لا أتحدث عن شباب الجامعة لما يتخانقوا بالأجندات فيفتح بعضهم رؤوس بعض.. فيصيروا أصحاب أجندات.. بل أتحدث عن بلطجة قريبة الشبه وهي بلطجة الحزب أن "من لا يحب مصر بنفس ذات بالطريقة التي نحبها بها فهو صاحب أجندة".. وهي تهمة تذكّرني بتهمة معاداة السامية في أوروبا.. صاحب أجندة إذن أنت شخص مشكوك في ولائك.. مشكوك في انتمائك.. مشكوك في وطنيتك ومصريتك، برغم شربك من نيلها، ومهما جربت تغني لها، أنت صاحب أجندة خارجية ومعادٍ للسامية والست حسنية.. أصبحت الأجندة تهمة كل من يعارض توجّهات الحكومة خارجيا، وهو اتجاه نادرا ما أصبحت الحكومة المصرية تلتفت له أساسا في فترة التقوقع حول الذات والشرنقة حول الفتات، والكرمشة حول الحبشتكانات.. مصر التي أصبحت لا تنظر إلا في المرآة فلا ترى إلا نفسها بالتبعية، أصبحت تعتبر الخارج عدوا.. ولذلك فلا تحاول أن تنادي بقومية؛ لأن العرب بيكرهونا.. ولا تحاول أن تنادي بإسلامية لأننا ضد الإرهاب.. ولا تحاول أن تطالب بعلاقات متوازنة مع إيران؛ لأننا ضد الشيعة الذين يحاولون اختراقنا.. أو تنادي بعلاقات متجاوبة مع تركيا؛ لأننا ضد الذين يحاولون أن يستأسدوا على حسابنا.. والقطريون يكرهوننا ولا تسألني ليه.. والسوريون يحقدون علينا ولا تسألني على إيه يا حسرة.. أنا الآن وُصمت بالتهمة.. أصبحت في وجهة نظرك صاحب أجندة.. ومش وطني.. ولكن مهلا يا صديقي والله أنا مصري وأبويا مصري.. بسماري ولوني مصري، وبخفة دمي مصري.. وكل مصري الله عليه.. ولذا أتوسل إليك.. سأترك الخارج تماما، ولن أتكلم في هذا الكلام الكبير.. لن أتحدث عن البعابع التي حولنا، وسأحدّق معك في المرآة.. فقط نرى أنفسنا.. نتأمل في خلقتنا، نلتفّ حول ذواتنا، ونتشرنق حول فتاتنا، ونتكرمش حول حبشتكاناتنا.. منذ أن بدأت بشاير انتخابات مجلس الشعب وبعد إلغاء الإشراف القضائي في التعديلات الدستورية الميمونة في 2007 الشيء الوحيد الذي أثبت ذكاء هذه الحكومة.. بدأ الفأر يلعب في عب المعارضة في ظل غياب أي إثبات أو ضمان على نزاهة الانتخابات، اللهم إلا ذمة الحزب التي هي "يويو" كما تعرف.. بعض المعارضة قاطع الانتخابات لأنها ستكون بالتأكيد مزوّرة، وبعضها قرر المشاركة من منطق إثبات الوجود.. وبعضها شارك من منطق التكتلات العائلية والقبلية وتوازنات القوى.. وبعضها طبّخ مع النظام لتجميل الوجه المزمع تشويه أمّه.. لا تعرف حكومتنا بقانونييها بدستورييها بسلطاتها ببابا غنوجها أن هناك فروقا كبيرة بين الإشراف الدولي والرقابة الدولية والرصد، أو لا تحاول أن تعرف الفرق، أو تعرفه ولكنها تعمّم لتضليل الشعب المضلَّل -بمزاجه- منذ فجر التاريخ..
