السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.. أوّلاً أُحبّ أن أتقدّم بخالص الشكر لجميع العاملين في "بص وطل"، وما أُرسله لكم الآن هي ليست بمشكلة، ولكنها أسئلة تدور في رأسي أتمنّى أن يتسع صدركم لها، أنا فتاة عمري 21 سنة، تربيت في أسرة قائمة على حبّ الله عزّ وجلّ وطاعته، والحمد لله أُحافِظ على علاقتي بالله سبحانه وتعالى؛ لذلك ما سمعته وما رأيته ولا زلت أسمعه وأراه يُؤلمني جداً، وأحياناً يُثير ضحكي، وربما سخريتي، والذي أراه وأسمعه بلا شك حضراتكم تسمعونه وترونه. شباب يظنّ نفسه أنه لا يفعل شيئاً خطأ، وهو يصاحب هذه الفتاة وغيرها الكثير، ويُوهم كل واحدة أنه يحبّها ويمضي في ضحكه عليها تطبيقاً لمبدأ "يا عم هي أصلاً اللي عايزة كده.. أصل دي مش متربية".
وبذلك يُعطي لنفسه مبرراً لأفعاله كي يرتاح ضميره إن كان موجوداً من الأساس، وهذا رأيته في محيط الجامعة كثيراً حتى مللت شباب عايش بدون هدف، وتشعر كأنه دخل الجامعة وكل همّه فقط أن يُصاحب هذه وتلك، بل ويشعر من لا يفعل هذا أنه منبوذ أو شاذ عن القاعدة، ويشعر مَن حوله بأنه ليس رجلاً، فسؤالي هو: ليه بتتسلّوا وتضيّعوا وقتكم في حاجة مش مفيدة؟
وحتى لو البنت دي فعلاً مش محترمة؛ ليه ما تدخلش الجامعة لهدف العِلم وبس؟!! ليه ما تبقاش إنسان عفيف.. ولو واحدة عايزه تدخل معاك في علاقات زي دي تصدّها؟!! أنا عارفة إن فيه شباب محترمين، وعارفة إن فيه علاقات زمالة وبس.
أنا قصدي اللي بيضحكوا على البنات ليه بيعملوا كده؟
وسؤالي للبنات: ليه تخوني ثقة أهلك فيكِ، وتصاحبي وتسيبي وتعرفي شباب من ورا أهلك، ما تعرفيش إن هو مِن جواه بيحتقرك وعمره ما هيفكّر يرتبط بيكِ؟
ملحوظة: أنا اخترت محيط الجامعة كمثال؛ لأنه هو أكتر مكان مليان بحاجات زي كده، ومعظمنا بيشوف كده في جامعته، آسفة جداً إني طوّلت عليكم وباشكركم جداً.
Bent Misr
صديقتنا العزيزة... كم أنا سعيد برسالتك، وكم حمدت الله أنه ما زال في الدنيا بقية من خير.. وأنا أشارككِ موقفكِ تماماً يا صديقتنا، وأتساءل وكلي حيرة نفس الأسئلة التي تسألينها.. ولهذا فإني لن أجيب لكِ على أي سؤال، بل سأطرح أنا أيضاً وجهة نظري، وأتمنّى أن يكون هناك نقاش بنّاء وهادف على هذه المشكلة..
اسمحي لي أن أضع عنواناً للظاهرة وهو: هل كون البنت غير محترمة يكون مبرراً لإقامة علاقة غير محترمة معها؟!!
هل أنتَ طرف سلبي فقط تتقبّل وتتعامل على أساس الفتاة التي تتعرّف عليها، وتريّح ضميرك بمبرر ضعيف أنها هي اللي مش محترمة؟!!
