الرئيس السيسى يؤكد على أهمية توجه المجتمع لدراسة علوم الحاسبات وتكنولوجيا المعلومات    الرئيس السيسي: وحدة وتماسك الشعب هما الضامن الأساسي للحفاظ على أمن واستقرار الوطن    «الشعب الجمهوري»: نتبنى توجيهات القيادة السياسية بدعم ذوي الهمم    6 تصريحات هامة ل وزير التموين اليوم عن الدعم النقدي .. الملف الأهم على مائدة الحوار الوطني    20 مليار جنيه دعمًا لمصانع البناء.. وتوفير المازوت الإثنين.. الوزير: لجنة لدراسة توطين صناعة خلايا الطاقة الشمسية    الشاباك: إحباط مخططات اغتيال في إسرائيل    واشنطن ترسل آلاف الجنود الإضافيين إلى الشرق الأوسط للدفاع عن إسرائيل    والد محمد الدرة: الاحتلال عاجز عن مواجهة المقاومة.. ويرتكب محرقة هولوكوست بحق الفلسطينيين    خُط المنطقة المزيف    أخبار الأهلي: صور.. شاهد القميص الاحتياطي الجديد للأهلي بمواصفات عالمية    الزمالك 2007 يكتسح غزل المحلة بخماسية نظيفة في بطولة الجمهورية للشباب    موعد امتحانات نصف العام 2024-2025    حالة الطقس غدًا في جميع المحافظات.. سقوط أمطار على 11 منطقة    استمرار حبس شقيقين بتهمة طعن أسرة كاملة ببولاق الدكرور    «سقطت من والدها».. مصرع طفلة بعد تناولها لقطعة حشيش فى المعادى    أشرف زكى: مسرح لنقابة المهن التمثيلية بالإسكندرية حلم وتحقق.. فيديو    المتحف المصرى الكبير أيقونة السياحة المصرية للعالم    هل الإسراف يضيع النعم؟.. عضو بالأزهر العالمي للفتوى تجيب (فيديو)    وزير الصحة: الحكومة ملتزمة بتهيئة بيئة مناسبة لنجاح المستثمرين الأجانب في السوق    ما قبل السكري؟.. 7 أشياء بسيطة يجب معرفتها    هازارد: محمد صلاح أفضل مني بفارق كبير    «حماة الوطن»: إعادة الإقرارات الضريبية تعزز الثقة بين الضرائب والممولين    طرح 1760 وحدة سكنية للمصريين العاملين بالخارج في 7 مدن    «البحوث الإسلامية» يواصل فعاليات «أسبوع الدعوة» حول مخاطر الإدمان    «الإجراءات الجنائية» يفتتح انعقاد «النواب».. الإثنين بدء انتخابات اللجان    النيابة تواجه مؤمن زكريا وزوجته ب التربي في واقعة السحر    شخص يتهم اللاعب المعتزل أحمد فتحي وزوجته بالتعدي عليه وإصابته بعد مشاجرة بينهم في التجمع الأول    نائب محافظ الدقهلية يبحث إنشاء قاعدة بيانات موحدة للجمعيات الأهلية    محافظ مطروح يتابع جهود المبادرة الرئاسية "بداية جديدة" فى مدينة النجيلة    القاهرة الإخبارية: رشقة صاروخية من الجنوب اللبناني صوب أهداف إسرائيلية    تواصل فعاليات «بداية جديدة» بقصور ثقافة العريش في شمال سيناء    اللجنة الدولية للصليب الأحمر بلبنان: نعيش أوضاعا صعبة.. والعائلات النازحة تعاني    يختصر الاشتراطات.. مساعد "التنمية المحلية" يكشف مميزات قانون بناء 2008    «قومي المرأة» تنظم ندوة «نحو الاستخدام الآمن للتواصل الاجتماعي»    الهلال الأحمر المصري يٌطلق قافلة تنموية بقرية كفر الحلواصي بالمنوفية    الخدش خارج السطح.. إليك كل ما تحتاج معرفته حول التهاب الجلد التحسسي    كيف يمكن لأمراض القلب الخلقية غير المشخصة أن تسبب مشاكل لدى البالغين    1 أكتوبر.. فتح باب التقديم للدورة الخامسة من "جائزة الدولة للمبدع الصغير"    كريم رمزي: عمر مرموش قادر على أن يكون الأغلى في تاريخ مصر    عاجل:- بنيامين نتنياهو يحرض الشعب الإيراني ويهاجم قيادته: "إسرائيل تقف إلى جانبكم"    هيئة الاستشعار من البُعد تبحث سُبل التعاون المُشترك مع هيئة فولبرايت    برغم القانون 12.. ياسر يوافق على بيع ليلى لصالح أكرم مقابل المال    جامعة بنها: منح دراسية لخريجي مدارس المتفوقين بالبرامج الجديدة لكلية الهندسة بشبرا    إيران تعلن رغبتها في تعزيز العلاقات مع روسيا بشكل جدي    وزير الشباب يستعرض ل مدبولي نتائج البعثة المصرية في أولمبياد