"الجبلي" رئيسًا.. ننشر تشكيل هيئة مكتب لجنة الزراعة بمجلس الشيوخ    رئيس مجلس الشيوخ يهنئ الرئيس السيسي بذكرى نصر أكتوبر    ماراثون رياضي بجامعة عين شمس احتفالًا بالعام الدراسي الجديد    خدمة عامة في الصرف الصحي.. تخريج دفعة جديدة من "المكلفات" بالإسكندرية- صور    توقيع إعلان نوايا مشترك بين وزارة الكهرباء وحكومة ولاية بافاريا الألمانية    انكماش معدل نمو الاقتصاد المصري إلى 2.4% خلال العام المالي الماضي بأكثر من التقديرات    محافظ القليوبية يقود مسيرة نيلية احتفالًا بذكرى انتصارات أكتوبر    محافظ كفر الشيخ يتابع سير العمل بالمركز التكنولوجي ومنظومة التصالح بالرياض    صحة غزة: استشهاد نحو 41788 شخصًا جراء العدوان الإسرائيلي    مسؤولون غربيون: مخاوف حيال محدودية نفوذ واشنطن في منع التصعيد بالشرق الأوسط    روسيا: 3 قتلى وعشرات الجرحى جراء هجوم أوكراني على بيلجورود    سفير مصر بالدوحة يبحث مع وزير الدولة للشئون الخارجية القطرى العلاقات الثنائية    سام مرسي يعلق على استبعاده من قائمة منتخب مصر    مدرب بولونيا: لم يمكننا فعل شيء أمام هدف صلاح.. وخرجنا برؤوس مرفوعة    "سيؤثر على الفريق".. تن هاج يعلن غياب ماسون ماونت عن موقع بورتو في الدوري الأوروبي    العثور على جثة شخص بالطريق الأبيض بكرداسة    حريق داخل مخزن كرتون أمام مدرسة خاصة بالمرج    كوكتيل مخدرات وميزان حساس.. الداخلية تطارد تجار الكيف بالإسكندرية ودمياط    13 مصورًا من غزة.. تفاصيل معرض الصور الفلسطيني بمهرجان الإسكندرية السينمائي    تعرف على موعد حفل وائل جسار بدار الأوبرا    الصحة: تشغيل جراحات القلب في مستشفى الزقازيق وإجراء أول قلب مفتوح بطامية المركزي    نائب وزير الصحة يوصي بسرعة تطوير 252 وحدة رعاية أولية قبل نهاية أكتوبر    رئيس "الطب الوقائي": اشتراطات وإجراءات صارمة لمراقبة تطعيمات الأطفال    «القاهرة الإخبارية»: استمرار القصف الإسرائيلي ومحاولات التسلل داخل لبنان    صلاح الأسطورة وليلة سوداء على الريال أبرز عناوين الصحف العالمية    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل القيادي في حركة حماس روحي مشتهى    حبس عامل سرق محتويات من محل عمله بالجمالية 4 أيام    المنيا: ضبط 124 مخالفة تموينية خلال حملة على المخابز والأسواق بملوي    ب367 عبوة ل21 صنف.. ضبط أدوية بيطرية منتهية الصلاحية في حملات تفتيشية بالشرقية    التعليم تعلن موعد اختبار الشهر لصفوف النقل.. وعلاقة الحضور والغياب بالدرجات    14محضرا تموينيا بساحل سليم وإزالة تعديات الباعة الجائلين بأبوتيج فى أسيوط    بريطانيا تستأجر رحلات جوية لدعم إجلاء مواطنيها من لبنان    بيع 4 قطع أراضٍ بأنشطة مخابز جديدة بالعاشر من رمضان لزيادة الخدمات    توقعات برج القوس اليوم الخميس 3 أكتوبر 2024: الحصول على هدية من الحبيب    فيلم عنب يحتل المركز الثالث بدور العرض.. حقق 47 ألف جنيه في يوم واحد    مركز الأزهر للفتوى يوضح أنواع صدقة التطوع    نائب وزير الإسكان يتابع موقف تقديم خدمات مياه الشرب والصرف بمحافظة