لم يرحموا مصر كلها وخرجوا من باطن الأرض يدفعهم الغدر وتغذّيهم أفكار سوداء ليقتلوا الرئيس السادات، ويقتلوا معه الفرحة بذكرى الانتصار في قلب كل مصري، رصاصاتهم التي استقرّت في صدر الرئيس الراحل لم تقتله فقط بل حوّلت يوم الانتصار إلى عزاء، وجعلت من المنصّة مسرح جريمة، بعد أن كانت ساحة انتصار، لهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدا.. فنحن لا نسامح القتلة.. لن نسامح خالد الإسلامبولي وعبد السلام فرج وعطا طايل وعباس حسين وعبد الحميد عبد السلام وعبود الزمر، وكل من شارك بالقول والفعل في جريمة السادس من أكتوبر سنة 1981، ليس فقط لأنهم غدروا بالرجل يوم انتصاره، ولكن لأنهم فتحوا الباب لطوفان من الدم والعنف لم نتخلّص منه إلا قريبا، أسّسوا لنوع جديد من نشر الإسلام -كما يقولون- ما زالت آثاره عالقة في أذهاننا حتى الآن، بل وتزورنا بعض قنابله من حين لآخر في الحسين وأمام الكنائس ووسط شرم الشيخ، فهم لم يقتلوا السادات فقط بل اعتمدوا السلاح من بعده وسيلة للتفاهم، وصاروا أبطالا وقدوة لشباب جماعتهم الذين نشروا في أرض مصر الإرهاب، ونشروا في أرض العالم صورة مشوّهة وشريرة للإسلام، فما نعانيه الآن وما عانيناه في التسعينيات ليس مقطوع الصلة بمجموعة خالد الإسلامبولي وما فعلته أمام المنصة، ولهذا لا يمكن أن نسامحهم أبدا حتى وإن عاد تلاميذهم بعد كل هذه السنوات ليعترفوا بخطئهم، ويطلبوا لهم العفو والغفران، حتى وإن اعترف محاموهم وأبناء جماعتهم بأنهم تحرّكوا نحو المنصة بقنابلهم مدفوعين بحبّ مصر والغيرة على الإسلام. إنهم قتلة ولا شيء آخر حتى وإن كانوا مجرد عرائس ماريونيت حرّكتهم أيادي مؤامرة أكبر منهم كما يعتقد البعض.. جناة على مسرح جريمة ما زالت تفاصيل أحداثه غامضة ومريبة، ويداعبها الكثير من الشك؛ ربما لأن كثيرين يرفضون فكرة أن رئيسهم تمّ اغتياله بين أولاده ورجال قواته المسلحة وحرسه بهذه السذاجة المفرطة وكل هذا العبث، أو ربما لأننا اعتدنا في مصر ألا نصدّق كل ما تقوله الحكومة دائما، أو ربما لأننا لا نصدّق ولا نوافق على أن يبقى أشهرهم الباقي على قيد الحياة، وهو عبود الزمر حبيس أسوار السجن، رغم أن عقوبته القانونية قد ولّت وكأن هناك محاولة لإخفاء شيء ما.. حدث ما حدث وشارك السادات في اغتيال نفسه حينما منح التطرّف فرصة للظهور والانتشار مثلما يحدث الآن، ونشاهد بأعيننا قتلة آخرين مثلهم مثل السابقين، ولكن في المراحل الأولى.. ضحايا لأفكار دينية متطرّفة عادت لتنتشر في شوارعنا الآن، كما تنتشر النار في الهشيم وتستعد إلى أن تحيلنا إلى ضحايا كما فعلت في السادات سنة 1981، وفعلت فينا من بعد ما سالت الدماء فوق المنصة! نُشِر بموقع اليوم السابع بتاريخ 7/ 10/ 2010