جامعة المنوفية تستقبل رئيس الإدارة المركزية لشئون الوافدين بالتعليم العالي    وكيل تعليم مطروح ل«إدارة العلمين»: تسليم الكتب للطلاب في اليوم الأول للعام الدراسي    رئيس جامعة بنها: الانتهاء من كافة أعمال الصيانة بالمدن الجامعية قبل بدء الدراسة    قبل اجتماع الفيدرالي الأمريكي.. سعر الدولار اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 مقابل الجنيه    «المالية»: نعمل على سياسات محفزة للتدفقات الاستثمارية والإنتاجية والتصديرية    يعارض حل الدولتين.. من هو جدعون ساعر المرشح لخلافة غالانت في حكومة الاحتلال؟    وزير الخارجية: الأزمات المتفجرة تحيط بمصر من كل الاتجاهات الاستراتيجية    الجيش المالي يعلن أن الوضع تحت السيطرة بعد هجوم إرهابي    تشكيل ليفربول المتوقع أمام ميلان اليوم في دوري أبطال أوروبا    ضبط 31 كيلو حشيش وبانجو في حملة بدمياط    مصرع عامل وإصابة 2 أخرين في حريق مطعم بوسط القاهرة    ترتفع مجددا.. بيان مهم بشأن حالة الطقس المتوقعة الأيام المقبلة (تفاصيل)    العثور على جثة طالب داخل مخزن مدرسة بالفيوم    للانتقام من طرد أحدهما.. ضبط المتهمين بحريق مصنع ملابس في الجيزة    المشدد 7 سنوات لربة منزل وشخصين في سرقة سائق بباب الشعرية    علا الشافعى ناعية أحمد قاعود: " كنت فنانًا عظيمًا ومبدعًا"    موسيقى وكتابة إبداعية في ورش الأسبوع الثقافي للموهوبين بالإسماعيلية    وزير الإسكان: تطوير المنطقة المحيطة بالأهرامات بما يتماشى مع قيمتها التاريخية والأثرية    مهرجان شرم الشيخ الدولي للمسرح الشبابي يكرم المخرج قسطنطين كرياك    مهرجان الغردقة لسينما الشباب يعلن عن تشكيل لجان تحكيم دورته الثانية    أسعار النفط تسجل 72.91 دولار لبرنت و70.43 دولار للخام الأمريكى    صباح الكورة.. لاعب الأهلي يتمسك بالرحيل وأزمة طاحنة في الزمالك قبل السوبر الافريقي    مواعيد مباريات اليوم الثلاثاء 17 سبتمبر 2024 والقنوات الناقلة    محسن هنداوي: تركت كرة القدم بسبب الظلم وأعمل في تجارة الحديد    محسن صالح: انتقال محمد علي بن رمضان للأهلي لن يتم في الوقت الحالي    اتحاد الكرة يجتمع الخميس لتحديد موعد انتخابات رابطة الأندية وخليفة بيريرا    إنترناسيونال يهزم كويابا في الدوري البرازيلي    محافظة كفر الشيخ تطرح مزايدة علنية للحصول على حق امتياز الإعلانات    قبل ساعات من إطلاقها.. تعرف على أهداف مبادرة "بداية جديدة"    وصول 63 ألف طن قمح روماني و2100 رأس عجول حية لميناء سفاجا البحري    «تنمية المشروعات»: تنفيذ خطة تدريبية متكاملة لكل العاملين بالجهاز    رئيس «اقتصادية قناة السويس» يبحث مع مجتمع الأعمال البريطاني فرص الاستثمار بمصر    «تنسيق قناة السويس» يعلن إحصائيات مرحلة تسجيل الدبلومات ليوم الإثنين    بمختلف المحافظات..