مشكلتي إني مش عارف أعمل إيه في حياتي.. أنا شاب مصري زي كتير زيي، اتخرج من الكلية، ولقى القهوة فاتحة له ذراعاتها؛ بس الحمد لله أنا مش بحب القهاوي والكلام ده.. مش عارف مشكلتي مادية ولا اجتماعية ولا عاطفية.. مشكلتي أولاً ما فيش تواصل بيني وبين والدي، حاولت كتير أصلّح العلاقة بينّا؛ بس فيه جروح قديمة، حاسس إن عندي عقدة الأب، وكتير منّا عنده العُقدة دي. وطبعاً زي أي شاب، نفسي أحب واتحب، نفسي أحس إن حد بيخاف عليّ ويحبني، وأنا بابادله نفس الشعور ده؛ بس أنا عندي اقتناع شخصي إني عشان أحب وأتكلم مع واحدة لازم يكون نيتي إنها تبقى دي اللي هارتبط بيها وهتبقى شريكة حياتي في السراء والضراء.. شفت بنت وعجبتي جداً؛ بس ما حاولتش أتكلم معاها؛ بس كل اللي قدرت أعمله إني أدعي ربنا تكون من نصيبي، لحد ما أقدر أكوّن نفسي. ونسيت الموضوع ده، مش عاوز أشغل دماغي بيه، عشان ما اتعبش من التفكير.. أنا سايب الموضوع لربنا. بالصدفة كنت باتكلم مع بنت عمتي -يعني مجرد دردشة- كل واحد يسأل التاني سؤال، وكانت أسئلتها بتدور حوالين: هي عاوزة تعرف أنا بحبها ولا لأ؟؟ ومن كلامها حسيت إنها بتحبني جداً؛ بس أنا مش عارف أعمل إيه؟ أخليني مع اللي بتحبني، ولا أفضل ورا حبي اللي بادوّر عليه ودعيت ربنا إنها تبقى من نصيبي؟ أنا محتار، مش عارف أعمل إيه. A.A صديقي العزيز.. اسمح لي أن أؤجل الحديث عن موضوع الحب والارتباط وأي من الفتاتين ستختار إلى نهايه الحديث، والآن دعنا ننظر إلى رسالتك بشكل عام: في خلال حديثك تطرّقت لأكثر من مشكلة وكلها في غاية الصعوبة؛ سواء مشكلتك مع والدك أو مشكلة المستقبل وتكوين الذات، وفي النهاية مشكلة اختيار الفتاة المناسبة. وأظنك لن تختلف معي في أنك لكي تحل كل هذه المشكلات ستحتاج إلى دعم ومساعدة كبيرة.. ولا أقصد هنا الدعم من البشر؛ ولكني أقصد الدعم من الله سبحان وتعالى الذي يملك وحده مصائرنا وقدَرَنا، ولذلك فأنا أرى أن أول خطوة لتحقيق النجاح والوصول لأهدافنا هو إرضاء الله تعالى. أعلم أنني قد أطلت عليك بهذه المقدمة التي أعرف جيداً أنك تعي كل كلمة فيها؛ فمن الواضح من رسالتك أنك شخص يتمتع بقدر من العقل والحكمة؛ ولكني قصدت من هذه المقدمة أن أبدأ معك في الحديث عن أول جزء من مشكلتك وهو علاقتك مع والدك.. وكما تعرف فرضا الوالدين من رضا الله سبحان وتعالى؛ لذلك عليك أن تضع جزءاً كبيراً من تركيزك على إصلاح العلاقة بينك وبين والدك؛ فما حدث في الماضي قد حدث وانتهى، ولن نقول الآن من كان منكما المخطئ، ومن كان على حق؛ لكني أطلب منك أن تسامحه من كل قلبك على أي شيء تشعر أنه قد قصّر فيه تجاهك، وأن تبدأ معه صفحة جديدة بقلب صافٍ.. وفي النهاية فوالدك هو أكثر شخص يتمنى لك الخير حتى لو اختلفت وجهات نظركما. نأتي للجزء الثاني من مشكلتك، التي ليست مشكلتك وحدك؛ ولكنها مشكلة عدد كبير من الشباب، وهي صعوبة تكوين المستقبل وإيجاد فرصة عمل مناسبة والحصول على دخل ثابت يمكّنهم من تأسيس بيت مستقرّ.. بالطبع هذه المشكلة لن أفيدك كثيراً في حلّها؛ ولكن كل ما أستطيع أن أنصحك به هو أن تحاول أن تجد لنفسك هدفاً تسعى إليه وتبذل كل جهدك للوصول إليه؛ فالهدف -مع الأسف- أصبح قيمة مفقودة في حياة شبابنا هذه الأيام؛ فعندما نتخرج من الجامعة ونُنهي تعليمنا، لا نعرف في إلى أي طريق نتّجه؛ لأننا ببساطة لم نتعلم كيف نضع لأنفسنا هدفاً منذ البداية. وفي العصر الذي نعيش فيه، لا بد للإنسان أن يخطط جيداً لأحلامه، وأن يتعلم كيف يصل لأهدافه، والحمد لله أنك لست من محبي الجلوس على القهاوي.. فلتستغل وقتك إذن في تطوير نفسك ومهاراتك، وأخذ كورسات في اللغة والكمبيوتر، وكورسات متخصّصة في المجال الذي درسته؛ لتصبح مميزاً عن غيرك، ويصبح من السهل عليك أن تجد العمل المناسب لك. ولا تنسَّ -كما قلت لك- أن الأهم أولاً وأخيراً هو رضا الله سبحان وتعالى، والرضا بما قسمه لنا، والسعي الدءوب للوصول لأهدافنا. أما بالنسبة لمشكلتك العاطفية، التي تعمدتُ أن أؤجلها لآخر الحديث؛ لأن هذا هو المكان المناسب لها؛ فلكي تبدأ في أية علاقة وتتأكد أنها تسير في الطريق السليم، لا بد أولاً أن تعرف أولوياتك وتحددها جيداً، وعندما تشعر أنك تملك المقدرة على أن تحمي وتصون أية علاقة عاطفية تبدأ فيها، سيكون هذا هو الوقت المناسب لاختيار شريكة حياتك، وكما قلتَ أنت في رسالتك "أنا سايب الموضوع لربنا"، وهذا هو أفضل شيء، وكل ما حكيت عنه هو مجرد إعجاب متبادل؛ سواء بينك وبين الفتاة الأولى أو بينك وبين ابنة عمك؛ حتى لا تدخل في مشاكل لا وقت لها في حياتك الآن. فأنا أنصحك بتأجيل التفكير في هذا الموضوع للوقت المناسب، وعليك أن توضّح لابنة عمك أنك لا تفكّر في هذا الموضوع الآن؛ حتى لا تتعلق بك أكثر. وتجنّب الحديث الخاص بينك وبينها. وفي النهاية أدعو الله لك أن يوفّقك لما يحبه ويرضاه، وأن يهديك لطريق الخير.