بسم الله الرحمن الرحيم.. الإخوة الأعزاء أعضاء فريق "بص وطل" المحترمين، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. كنت قد أرسلت لكم سابقاً بخصوص الإنسانة التي أحبها ومهاتفتها لي بعد مرور 3 سنوات وتمسُّكها بلبسها الذي لا يُرضيني أو يرضي أهلها. والجديد أنها اتصلت بي مؤخراً، وقالت إنها غيّرت من طريقة لبسها -كما ترى هي- وأنه فعلاً لبس جيد.. وقد قُمت بسؤال أقربائي ووالدتي، وأفادوني بأنها لم تغيّر أي شيء.. ولما ناقشتها قالت لي إن موضوع اللبس يُفضل تأجيله لحين عودتي بسلامة الله للوطن، ومعه تُؤجل خطبتنا حتى تتمّ موافقتي على لبسها. لكن ما يشغل بالي حالياً هو أني طلبت منها كثيراً التقدم لخطبتها رسمياً لتكون علاقتنا في النور، وطلبت الانتظار لحين عودتي بالسلامة؛ علماً بأن والدها يسكن بجانبي في بلاد الغربة، وعلّلت بذلك رغبتها أنها تريدني بجانبها عند إشهار الخطوبة، وكذلك تتحجج بما وجدته مني حالياً من تعنّت في بعض الأمور، من وجهة نظرها، ومن ضمنها موضوع اللبس السابق ذكره. وما كان مني إلا أن قمت بتخييرها بين خطوبتنا حالياً أو أن نقوم بقطع المهاتفات لحين عودتي وإتمام الخطبة؛ لوضع حدّ لذلك الموضوع، واختارت تأجيل الخطوبة لحين عودتي، مع غضبها الحادّ لقطع الاتصال بيننا. ولا أعلم السبب الرئيسي وراء الإصرار على ذلك؛ سوى أني لاحظت، من خلال كلامها عن خطوبتها مرتين من قبل، أنها لا تريد أن تكرر غلطتها مرة أخرى، وتريد إنساناً كاملاً، وأن تكون خطوبتها للمرة الثالثة بعد تفكير عميق وتأنٍّ شديد. كما أني وجدت بها شيئاً غريباً، وهو رغبتها في امتلاكي بطريقة غير عادية؛ وذلك بإشارتها إلى أنها تغار عليّ من والدتي ومن طريقة تعاملها معي وحبي وتعلقي الشديد بها، وتدليل والدتي لي بكلمات من الحب والحنان الذي يلمسه أي شخص مع والدته؛ مع أني أخبرتها أن حبي لوالدتي شيء وحبي لها شيء آخر إلا أنها لا تريد أن تفهم، وتريدني لها فقط. وكذلك ترغب في الاستقلال بمنزل خاص بها؛ مع أنها تعرف جيداً أن شقتي جاهزة في منزلنا؛ وذلك لتجنب المشكلات مستقبلاً بينها وبين أفراد عائلتي؛ بحسب ما سمعت عن مشكلات صديقاتها اللاتي خُضن نفس التجربة. أنا مشتت جداً؛ سواء من ناحية إصرارها على تأجيل الخطوبة، أو من ناحية استعدادها للمشكلات مستقبلاً، أو من ناحية أفراد عائلتي ورغبتها في تملكي؛ ولكن الشيء الوحيد الذي أثق به؛ هو ما اتخذته من قرار ببعدي عنها، وانقطاع المهاتفات بيني وبينها؛ لحين خطوبتنا رسمياً. من فضلكم أريد إجابة واضحة فقط للتأكيد على شيء أنا مقتنع به وهو: أيُقصد بالتعنّت والإنسان الغيور -وليس الديوث- هو محاولة النصيحة في تغيير اللبس الخاص بإنسانة يتمناها زوجة صالحة له، إلى اللبس العادي المقبول، الذي يُرضي الله ويُرضي المجتمع، وفي نفس الوقت يحافظ على رونقها بين الناس حتى تظلّ وردة وجوهرة كما هي؟ وأسئلة كثيرة تطرح نفسها ذكرتها في الرسالة ولا أعلم ما الحل فيها. جزاكم الله كل خير، وتقبلوا خالص التحية لجهدكم الكبير. islam صديقنا العزيز.. نشكرك جزيلاً على رسالتك الرائعة، التي تدل على شخصية محترمة لها تفكير ناضج لا يحتاج سوى حسم القرار، واستشارتُك دليل أيضاً على سعة أفقك؛ لأنه "ما خاب من استخار ولا ندم من استشار". أتفق معك تماماً على وجوب اختيار ملابس تُرضي الله، وهذه مسألة ليس لأحد أن يعبث فيها؛ لأنها من المبادئ الثابتة التي يجب أن يتّفق عليها المجتمع ويستقيم