دمياط    تصل ل9 أيام.. مواعيد الإجازات الرسمية في شهر أكتوبر 2024    محامي أحمد فتوح يكشف تفاصيل زيارة اللاعب لأسرة ضحيته لتقديم العزاء    بحث سبل التعاون بين وزارتي الصحة والإسكان في المشاريع القومية    «وسائل إعلام إسرائيلية»: إطلاق 10 صواريخ على الأقل من جنوبي لبنان    4 أزمات تهدد استقرار الإسماعيلي قبل بداية الموسم    التابعي: الزمالك سيهزم بيراميدز.. ومهمة الأهلي صعبة ضد سيراميكا    مفاجآت اللحظات الأخيرة في صفقات الزمالك قبل نهاية الميركاتو الصيفي.. 4 قيادات تحسم ملف التدعيمات    اليوم العالمي للمعلم| الإحصاء: معلم لكل 27 تلميذًا للعام الدراسي 2023/2024    نقيب الأطباء: ملتزمون بتوفير فرص التعليم والتدريب لجميع الأطباء في مصر إلى جانب خلق بيئة عمل مناسبة    وزير الثقافة يفتتح الدورة 24 لمهرجان الإسماعيلية الدولي للفنون الشعبية    ألفاظ خارجة.. أستاذ جامعي يخرج عن النص ويسب طلابه في «حقوق المنوفية» (القصة كاملة - فيديو)    إعلان النتيجة النهائية لانتخابات مركز شباب برج البرلس في كفر الشيخ    نجاح عملية استئصال لوزتين لطفلة تعانى من حالة "قلب مفتوح" وضمور بالمخ بسوهاج    الفنانة منى جبر تعلن اعتزالها التمثيل نهائياً    حكم الشرع في أخذ مال الزوج دون علمه.. الإفتاء توضح    كيفية إخراج زكاة التجارة.. على المال كله أم الأرباح فقط؟    هانئ مباشر يكتب: غربان الحروب    محافظ الفيوم يُكرّم الحاصلين على كأس العالم لكرة اليد للكراسي المتحركة    تعدد الزوجات حرام.. أزهري يفجر مفاجأة    فوز مثير ل يوفنتوس على لايبزيج في دوري أبطال أوروبا    عبد العزيز مخيون يكشف تفاصيل مشاركته في الجزء الثاني من مسلسل جودر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"قناع الموت الأحمر" لإدجار ألان بو.. عندما يأتي الموت بلا دعوة
نشر في بص وطل يوم 13 - 12 - 2010

يبدو أن الغموض كان هو قَدَر إدجار ألان بو (1809-1849) حياً وميتاً؛ فقد عاش حياة صاخبة قوامها الشعور بمرارة اليُتم المبكّر، وصراعه المستمر مع والده بالتبنّي، وقضاء إجازات طفولته في خرائب اسكتلندا وقصورها المسكونة بالقصص المخيفة، وكان عقابه عندما يخطئ أن يعيد كتابة شواهد القبور مرة أخرى.. وهذه الشخصية الحادة الفذة كانت تنزع للتمرّد، وقرض الشِعر، والتحليق في آفاق الخيال، مع نفس تهفّو للحب وتقدسه، وتعتبر أن الرعب الذي لا يُطهر النفس من أدرانها، لا يحقق هدفه.
حياة قصيرة من الألم والإبداع
ومع موهبته الفذة في كتابة الشعر، التي بلغت درجة من الرقيّ والسمو، وجعلت الشاعر الفرنسي الشهير بودلير الملقب ب"بشيطان الجحيم" يقوم بإعلان إعجابه بموهبة "بو"، وتقديسه؛ بل وترجمة أعماله للفرنسية، والحديث عنها في كل مكان؛ مع كل هذا فهو قاصّ عبقري ارتاد أماكن في عوالم القصة لم يرتَدْها أحد من قبله، وهو في نفس الوقت ناقد صارم اشتُهر بقسوته، وتأسيسه لمذهب أدبي فريد، وهو يُعدّ بحق من مؤسسي الأدب الأمريكي، مثله مثل هيرمان ميل فيل، ومارك توين وغيرهما من الأدباء العظماء؛ ليس إبداعاً فقط؛ بل ونقداً وتنظيراً.
