أنا فتاة عمري 32 سنة، على خُلق ودين، جميلة جمالاً هادئاً، سبق أن تمّت خطبتي أكثر من مرة، ووافقت مؤخراً على شاب تقدّم لي منذ عدة شهور. اتغاضيت عن حاجات كتير ومواصفات كنت باحلم بيها لأسباب كتيرة جداً منها: سني، وأسرتي؛ خاصة إن والدتي مريضة، ومرضها بسبب خوفها وقلقها عليّ لحسن أعنّس، وقرايبي وتلميحاتهم، وأصحابي في العمل ونظرتهم.. وأنا كمان أكتر حاجة اتمنتها إن يكون عندي بيت وأسرة. اتقدم لي ناس كتير جداً -مش هاقول إنهم وحشين- مش مناسبين؛ لكن كنت باحاول أدي لمعظمهم فرصة للحديث معاه، وكمان كنت باصلي استخارة؛ ولكن من كُتر ما صليت استخارات كانوا بيمشوا، أو بارفضهم رفض شديد؛ لدرجة إني كنت بابكي كتير وأقول: يا رب ولا حد فيه خير ليّ، يا رب طب لو مافيهومش خير؛ ليه بيتقدموا؟ المهم وافقت على هذا الشخص الأخير، بعد تصميم أمي وإخواتي وأصحابي.. هو شخص محترم وأهله محترمين جداً؛ ولكني باحسّ إنه بعيد كل البعد عن الشخص اللي اتمنّيته لنفسي؛ ولكني باحاول أتأقلم معاه. هو فيه عيوب أنا مش عارفة أتكيف معاها؛ خصوصاً إني عصبية جداً، وسريعة الانفعال والغضب؛ مع إني باحاول أكتم غضبي، وباحاول أتكيّف معاه وباجي على نفسي كتير، وباحس إني هاموت لأني مش قادرة أصرخ فيه. كمان هو مابيعرفش في أي ذوق خالص؛ يعني في كل مناسبة باجيب له هدية وأهتم بيه عشان أخلق نوع من الحب، وهو عكس كده تماماً، ولا في عيد ولا في أي مناسبة يفكّر يجيب لي حتى وردة، ولا عيد الأم جاب لماما، ولا قال لها كل سنة وإنتِ طيبة؛ مع إني عملت العكس تماماً مع مامته، وبالفت نظره إني بازعل، وباقول له إن الرسول صلى الله عليه وسلم بيقول "تهادوا تحابوا".. يقول لي: أبسط حاجة مش معايا فلوس. أنا مش باحسّ إنه بخيل؛ بس مش مُجامل ومش في دماغه القصة دي؛ غير إننا فاضل لنا شهور قليلة جداً على جوازنا، وكل ما أقول له ننزل نشتري أي حاجة لبيتنا مش بيرضى، ومعتمد اعتماد كلي على أهله إنهم هيجيبوا له كل حاجة.. ولما كلّمت مامته، وقلت لها إني عايزاه يتحمل المسئولية تمهيداً لجوازنا، قالت لي: حاجتك هتيجي في وقتها، وماتطلبيش منه حاجة. كمان دايماً بيقول لي إني هاتحمّل المسئولية معاه، وأنا بصراحة خايفة منه جداً ومن بكره معاه، هو إنسان طيب وكويس؛ ولكن عنده هدوء ولا مبالاة بطريقة تنرفز، وبارجع أسكت وأصبّر نفسي بإن مافيش حد خالي من العيوب. يا ترى هيتغير بعد الجواز ويكون عكس ما والدته مأخداه ومربّياه، ولا هيحطّني أنا في مواجهة كل حاجة، ويعتمد عليّ زي مامته؟ tota أختي العزيزة.. مسألة الزواج في سن متأخرة لم تعد الآن كارثة كما في السابق، ولم تعد شيئاً مستغرباً، ولا أنه دليل على وجود عيب في الفتاة؛ فالظروف الاقتصادية والاجتماعية الآن تغيّرت عن الماضي، وأصبح من العادي أن يتأخر سن الزواج للفتيات وللشباب أيضاً.. ولكن الذي أريدك أن تعرفيه يا عزيزتي أن البقاء دون زواج حتى يأتي الشخص المناسب، أفضل بكثير من الزواج من شخص غير مناسب، ثم بعد ذلك يحدث الطلاق لا قدر الله، وتعودين مرة أخرى إلى بيت أسرتك وأنت تحملين لقب مطلقة؛ أعتقد أن هذا أصعب بكثير على والدتك وعلى أسرتك، من أن تظلّي دون زواج حتى يأتي الشخص المناسب الذي تستطيعين التعامل مع عيوبه؛ لأنه لن يأتي شخص خالٍ من العيوب؛ لأنه لا يوجد شخص كامل؛ فالكمال لله وحده، ولكن على الأقل شخص تستطيعين التعامل مع عيوبه. لهذا فعليك بصلاة الاستخارة مجدداً -كما اعتدت هذا الأمر- وإن انتهى الأمر؛ فعليك ألا تغضبي؛ بل على العكس؛ أن تحمدي الله أنك نجوت من زيجة ربما تحمل لك الكثير من الندم في المستقبل لا قدر الله. وثِقِي أنه عندما يأتي النصيب، فلن تستطيعي الهرب منه؛ بل ستجدين أن الأمور تسير بشكل تَعجبين له، برغم كل شيٍء.. والله وحده يعلم أين نصيبك؛ فقد يكون مع هذا الشخص، وقد لا يكون معه، ويكون مع شخص آخر أفضل منه؛ ولكن لا تُجاملي أحداً على حساب حياتك، وعلى حساب مستقبلك؛ فأنت من سيعيش مع هذا الشخص، وأنت من سينكوي بالنار بمفرده، لو كان شخصاً -لا قدر الله- صعب المراس وتستحيل الحياة مع عيوبه؛ خاصة أنه شخص غير مجامل لمن حوله؛ كما ذكرت في رسالتك؛ فكيف سيتعامل معك؟ كما أنه شخص متواكل على والدته، وعلى أسرته؛ فكيف سيتحمل مسئولية أسرة؟! أم أنك تزوجت لكي تكوني أنت الرجل والمرأة معاً؟! لا تكوني قصيرة النظر تنظرين إلى أسفل قدميك؛ ولكن كوني بعيدة النظر؛ فأنت الآن تبنين أسرة، والبناء لا بد أن يقوم على أسس سليمة ومتينة؛ حتى ينمو ويستمرّ، ويكون بناءً قوياً وصلباً، يواجه الزمن ويواجه الصعاب دون أن يهتزّ أو يتصدّع، وتأكدي أن الله لا يفعل أي شيء في غير صالح الإنسان؛ فهو سبحانه خلقنا، وهو أعلم بما يصلح لنا وما لا يصلح، وما فيه خيرنا أو شرنا.