رفع 47 سيارة ودراجة نارية متهالكة    "زي الخروف المسلوخ".. أول تعليق من أسرة ضحية أحمد فتوح بعد إخلاء سبيله    التعليم العالي: غلق كيان وهمي جديد بالشرقية    وصف تصرفات إثيوبيا ب«العبث».. ماذا قال وزير الري عن الملء الأحادي ل«سد النهضة»؟    وزيرة الصحة الفلسطينية السابقة: مصر حريصة على إدخال المساعدات لغزة    ارتفاع حصيلة ضحايا فيضانات أوروبا الوسطى إلى 16 قتيلا وعشرات الجرحى    ميلان ضد ليفربول.. الريدز يتفوق فى القيمة التسويقية قبل قمة أبطال أوروبا    وزير الأوقاف ينعى الإذاعية سمية إبراهيم مقدمة برنامج طلائع الإيمان    ارتفاع عدد ضحايا العدوان الإسرائيلى على غزة ل41 ألفا و252 شهيدا    وزير الأوقاف السابق: من يسرق الكهرباء فهو يسرق الشعب والدولة    أستاذ صحة عامة: مبادرة «100 يوم صحة» قدمت ملايين الخدمات للمواطنين مجانا    خالد عبد الغفار يبحث تعزيز استخدام التكنولوجيا بالقطاع الصحي    وكيل صحة سوهاج يتفقد مستشفى ساقلتة للتأكد من الخدمات المقدمة للمواطنين.. صور    أهمها الربو والسكري.. 6 أدوية احذر تناولها مع قهوتك الصباحية    محمد صبحي يواصل تقديم مسرحيته "فارس يكشف المستور" (صور)    الأردن يتسلم جثمان منفذ عملية أودت بحياة 3 إسرائيليين على جسر الملك حسين    "جولة منتصف الليل".. إحالة 4 أطباء في مستشفى بأسيوط للتحقيق    تفاصيل انطلاق اختبارات «كابيتانو مصر» لاكتشاف المواهب الشابة بمحافظة قنا    أهالي قنا يحتفلون بالمولد النبوي بمسجد سيدى عبد الرحيم القنائي    حزب الله يستهدف تحركات لجنود إسرائيليين في محيط موقع العباد    هل يجوز الحلف على المصحف كذبا للصلح بين زوجين؟ أمين الفتوى يجيب    تكريم 100 طالب والرواد الراحلين في حفظ القرآن الكريم بالأقصر    د. حامد بدر يكتب: في يوم مولده.. اشتقنا يا رسول الله    نشأت الديهي: سرقة الكهرباء فساد في الأرض وجريمة مخلة بالشرف    دار الإفتاء: قراءة القرآن مصحوبة بالآلات الموسيقية والتغني به محرم شرعًا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



من رأفت الهجان إلى الكتيبة 22 إلى الرفاعي.. كيف جسدت الرواية انتصارات وتضحيات أكتوبر؟
نشر في بص وطل يوم 06 - 10 - 2011

إن كان الشعر هو ديوان العرب، فإن الرواية هي ديوان الحدث؛ فالحدث الكبير لا يُوثّق في الكتابة بنوع أدبي أفضل من الرواية، خاصةً أن ذلك صالح في كل زمان، فحتى اللحظة ما زالت الروايات التي تحاكي العصر الفرعوني موجودة، لذا سنحاول معكم اليوم أن نقتحم آفاق الرواية التاريخية، ونعرض لكم بعض الأعمال التي تناولت حرب أكتوبر المجيدة، وحاولت أن توثقّها من زوايا مختلفة.
"الرفاعي".. عن بطل الصاعقة العظيم إبراهيم الرفاعي
هذه رواية من عايش الأجواء فكتب عنها، ومن اقترب من فرقة الصاعقة فعبّر عن تفاصيل حياتهم باقتدار.