ثم برزت مطالبات بإشراف قضائي كامل، ولما تعذّر تحقيق هذا المطلب بحجة أن عدد القضاة كشّ عن 2005 ولم يعد يكفي، لارتفاع نسبة الوفيات في صفوف القضاة تحديدا، أو لزيادة عدد اللجان، أو لارتفاع مواليد الصناديق.. لا يهمّ.. المهمّ أنه تمّ الرفض القاطع، فبدأ الفأر يزداد لعبه في عبّ المعارضة، فطالبت بمشاركة دولية في الانتخابات.. حقّ فرضه تعسّف النظام ونيته المبيتة للتزوير حسب المعطيات الحالية.. فتمّ إلقاء التهمة الجاهزة على مختلف المقاسات.. أصحاب أجندات خارجية.. ويؤيدون التدخل في شئون مصر الداخلية.. ويدعون لانتهاك السيادة الوطنية.. ويبحثون عن موطئ قدم لأسيادهم اللي مشغلينهم.. ورغم أن المنطق مقلوب أساسا فإن الحكومة كالعادة أطلقت كلابها المسعورة في كل وسائل الإعلام المسموعة والمرئية والمقروءة.. حافظوا على استقلال البلد من المخربين.. مصر أقوى من أي تدخل.. لن نسمح بالاحتلال من جديد.. التزوير التام أو الموت الزؤام.. صارت الحرية عمالة، والنزاهة احتلالا، والشفافية أجندة خارجية.. لا تعرف حكومتنا بقانونييها بدستورييها بسلطاتها ببابا غنوجها أن هناك فروقا كبيرة بين الإشراف الدولي والرقابة الدولية والرصد، أو لا تحاول أن تعرف الفرق، أو تعرفه ولكنها تعمّم لتضليل الشعب المضلل -بمزاجه- منذ فجر التاريخ.. الإشراف الدولي هو أن تشرف على الانتخابات بالكامل جهات خارجية، ويحدث هذا في مناطق الاضطراب ومواقع الصراعات والنزاعات.. أما الرقابة فهي الإجراءات التي تتسم بالموضوعية والحياد بشأن أعمال المتابعة والرقابة، وتقصّي الحقائق، حول صحة إجراء وسير العملية الانتخابية، والتحقق من الدعاوى التي تشير إلى حدوث أية انتهاكات، وتتم من جوه من بره مش فارقة ما دام الشرط هو الحياد والموضوعية.. والرصد هو وجود منظمات دولية مدنية تشارك في عملية تقييم نزاهة الانتخابات ومدى تمتعها بالحرية من عدمه.. وهكذا نجد أمامنا طريقين لا ثالث لهما.. إما عملية "لا انتخابية" منزوعة النزاهة أو تهمة أصحاب الأجندات، وننادي برقابة دولية.. ويبان بقى المستخبي.. اللي مات من عشرين سنة ولسه بينتخب الهلال والجمل مش هيبقى قدامه غير إنه ييجي بنفسه.. اللي ساقط من الكشوفات وهم نسبة بسيطة تيجي نص الشعب كده ولا حاجة لازم بقى يموتوا عشان يبقى كله في السليم.. اللي بيدخل خمستاشر عشرين مرّة يعلم على الهلال والجمل أكيد يعني مش وطنية متفجّرة.. قفل الطرق المؤدية إلى اللجان، وقفل أبواب اللجان، وقفل الصناديق اللي جوه اللجان.. الصناديق اللي بتدخل مليانة.. وعينها مليانة.. التقفيش المستمر قبل الانتخابات لكل اللي بيفكر أو واقف جنبه واحد بيفكر يخوض التجربة.. إغلاق أبواب تقديم طلبات الترشّح لمن ينجو من التقفيش سالف الذكر.. ألف سبب وسبب يدفعني لأقف مع الوطنيين الشرفاء عديمي الأجندات -اللي بيكتبوا على ورق نتيجة- بلاها رقابة دولية، وبلاش فضايح، وخلي الطابق مستور.. واصبر على جار السوّ.. خلينا منا فينا، أهل في بعضينا.. زيتنا في دقيقنا.. وبلاش ننشر غسيلنا الوسخ قدام الأجانب.. وجود رقابة دولية على الانتخابات في مصر: تدخل وانتهاك للسيادة الوطنية 14% (13 صوت) ضمان وحيد للنزاهة 46% (42 صوت) كده كده هتتزوّر 40% (36 صوت) عدد الاصوات : 91