برغم هذا؛ فهو يعيش فقيراً، وتموت زوجته بسبب المرض، ولا يجد ما يكفّنها به، لولا إشفاق جيرانه عليه.. ويقضي حياة متقلّبة بقصص الحب الفاشلة التي يدخلها، وإدمانه للخمر والمخدرات.. وهذه النفس القلقة المتمردة كروح سجينة تريد الانطلاق، جعلته يُقدِم على الانتحار في المرة الأولى بإلقاء نفسه في خزان مياه، والثانية بتناوله جرعة قاتلة من اللودانوم، ووُجد ذات يوم ملقى بلا حراك في أحد الشوارع، ونقل للمستشفى، وعندما أفاق قال: "أفضل صديق لي، هو الذي يُجهز عليّ بطلق ناري"، وكانت آخر كلماته:
"إن قباب السماء تسحقني، دعني أمرّ، لقد كتب الله مراسيمه بصورة مقروءة على جبين كل مخلوق إنساني.. إن الشياطين تتجسد سجونهم المزوبعة لليأس الأسود. قاتلاً نفسي، أرى الميناء ما وراء الهاوية.. أين العوامة؟ زورق النجاة؟ سفينة نار، بحر نحاس! الهدوء في كل مكان.. لم يعُد ثمة شطآن".
ولعلّ الرجل كان يرى الموت كما وصفه مراراً في قصصه؛ إما بالتلميح أو التصريح، وربما تعدّ قصة "قناع الموت الأحمر" أكثر القصص التي تتحدث عن الموت بشكل صريح، وقد كانت عنوان المجموعة القصصية، التي قام د. رحاب مكاوي بترجمتها، جامعاً فيها ثلاثين قصة من دُرر الكاتب الراحل.
الموت.. العامل المشترك الأكبر
تعدّ قصة "قناع الموت الأحمر" من القصص المخيفة المنظّرة لقدوم الموت، كزائر في مهمة لن يعود إلا بصحبة من وُكّل به.
تدور الأحداث في مدينة أصابها طاعون الموت الأحمر؛ حيث ينزف الجسد ويهلك، ويقوم الأمير "بروسبرو" بجمع مائة من محبّيه وخاصته، وينقلهم لقصره المنيع، الذي يتميز بقاعاته السبع الفخمة؛ وبينما كانوا يتمتعون ويرقصون، كان الموت لا يزال يحصد الناس بالخارج، وفجأة لاحظوا ذلك الرجل الذي يرتدي قناعاً لوجه رجل ميت، مشدود وكأنه جمجمة، ويرتدي أيضاً ما يُشبه الكفن، ويسير بين الضيوف بكل جرأة، وعندما يُعلن الأمير ضيقه، ويأمر حرسه بإمساك هذا الوقح يتساقطون موتى، ويُدرك الأمير -متأخراً- أن زائره الغامض هو الموت نفسه، والذي لم يفشل في مهمة قط.
الموت نفسه يظهر بعدة صور مختلفة، ومتدرجة؛ ففي قصة "القط الأسود" (أشهر ما كَتَبه "بو") نرى رجلاً متقلب الحال، مدمناً، مضطرب النفس -هل كان يُشبّه "بو" نفسه به يا تُرى؟- يقوم بالقضاء على القط الأسود، وشنقه بوحشية، كمحاولة منه للتكفير يقوم بجلب قط جديد للمنزل.
الكارثة هنا أن القط يُعيد حركات القط القديم بحذافيرها، ويتصاعد ذُعر الرجل عندما يُدرك أن هناك رسماً لما يشبه المشنقة على القط الجديد؛ بل هو يمتلك نفس العين العوراء!
وفي لحظة من لحظات غضبه العارمة -بسبب القط- يقوم بقتل زوجته، ودفنها في جدار القبو، وعندما أتت الشرطة، ظنّ بأنه قد أفلت من العقاب؛ لكنه أدرك -متأخراً أيضاً- أن القط قد دُفن حياً مع جثة زوجته، وهكذا انكشف أمره!