على طريقها. أما إصرار فتاتك على ملابسها غير المقبولة؛ فسيكون نتيجة تربية غُرست بداخلها منذ البداية؛ لذا فهي لن تغيّر شيئاً تعتقد تماماً في مفاهيمها أنه صحيح؛ خاصة إذا لم يكن داخلها رغبة حقيقية للتغيير.. أو نتيجة رغبتها في جذب الانتباه والبحث عن نظرات الإعجاب، وكتعويض لحب الظهور الناتج عن صدمتها في التجارب الفاشلة التي مرّت بها. وشخصيتها -التي أظهر الله لك فيها محذّرات وتنبيهات من خلال تصرفاتها- لا أعتقد أنها تتفق معك كزوجة صالحة تحتاج منها إلى احترام آرائك والاستكانة لك كزوجة، ولا أقصد ب"الاستكانة" الخضوع وإلغاء الشخصية؛ وإنما ترْك القوامة لك كرجل؛ حتى يستقيم عماد الأسرة؛ لأن هذه هي الفطرة السليمة.. وتقبّل المرأة لشخصية زوجها وحبها له هو الذي سيجعلها تلعب دورها الصحيح؛ لا أن تكون نِدّة له، تصرّ على آرائها حتى وإن كانت مخطئة. كيف ستكون تلك الفتاة -صديقي- زوجة صالحة تُربّي أبناءك تربية يرضى عنها الله وتفخر بها أنت، وهي التي تتخوف منها من كل ما تبين لك؟ وكيف تأمن لفتاة تغضب غضباً حاد من توقّف محادثاتك معها؛ على الرغم من رفضها وتقديمها لأعذار وهمية لعدم الارتباط الرسمي في النور؟ صديقي.. الأمر يحتاج منك إلى تفكير في كل ما أسلفنا من نقاط؛ فالرسول يُرشدنا إلى التدبر والتفكّر قبل اختيار شريك الحياة ويُحذّرنا فيقول: "تخيّروا لِنُطَفِكُم فإن العِرْق دسّاس". كنت رائعاً في تفكيرك عندما أردت لتلك العلاقة أن ترى الشمس، وتكون في طريق الخطوبة والارتباط الرسمي؛ ولكن إصرارها هي على موقفها يدلّ على أنها لم تكن تريد الارتباط بك في الأساس؛ ولكنها فقط تسعَد بوجود شخص في حياتها يُشعرها أنها لا تزال مرغوبة، وأن تحيا في قصة تَشغل بها نفسها، بعيداً عن شبح الفراغ والوِحدة وألم التجارب الأولى. لذا فهي غير مؤهلة الآن لأن تحب بطريقة صحيحة، وتأجيلها لأي ارتباط رسمي بينكما؛ ربما يكشف عن انتظارها لفرصة أخرى أو شخص آخر؛ فإذا لم تجده كنت أنت موجوداً على كرسي الاحتياط. أنت تحتاج فتاة متّزنة تتفق مع مبادئك، تحبك بصدق، وترى فيك كل الصفات الإيجابية والسلبية وتتقبلك بها؛ بل وتسعَد في ارتباطها بك، وعندما يحدث ذلك سترى أن حبها الحقيقي جعلها تُحبّ كل من له علاقة بك؛ فستهتم بوالدتك ربما أكثر منك أنت، وستملأ قلوب أفراد عائلتك كلها بالحب تجاهها؛ لأن الحب الصادق لا يدخل فيه أبداً أنانية ورغبة في الاستحواذ عليك؛ بما في ذلك وطء علاقتك بأقرب الناس إليك (أمك)، التي وصّاك الله بحسن مصاحبتها في الدنيا لتمنحك رضاها الذي سيُعطيك سعادة الدنيا والآخرة. مخاوفك يا أستاذي في مكانها، وما شعرت به هو فعلاً صحيح.. أنت فقط بحاجة إلى الاستقرار في حياتك الخاصة؛ لأن السفر والغربة ربما كان لهما تأثير كبير على تركيزك على هذه الفتاة؛ فأنت ليست لديك فرصة لترى غيرها، أما عندما تستقرّ وتتأنى في اختيار شريكة حياتك، سترى أن هناك فُرَصاً عديدة أخرى لحب صادق وشريكة تملأ حياتك بالحب والسعادة في عشّ الزوجية، وضع في معايير اختيارك رضا والدتك أو أخواتك الفتيات عنها؛ لأن خبايا المرأة تستطيع أن تشعر بها امرأة مثلها. وأؤكد لك أنك بإذن الله ستجدها؛ خاصة وأنك قد راعيت الله وأبيت في علاقتك بهذه الفتاة سوى طريق الله الواضح والسليم، وتلمّسَت روحك النقية بداخلك القرار السليم، بعدم الاستمرار في علاقة ومهاتفات بلا هدف ولا علاقة رسمية. تمنياتي لك باختيار سليم وحياة زوجية ناجحة.