت في أشهر الأزمات أكبر أرقام إيرادات في تاريخها. خوّفونا بالعالم اللي بنفقده وبنخسره وبيشوف الأحداث في مصر فبيكشّ ويقول: "يا مامي! دول ناس وحشين"، ويبدو إنهم مش بيشوفوا غير ناحية واحدة من العالم، وفيه عالم تاني وتالت نفسه بس نبص له، ونفتح معاه علاقات، تركيا والبرازيل وماليزيا وإيران.. وكتير، لكن المخوفاتية دائما أحاديي النظرة. خوّفونا بالفتنة الطائفية والهلال والصليب اللي بيحرقوا في بعض، ومشارف الحرب الأهلية اللي قربنا ننطّ فيها، ولبنان وحمدان وترتان، وطلع كله تخويف من غير بصيرة، وفي الآخر طلعت مصر بخير، وطلع ده كله تهييج وتخويف واشتغال.. وقريب خوّفونا بالحرائق والتاريخ اللي بيضيع والكتب اللي بتتحرق، والثروة القومية اللي مالهاش مثيل في العالم، واتضح إن كتاب "وصف مصر" فيه منه نسخ كتير، والموضوع لم يكن أكبر من تهويل إعلامي، بغرض التخويف وبث الرعب، طبعا لا أقصد إن حرق كتاب "وصف مصر" والمجمع العلمي مكسب لمصر، ولا أعتبره مجرد خسارة بل هو خسارة فادحة، لكن أناقش قضية الاشتغال والتخويف التي دأب عليها الإعلام الخايب والجهات الحكومية اللتاتة!! وأخيرا بيخوّفونا بمخطط رهيب في 25 يناير الجاي، بيستهدف تجفيف نهر النيل وشفط الهواء العليل وضرب السد العالي وردم بحيرة قارون ونهب الشعاب المرجانية في البحر الأحمر، وما خفي كان أعظم!!! مصر كويسة والله كويسة!! صحيح الأحداث ولّدت مشاكل جديدة، وصحيح كانت عندنا مشاكل قديمة، لكن كل ده طبيعي، ومش معناه إن مصر بتخرب أو بتقع، مصر بشبابها وبقدراتها وبإيمانها وبتاريخها قادرة على أن تعلو على كل جراحها، وبكره أحسن من النهارده بكتير، وسياسة "أنت من غيري ولا حاجة" أثبتت فشلها عبر التاريخ.. مصر قادرة على تجديد نفسها وعلى تحوّل ديمقراطي سريع، وعلى التأقلم مع أي وضع جديد، ووعي المواطن المصري قادر على اختيار مصلحته، وتسيير أموره.. انتم بس سيبوه في حاله.. وبطلوا سياسة العوووووووووو