أبدت وسائل الإعلام الإسرائيلية امتعاضها من استضافة قطر لنهائيات كأس العالم لكرة القدم لعام 2022، والذي اعتبرته تحولا كبيرا في تاريخ منطقة الشرق الأوسط، خاصة حيال التعامل مع ما أسمته ب"المتطرفين الإسلاميين"، والحرية المطلقة للمشجّعين من شرب الخمر إلى الملابس، إلى حضور إسرائيليين... وما شابه. على الرغم من الاهتمام الجارف بما يجري في إسرائيل من حرائق طالت أماكن عدة ومختلفة من الأراضي الفلسطينية المحتلة، في الشمال والجنوب، ومقتل العشرات من الإسرائيليين حرقا، وثبوت عجز وفشل الجبهة الداخلية الإسرائيلية أمام أول كارثة طبيعية حقيقية، فإن وسائل الإعلام العبرية أبدت الاهتمام أيضا بالإعلان عن فوز قطر بتنظيم مونديال كرة القدم لعام 2022. في البداية قالت صحيفة يسرائيل هيوم العبرية في الرابع من الشهر الجاري أن الأموال هي التي حقّقت الفوز لقطر، حيث نجحت الدوحة في إقناع العالم والاتحاد الدولي لكرة القدم بأن الأموال تصنع المعجزات، فتحت عنوان "الأموال تحيط المونديال" كتب المعلّق السياسي للصحيفة عاميت لفينتال أن تنظيم مونديال كأس العالم لكرة القدم للعام 2018، ذهب لأكبر دولة في العالم من حيث المساحة وهي روسيا، في حين نالت قطر، التي تعدّ من أصغر دول العالم مساحة، وتعداد سكانها لا يزيد على 1.7 مليون نسمة، شرف تنظيم مونديال الكأس نفسه لعام 2022، ليصبح المونديال العالمي الأول في منطقة الشرق الأوسط والعالم العربي. وأشار الكاتب الإسرائيلي إلى أن روسيا ربما تخالف قطر تماما في ملاعبها، فهي مترامية الأطراف وتنوي إنشاء استادات جديدة ومنشآت رياضية جديدة، وبتكنولوجيا عادية، في حين أن الدوحة لديها استادات دولية، وستتمكّن من توصيل تكنولوجيا متقدّمة إليها؛ حتى يمكن تكييف تلك الاستادات أيضا، حيث قامت ببناء تسعة استادات جديدة، وثلاثة في الطريق بتكلفة إجمالية تتخطى 4.5 مليار دولار، وذلك خلال مساحة لا تتعدى 25 كم فقط، في أصغر بقاع الأرض. لكن تساءلت الصحيفة العبرية عن كيفية تعامل قطر مع شرب الخمر والملابس المفتوحة للمشجعين من أنحاء العالم، وكذا عن احتمالية وصول إسرائيل إلى نهائيات مونديال قطر 2022. وعلى العكس، وتحت عنوان "شرق أوسط جديد" كتب رونين دورفان -المحلل السياسي للصحيفة نفسها- في اليوم نفسه أن قطر نالت شرف تنظيم المونديال، بعد أن قدّمت عروضا مغرية في ألعاب جماعية وفردية أخرى، مثل الجولف واليخوت والفورميلا وألعاب القوى والتنس، مؤكدا أن العائلة القطرية كثيرا ما استثمرت أموالها في الرياضة، بمعنى أن الأموال صنعت المعجزات في قطر، وكثيرا ما نجحت الدوحة في تنظيم العديد من الألعاب الجماعية للقارة الآسيوية، فضلا عن اشتراك لاعبين إسرائيليين في كثير من هذه الألعاب، دون غضاضة من المسئولين القطريين. وعزا الكاتب الإسرائيلي نجاح قطر في استضافة المونديال الكروي إلى أسباب أخرى غير الأموال، مثل نجاح الشيخة موزة بنت ناصر المسند -زوجة الأمير القطري- في تحويل الأنظار إلى المرأة المسلمة بنظرة إيجابية، وتقديم قطر بصورة الدولة الإسلامية المعتدلة؛ لما قامت به من أعمال خيرية، واشتراكها في أعمال أخرى في منظمة اليونسكو. بيد أن الكاتب الإسرائيلي تمنى أن تبني بلاده استادات عالمية على غرار ما فعلته قطر، لكنه في الوقت نفسه أشار إلى أن هذه الاستادات ستصل إليه في يوم من الأيام، وهي إشارة ضمنية إلى أن قطر أصبحت دولة معتدلة، يمكن للإسرائيلي الوصول واللعب فيها بشكل عادي جدا، وكأنه يلعب في مدينة تل أبيب الإسرائيلية مثلا.