باريس 2024    جمارك مطار الغردقة الدولي تضبط محاولة تهريب عدد من الهواتف المحمولة وأجهزة التابلت    محافظ القاهرة يشهد احتفالية مرور 10 أعوام على إنشاء أندية السكان    ناصر منسي: إمام عاشور صديقي.. وأتمنى اللعب مع أفشة    يحتل المركز الأول.. تعرف على إيرادات فيلم "عاشق" لأحمد حاتم أمس في السينمات    ضبط 1100 كرتونة تمور منتهية الصلاحية بأسواق البحيرة    «بيت الزكاة والصدقات» يبدأ صرف إعانة شهر أكتوبر للمستحقين غدًا    إنفوجراف.. آراء أئمة المذاهب فى جزاء الساحر ما بين الكفر والقتل    مدير متحف كهف روميل: المتحف يضم مقتنيات تعود للحرب العالمية الثانية    احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر، فتح المتاحف والمسارح والسيرك القومي مجانًا    أمينة الفتوى: هذا الفعل بين النساء من أكبر الكبائر    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 30-9-2024 في محافظة قنا    التحقيق مع المتهمين باختلاق واقعة العثور على أعمال سحر خاصة ب"مؤمن زكريا"    الأهلي يُعلن إصابة محمد هاني بجزع في الرباط الصليبي    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ثقافة رمي الأحذية من خروشوف إلى الخياط!!
نشر في بص وطل يوم 08 - 12 - 2009

شهد نادي الصحافة العربي في العاصمة الفرنسية باريس منذ أيام، وبالتحديد يوم 1-12-2009 فصلاً جديداً وليس بالأخير من ثقافة الجزمة؛ حيث قام الصحفي العراقي سيف الخياط برشق فردتي الحذاء تجاه الصحفي العراقي الآخر منتظر الزيدي؛ وذلك خلال ندوة كانت مقامة على شرف الأخير وهو يردد: "هل بمثل هكذا أصبحت بطلاً وتلقي علينا محاضرات؟ هل كان يتوجب عليك أن تكسر قلمك وترفع حذاءك؟".
في خطوة فاجأت الحضور وأشعلت لهيب المواجهة بين المؤيدين لهذا الحذاء أو ذاك الحذاء، وفيما إذا كان فخوراً بفعلته تلك، أجاب الخياط: "بالطبع لا؛ لكن هذا هو الطريق الوحيد الذي بات يقنع الشارع العربي، وما أقدمت عليه إلا كي أجعل الضمير والعقل العربي يتذوّق نكهة الأحذية مرة أخرى واستفز كرامتهم؛ لأريهم قباحة مثل هذا التصرف أياً كان الفاعل، وأياً كان المستهدف، فليفرح الأحرار؛ فبهذه الرمية أكون قد نسفت ركائز ثقافة رمي الأحذية، وأعتذر..!!".
وكانت السلطات العراقية قد أفرجت عن منتظر الزيدي في سبتمبر من العام الحالي، بعد أن أصدر القضاء العراقي حكماً عليه بالحبس، على خلفية إدانته بتهمة إهانة رئيس دولة أجنبية؛ حيث قام منتظر الزيدي في مثل هذا الشهر من العام المنصرف برشق الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش بزوج الحذاء الذي كان يرتديه -عد خطة اختلفت في شأنها الروايات؛ ولكنه وللأسف لم يُجد التصويب فطاشت الفردة تلو الأخرى- خلال مؤتمر صحفي مشترك مع رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي، ويقوم الزيدي حالياً بجولات دولية بناء على دعوات وبرامج زيارات معدة سلفاً، كان من ضمنها زيارته هذه إلى باريس.
فهل أصبح الحذاء أو "الجزمة" بالبلدي لغة الحوار الرسمي في مختلف الأوساط المحلية والعربية؟ هل سيرجع للأمة العربية أمجادها المفقودة، ووضعها على سلم الأمم، وجعلها الأمة السبّاقة في الاحتفاء بالأحذية، وإعلانها الصريح تخليها عن العقل والقيم، وتعرية نفسها أمام العالم في تبنيها وترحيبها بهذا الفعل الهمجي؟!
بدأت أستعرض التاريخ العريض لحكايات -لا مؤاخذة- "الجزمة"؛ فوجدتها لا تقتصر فقط على العرب؛ فقد بدأت مع السكرتير العام الأسبق للحزب الشيوعي بالاتحاد السوفيتي -سابقاً- "خروشوف" عندما خلع حذاءه في الأمم المتحدة؛ ضارباً به على منصة الاجتماعات، ومهدداً الأمريكان بكلمة "سندفنكم"، في واقعة هي الأشهر عالمياً؛ خاصة بعدما أصبحت المنصة مزاراً سياحياً، هذا على المستوى العالمي، أما المستوى المحلى فحدث ولا حرج.