أمّا الكاتب فهو جمال الغيطاني، وأمّا البطل فهو العميد أركان حرب إبراهيم الرفاعي، وفرقته "39 قتال"، تلك الفرقة التاريخية التي صنعت المعجزات، وفدت مصر بروحها، ودافعت باستبسال الأبطال حقّاً. ويصف الغيطاني قائدهم قائلاً: "جاء إلى الدنيا ليقاتل دفاعًا عن كل الذين مرّ بهم وعرفهم أو مشوا معه وحاوروه في تلك القرى والمدن، عن كل من يعيشون في هذه المساحات التي طار فوقها بالهيلوكوبتر والأنتينوف وبالأليوشن، كل من رآهم يرشفون الشاي في المقاهي ويحتفلون بأعياد الميلاد ويهمسون بالنجوى". نعم لقد كان ذلك الإحساس متفشيّاً لدى كل من حارب، أنّه يدافع عن عزة كل صديق وقريب وعابر، عن كرامة وطن ومستقبله، والرواية بها من التفاصيل العذبة خاصةً بين أعضاء الفرقة، وحياتهم الخاصة، وأساليبهم القتالية، حيث تسرد تفاصيل بعض العمليات التي قاموا بها ليخرسوا ألسنة العدو.. العدو الذي قال عنه الرفاعي: "أصبح بيننا وبين العدو دم غزير. لا أتصوّر أن الزمن سيمحوه".
ثم تجيء نهاية الرواية الحقيقية، باستشهاد الرفاعي، وبالفصل الأخير "النشور" يتناول "الغيطاني" تلك اللوحة بتأّثر تقشعر له الأبدان، إذ يأتي على لسان زوجة البطل الكبير، التي أرسل لها زوجها رسالة يوم السبت السادس من أكتوبر يقول فيها: "عندما يصلك خطابي هذا أكون ماضياً لقتال العدو، قولي لمن تلتقين به إن في مصر رجالاً قادر على هزيمة العدو". وصدق فيما قال، وكان هناك رجال بالفعل هزموا العدو، واستشهد الرفاعي، لكنه يظلّ حيّاً عند ربه، وتبقى سيرته العطرة تتناقلها الألسنة عبر هذا العمل وغيره، وكم آمل أن يتم تحويل تلك الرواية لعمل درامي يستحقه هذا البطل الكبير، لنعرّف من لا يقرأ سير أبطالنا، وليستقي صغارنا بسهولة قيم السواعد التي ضحّت لتبني هذا الوطن.
"الكتيبة 22".. لطفي لبيب يحكي عن السويس في حرب أكتوبر
هذه رواية تتحدّث عن ثغرة الدفرسوار في السويس، ومنها يمكنك الانتقال بالكاميرا من الجبهة في سيناء، إلى الشوارع وحي الأربعين تحديداً، وبسالة أهل السويس في الدفاع عن أراضيهم، وكأن حي الأربعين ملهم للكرامة منذ قديم الأزل.
النص لم يرتق لمرحلة الكمال الأدبي من جودة النص، وقوة الحبكة الدرامية، وجزالة الألفاظ. لكن الجميل أنه جاء من فنان كلطفي لبيب، وشخصياً لم أتعوّد أن يكتب نجم سينمائي كتاباً في بلدنا. لكنّه استغلّ وجوده كضابط احتياط آنذاك في مدينة السويس، تحديداً فرقة الكانتين وأخذ يصوغ شخصيات الجنود والضباط وقتها، واشتراك الأهالي معهم في الدفاع عن البلد، ورفضهم الهدنة من أجل إنقاذ الثغرة، وكيف أن روحهم فداء لهذا الوطن ورجالاته الذين يحاربون بعد عبور قناة السويس، ويصف الحالة عندهم قائلاً: "أصوات ضجيج ومدفعية وأسلحة صغيرة متخللة كلمة الله أكبر". وحاول لطفي لبيب إقحام جوانب درامية في الأحداث كالعلاقات بين الجنود ووجود الأقباط والمسلمين جنباً لجنب، وكذلك علاقات الحب.
هو نص سينمائي كما وُضع كعنوان جانبي، وكطريقة كتابة؛ حيث أوقات المشاهد وتفاصيلها.. وأرى أنه نجح في هذا الأمر.. فقد كنت أشعر في كثير من الأحيان أنني أرى بعض المشاهد تمر أمامي، ويا ليت القائمين على أمر السينما في مصر يلتفتون إليه، فهو يحمل رائحة بلد باسل اسمه السويس.