هل يجوز أن نسرق اللص بحجة أنه لص؟ أو هل نذهب لبيوت الدعارة لمجرد أنها مقامة لهذا الغرض؟
منطق سقيم وضعيف ولا يحمل أي عقلانية.. الشاب الذي يفقد الهدف ويفقد الطموح ويكون كريشة في مهب الريح، يدخل الجامعة التي هي دار العِلم والنشاط والإيجابية، ويجعل همّه كله أن يعصي الله مع هذه، ويبتسم لهذه، ويُراسل هذه، ويُصاحِب هذه، ويُقيم علاقة آثمة مع هذه، ما المحصّلة لديه في النهاية؟
هل يستريح نفسياً؟ والله أبداً بل إني من خلال خبراتي البسيطة، وجدت معظم المتعبين نفسياً والمرهقين عاطفياً هم هؤلاء الذين يفتحون أبواب قلوبهم على البحري، ويُحوّلون العاطفة النبيلة إلى نزوة وشهوة عابرة؛ حتى يصيبهم الملل فتصيبهم العقد والإحباط والاكتئاب..
الذي يفعل هذا ويدخل عالم العلاقات الهامشية هذه تزداد حيرته عند الزواج؛ لأنه يظنّ أن كل الفتيات من نفس النوعية التي تعرّف عليها والتي يحتقرها من داخله، فيخاف أن يرتبط؛ لأنه يحتقر الفتيات كما عرفهن.. ويُؤدّي به هذا إلى همّ وغمّ عظيم.
الذي يفعل هذا أيضاً لا يتركه الله يعصي ويغوي غيره، ويهلك نفسه ومن معه في المنكرات والمحرمات، بل إنه أمر عند الله عظيم، إن الأعراض أمر له حُرمة شديدة عند الله، لن يتركه بل سيحقّق منه سبحانه انتقاماً عاجلاً في أي صورة؛ لأنه سبحانه عادل، فليس إمهاله المذنب إهمالاً له بل يملي له، وإن كيده سبحانه متين كما قال عن نفسه: {وَأُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ}.
الذي يفعل كل هذا لا يأمن أن يسلم أهل بيته من أن يفعل بهم ما يفعله هو ببنات الناس، يقول الشاعر: من يزن في قوم بألفي درهم ... في بيته يؤتى بغير الدرهم
والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: "كما تدين تدان"؛ فليس هناك ذنب بلا عقاب أو جريمة بلا حساب.. بل الجزاء من جنس العمل.. في أخته.. في أمه.. في زوجته.. في ابنته.. "الديّان لا يموت" وما عليه سيدفعه إن عاجلاً أو آجلاً.. ولكن ليت قومي يعلمون.
الأمر يا صديقتنا يستحق وقفة جادة.. ويستحق توجيه كل الطاقات لتحجيم هذه الظاهرة وقرع الأجراس لخطورتها، وعلى الإعلام دور قوي فهو الذي أفشى هذه الظاهرة، وقام بتزكيتها في المجتمع ونشرها على الناس، وعليه أن يعلم أن مجتمعنا مُقبل على كارثة بل غارق فيها حتى أذنيه، وباب "فضفضة" هنا به أدلة حيّة على جريمة ارْتُكبت بحق الشباب في بلدنا، وما زالت تُرتَكب وبجسارة، وتجرّؤ على العفة والعاطفة النبيلة.
اسألي ربكِ أن يتم عليكِ نعمته، وأن يعافيك مما هم فيه، ولا تتعجّبي فلله في خلقه شئون، اسألي الله العصمة والعافية، وحاولي قدر استطاعتك أن تغيّري من حولك، وأن تواجهي قدر استطاعتكِ هذه الجرثومة التي تدمّر الأُسر والقلوب وطاقة الشباب الذي أصبح معظمه عنصراً خاملاً بعد أن كان عنصراً مشعاً..
أسأل الله أن يهدي شبابنا، وأن يُريهم الحق حقاً، ويرزقهم اتّباعه، وأن يُريهم الباطل باطلاً ويُرزقهم اجتنابه.. وأن يُجنّبهم كيد شياطين الإنس والجن إنه سميع عليم، وجزاك الله كل خير وزادك الله فهماً وعلماً.