كانت واقعة مجلس الشعب بين زكي بدر -وزير الداخلية الأسبق- وطلعت رسلان -عضو مجلس الشعب- هي الأشهر، وفيها سبّ رسلان وضرب بدر على مرأى ومسمع من الدكتور رفعت المحجوب - رئيس مجلس الشعب آنذاك.
وجاء عام 2006 ليستحق عن جدارة أن نطلق عليه عام "الجزمة" فقد حظي بثلاث وقائع؛ بدأها مهدي عاكف -المرشد العام للإخوان المسلمين بمصر- في أحد أحاديثه الصحفية بإشارته إلى ضرب المعارضين بالحذاء.
وجاءت واقعة طلعت السادات وأحمد عز لتعيد إلى الأذهان أمجاد "أحذية" المجلس الموقر؛ بينما كان ختامها "مراً" حيث قام مرتضى منصور -رئيس نادي الزمالك الأسبق- برفع "جزمته" لجماهير النادي الأهلي أمام مندوب رئيس الجمهورية، وحسن صقر رئيس المجلس القومي للرياضة، وسمير زاهر رئيس الاتحاد المصري لكرة القدم, وجاءت "جزمة" مرتضى هذه المرة على الهواء مباشرة؛ لتكون أخطر واقعة "حذائية" على الإطلاق؛ حيث حدثت أمام مندوب رئيس الجمهورية.
رحم الله شاعرنا الكبير محمد نجيب سرور عندما كتب قصيدته "الحذاء" والتي يتحدّث فيها عن جبروت من بأيديهم السلطة والحكم, حيث يحكي عن تعرّض أبيه أمامه وهو طفل للمهانة والضرب من عمدة القرية والذي سمّاه "الإله" يقول فيها:
"وقفت أزفُّ أبي بالنظر.. فألقى السلام.. ولم يأخذ الجالسون السلام!!
رأيتُ.. أأنسى؟!!.. رأيتُ الإله يقوم فيخلع ذاك الحذاءْ.. وينهال كالسيل فوق أبي!!".
و"نجيب" هنا يركز على انهيار الصور الكبيرة في عقولنا، وتدمير المُثل أمام أطفالنا؛ مما يولد القهر والمذلة، بل والكفر بكل من يمتلك السلطة؛ لاعتقادنا بأنه لن يستعملها إلا في فرض سلطانه.
وبدأت أسأل نفسي -كدارس لعلم النفس- هل هناك علاقة بين مقاس جزمتك وشخصية حضرتك؟
أو بصيغة ثانية.. هل شكل ولون الحذاء من الممكن أن يعكس شخصية من يرتديه؟
يعني مثلاً الحذاء الأسود يدل على الشخصية الصبورة؛ بينما الحذاء البني يتميّز أصحابه بالحيوية والديناميكية، أما أبو رباط فيكشف عن الشخصية المتغطرسة، ويرد عليّ د.أحمد عكاشة -خبير الطب النفسي العالمي- بقوله: "إن هناك تغييراً واضحاً في سمات الشخصية وتدهوراً في القيم وتدنياً في الحوار، وأصبح التعبير عن الغضب والاحتجاج والإحباط بالعنف؛ فالإحباط في الشخصية المصرية -ونعني به عدم القدرة على الوصول إلى الهدف؛ نظراً لعقبات تواجه الفرد- تسبب في تغيير تلك السمات؛ خاصة أن الإحباط يسبب القلق والعصبية والعدوانية والتخلي عن بعض القيم الأخلاقية؛ مما يؤكد أن أسلوب الشخصية "الانفجارية" -والتي تتميز بسرعة الغضب وسرعة العدوانية والعصبية الشديدة، وعدم التمكن من إيقاف أسلوبها- أصبح يأخذ في مصر "نيولوك" وهو ضرب الأحذية.
أنا أعتقد أن الفراغ الذي تعاني منه المجتمعات العربية، وشعورها بالنقص، وعجزها عن مواكبة الشعوب المتقدّمة، دفعها إلى البحث المرضي عن أوهام وخرافات تقنع نفسها بها وتصورها على أنها إنجازات كبرى، كارتكاب أحداث 11 سبتمبر 2001، مروراً بجرائم المفخخات في العراق، والحرب العبثية التي دمرت لبنان ، وآخرها واقعة مباراة مصر والجزائر في الخرطوم.
يا سادة لابد من نزع العدسات اللاصقة التي وضعت عمدا على عيوننا، حتى نسترد مكانتنا التي أوشكت أن تضيع، ولابد أيضا من إعادة النظر مرة أخرى في لغة الحوار؛ فقديما قالوا: "قد أختلف معك ومع هذا مستعد لأدفع حياتي ثمناً لتُعبّر عن هذا الاختلاف".
طبعاً قالوا هذا الكلام في الليل، وكلام الليل مدهون بزبدة، هذا ليس مهماً، المهم هل هذه الزبدة فلاحي ولا بلدي؟!!!!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.