أنا عندي 22 سنة، متخرجة من كلية حقوق، مشكلتي إن وأنا في سنة 3 اتعرفت على زميل ليّ في الجامعة وحبينا بعض جدا، هو إنسان ملتزم ومحترم جدا وبيحبني جدا، وبعد ما خلصنا السنة دي جه اتقدم لي، وده خلاه يزيد في نظري وأتأكد من حبه ليّ أكتر.. بس حصلت شوية مشكلات في الأول بينه وبين والده؛ لأن والده كان عايز يجوّزه بنت عمه، وعشت أيام صعبة جدًا وتعبت وانهرت ودخلت المستشفى لما حسيت إنه بيضيع مني؛ بس والده وافق بعد صراع طويل معاه. مشكلتي بقى دلوقتي إن بعد ما والده وافق حاسة بإحساس غريب؛ حاسة إني كرهت الموضوع كله، وبقيت مش عايزاه، وابتدى الخوف يدخل قلبي؛ لأني هاعيش في بيت عيلة؛ يعني شقتي هتبقى في عمارة أهله، وحاسة إني مش عايزة أروح هناك، ولا أعيش مع أهله؛ لأني بقيت دايما حاسة إن أهله ضد الجوازة من الأول؛ خاصة إن كلهم كانوا مع والده في رفضه.
أنا بقالي شهر في العذاب ده.. لجأت لربنا وصليت صلاة استخارة كتير جدا، وبعد كل مرة باصلي أحس إني كارهة الموضوع أكتر، وإني مش عايزاه يتم.
خايفة جدا من المستقبل، ومش متخيلة إني هاسيب أهلي وأصحابي وأروح أعيش وسط ناس كانوا رافضين وجودي.. من دلوقتي وأنا حاسة بالوحدة، من وأنا صغيرة متعلقة جدا بوالدتي؛ لدرجة المرض، مش متخيلة إني ممكن أبعد عن والدتي أبدا.
أنا تعبت من التفكير في كل الحاجات دي، خايفة أسيبه وأندم بعد كده؛ لأنه بصراحة عمره ما زعلني، وخايفة جدا إني أظلمه وأنا عارفة إن الظلم حرام، وخايفة أكمل في الموضوع ده أندم بعد كده إني كملت.
ساعدوني بجد آخد القرار، إحنا دلوقتي قرينا فاتحتنا والخطوبة قريب.. عايزة آخد قرار قبل الخطوبة.
nonamania
يقول أحد الفلاسفة: "إن السعادة مثل الكرة كلما أمسكناها، ألقينا بها مرة أخرى".
فلقد تحقق حلمك وتقدم لك فتاك؛ وكان قد خاض صراعًا مع والده وأسرته حتى يفوز بك، وقد مرضت أنت لإحساسك أنه قد يضيع منك، والآن تفكرين في أن تضيّعيه!
إن الإنسان الذي صمد وأقنع والده وأسرته بارتباطه بك أقلّ ما يستحقه منك أن تقفي معه، ولا تخذليه أو تتخلي عنه؛ حتى تستمتعي وتحافظي على حبه الرائع لك؛ فهو كفيل بأن يحميكِ من أي مخلوق آخر، وكما تقولين عنه "ملتزم ومحترم ويحبك".. فماذا تريدين بعد ذلك؟
إنها مخاوف البُعد عن الأم التي تعبث برأسك وتجعلك تتخوفين من الارتباط بصفة عامة، والعيب هنا ليس في أهل خطيبك كما يتراءى لك؛ ولكن في تمسكّك أنت بأهلك، وعدم قدرتك على الاستقلال عنهم؛ بينما أنت الآن في سن الشباب الذي يعني القُدرة على الاستقلال واتخاذ القرار الصحيح؛ وفقًا لما يفرضه المنطق والواقع.
والاستقلالية من سمات الشخصية السوية التي تستطيع الاعتماد على نفسها؛ حتى لو كنت بجوار والدتك؛ فالمفروض أن لك حياتك الخاصة التي لا دخل لأحد فيها، فترسمينها مع شريك الحياة بعيدًا عن تدخل أي فرد ثالث.
إن تخوفكِ من تدخل أهله نابع أساسًا من رغبتك في تدخل أهلك في حياتك، وعدم قدرتك على البعد عنهم؛ ولذلك تخافين المعاملة بالمثل من أهله؛ مع أن تصرّف خطيبك مع أسرته قد تمّ حسمه باختياره لكِ، وأنت سوف تسكنين معهم في نفس العمارة وليس في نفس الشقة؛ هذا من جهة، ومن جهة أخرى فعليكِ واجب إقامة علاقة جيدة وإيجابية مع أهله؛ تكريمًا لهذا الشاب الذي قدّرك وأحبك وتمسك بك.
إن معاملتك الطيبة لهم قد تغيّر من موقفهم تجاهك؛ لأنهم غيّروا رأيهم في الزواج؛ حرصًا على سعادة ابنهم وتلبية لطلبه؛ فيجب أن تأكدي لهم أنك تستحقين هذا الحب.
أما عن صلاة الاستخارة والمشاعر التالية لها؛ فهي مرتبطة أساسًا بإحساسك ومخاوفك وما يدور في رأسك، وكل ما علينا ألا نُغضب الله، أو نظلم أحدًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذا جاءكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه؛ إلا تفعلوا تكن فتنة في الأرض وفساد كبير".
وأنت لا تعيبين فيه دينًا أو خلقًا؛ فلماذا الرفض إذن؟ إلا إذا كانت المشكلة عندك أنت وليس عنده هو أو عند أهله.
إن مَن أحبك وحارب من أجلك كفيل بحمايتك والدفاع عنك أمام أي فرد؛ فلا تخذليه بمخاوفك التي لا أساس لها من الصحة؛ فهي مجرد مبررات واهية من الخوف من البعد عن الأهل أو تحمل مسئولية الزواج، وهي مخاوف تتعرض لها كثير من الفتيات قبل الزواج؛ ولكن سرعان ما تزول هذه المخاوف بعد الزواج وتحقيق السعادة مع من اختاره قلبك وعقلك؛ فلا تفسدي حياتك وحياته بهذه الضلالات.