الموت يظهر بشكل مختلف تماماً في القصة الغريبة "موريلا"، الأم والابنة؛ حيث نرى بطل القصة يحكي عن زوجته الفذّة، التي تُخيفه بهدوئها وغموضها؛ حتى إنه تمنى الخلاص منها ليشعر بالراحة، وقبل أن تموت "موريلا"، تُخبره بأنها ستعود مرة أخرى.. وتترك له ابنة يرفض تسميتها، وتصبح قُرة عينه، وعندما يقوم بتعميدها، يختار لها -دون وعي- اسم "موريلا"، وهنا يُفاجئنا "بو" بالنهاية المخيفة، التي تليق بقصة رعب من الطراز الأول، دون أن يشرح أو يفسر ما حدث.
فقط حالة من الخوف الغامض، والإحساس بعدم الأمان، وهو نفس الأمر الذي نجده في قصة "ليجيا" في ذات المجموعة، والتي تُعطي نفس الانطباع الموقظ لهواجس النفس ومخاوفها!
وفي قصته "انهيار منزل أوشر" يتحدث عن كابوس الدفن حياً؛ حيث البشر يتحركون بطريقة مضطربة تعتريها البرودة والفناء بشكل يُشعرك بأن الجو نفسه بارد وكئيب، والانهيار هنا نفسي وحقيقي؛ وكأن له سطوة جبارة لا يقف أمامها شيء.
أما القصة الرهيبة "برميل أمونتيلادو الخشبي"؛ فهي عن رجل ينوي الانتقام -لسبب غامض لا نعرفه- ممن آذاه، وتكون النهاية المرتقبة، والمخيفة في قبو الخمور!
ومن الحب ما قتل
في قصة "سر الغرفة الثالثة" نرى رجلاً يحب زوجته؛ لدرجة أنه يصمم على اصطحاب جثتها المدفونة في الملح عبر رحلة بحرية، تنتهي نهاية سيئة بالرجل العاشق.
وفي قصة "النظرة الأولى" نلمح موهبة "بو" الساخرة، وهو يتحدث عن رجل يعيش في قصور من الخيال المرهف، والذي تنتظره خدعة محترمة، توقظه من أوهامه، عندما يقع في غرام امرأة شمطاء تكبُره سناً.
رائد الأدب البوليسي
من يقرأ قصة "البقة الذهبية" يُفاجأ بعقلية "بو" الممنطقة؛ فنحن نرى رجلاً يبحث عن كنز دفنه أحد القراصنة القدماء، وقد ترك خلفه طريقة مُعقّدة تدلّ عليه.
لكن الإنجاز الأكبر يتمثل لنا في شخصية "أوجست دوبان" الرجل العبقري، الذي يظهر لنا في قصتَيْ "جرائم شارع مورج" و"الرسالة المختلسة" بغليونه المميز، وعقليته الجبارة؛ حيث ليس الاهتمام فقط بمرتكب الجريمة؛ ولكن بدوافعها ومسبباتها، والتأكيد أن لكل مجرم نمطاً محدداً ينبع من شخصيته المنفردة، قد يدلّ عليه.
والكثير من النقاد يعتبرون "بو" هو مؤسس الأدب البوليسي، الذي يعتمد على التحليل والاستدلال المنطقي، وهو بهذا قد وضع لَبِنة هامة لمن جاء بعده، أمثال آرثر كونان دويل في ابتكاره لشخصية شرلوك هولمز، وأجاثا كريستي، وشخصيتها الشهيرة هركيول بوارو.
ومن الصعب الحديث عن كل قصص المجموعة؛ لكننا سنجد فيها بقية من أمتع قصصه، مثل: (القلب الواشي، الحفرة ورقّاص الساعة، بلاد الظلال) وغيرها.
وهي مجموعة ستُحفّزك من أجل البحث عن بقية أعمالها، وقراءتها، والاستمتاع بها.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.