"رأفت الهجان".. عندما يتغيّر أحدهم بسبب وطن
{إن الله لا يغيّر ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم} هذه الآية تنطبق بدقّة على بطل روايتنا الذي اصطلح على تسميته برأفت الهجان، الرواية يحكيها لنا الكاتب الراحل صالح مرسي، والذي كتب سلسلة من الكتب المخابراتية، مثل "دموع في عيون وقحة" الذي تم تحويله لمسلسل بنفس الاسم، ويتناول قصة الجاسوس المصري أحمد الهوان المعروف بجمعة الشوان، وكتب رواية "سامية فهمي" التي حُولّت أيضا لعمل درامي بالاسم ذاته، وهي جاسوسة أيضا تم تجنيدها من قِبل المخابرات، و"الحفاّر" تلك التي صاغت أحد وقائع حرب الاستنزاف. وفي كل كتابات صالح مرسي تتكشّف لنا قصة جديدة من الأدراج السرية للمخابرات المصرية، التي اختصته بوقائع تبيّن لنا عظمة ووطنية وقوة هذا الجهاز في فترة الحرب.
و"رأفت" له علاقة وثيقة بحرب أكتوبر، إذ إنه تم زرعه مبكراً، وأفاد مصر بمعلومات ساهمت بشدّة في اختراق إسرائيل في يوم العاشر من رمضان، وشخصية رأفت هذه محيّرة، فبعد أن كان شاباً تالفاً، لا يفعل شيء سوى التسكّع والانتقال بين البلدان والمهن، إذا به يُلبّي نداء الوطن حينما يريده، وينقلب شخصاً آخر تماماً يرحل إلى قلب العدو الرابض في تل أبيب، ويأخذ اسماً جديداً هو ديفيد شارل سمحون، ويحمل الاسم واقعياً فيتزوّج ويعيش كيهودي، ويموت كذلك، لولا أنّه اعترف في أواخر أيامه لزوجته، حتى تتم الصلاة عليه عقب وفاته صلاة المسلمين.
ويقول صالح مرسي في تقديمه للعمل: "هل يستطيع الخيال أن يرتفع إلى مستوى الحقيقة؟ مجرد سؤال لا يمكن أن تكون إجابته عندي.. غير أني أقول: هذه قصة رجلين من جيل صنع لمصر، وللأمة العربية كلها، معجزات.. تحاول بعض قوى الشر أن تطمسها!". ويقصد بالرجلين رأفت الهجان، وعزيز الجبالي، والثاني هو ضابط المخابرات الذي يصف حالتهما قائلاً: رأفت الهجان ليس اسمه الحقيقي، لكنه الاسم الذي اختاره له صديق عمره، وطوق نجاته، والخيط الخفي الذي ارتبط به ارتباط الجنين بحبله السّري.. عشرون عامًا وهما يلتقيان في كل يوم، يتحدثان، يتشاجران، يمسك كل منهما بخناق الآخر، ويتناجيان معًا في حب مصر! عزيز الجبالي.. وهذا أيضا ليس اسمه! ضابط المخابرات الذي تعرف عليه وهو في السادسة والعشرين من عمره، ثم فرّقهما القدر وقد تخطى الخمسين. حدث كل هذا دون أن يلتقيا مرة واحدة، أو يرى أحدهما الآخر، دون أن يتبادلا الحديث إلا من خلال خطابات كُتبت بالحبر السري، أو صفير متقطع لجهاز إرسال أو استقبال".
لقد كان لهذه القصة النصيب الأكبر من الشهرة بسبب المسلسل التليفزيوني الشهير، لكننا نحتاج بحق لأعمال روائية على نفس القدر، تُعيد لنا الحس الوطني الغائب في الدراما المصرية، ولدينا كما عرضنا رواية بحجم شخصية الشهيد "الرفاعي"، ورواية ك"الكتيبة22"، ينجلي فيهم الروح الوطنية، التي بدبيبها بداخلنا سنعبر المستحيل، كما عبره أسلافنا الساعة الثانية ظهراً، يوم السبت، السادس من أكتوبر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.