مسابقة تليفزيونية تتقدَّم لها 50 أسرة، قبل أن يتم انتقاء 3 أُسر فقط في التصفيات النهائية للتنافس على لقب "الأسرة المثالية"، فما علاقة "عائلة ميكي" بتلك المسابقة؟ وما وجه التشابه بين هذه العائلة وباقي الأُسر المصرية؟ على غرار أفلام العائلة التي كانت موجّهة لكل أفراد الأسرة قديماً؛ مثل أفلام: "أم العروسة"، و"الحفيد" نعود -أخيراً- لهذه النوعية من الأفلام التي نفتقدها ونحتاجها بشدّة، مع فيلم "عائلة ميكي" الذي يُعدّ النسخة الجديدة أو New Version من الفيلم العربي الشهير "إمبراطورية ميم" بما طرأ على الأبناء والآباء مِن مستجدات عصرية، ولغة العصر الحديث، وحِيَل النصب والاشتغالات المستحدَثة التي تطوّرت مع الألفية الثالثة من خلال "إمبراطورية ميم" الجديدة. "مريم" موظفة الشئون القانونية بإحدى الشركات، وزوجها اللواء "محمد نصر الدين"، وأبناؤهما "مصطفى" ملازم الشرطة، و"ماجد" الطالب بكلية الهندسة، و"ميادة" الطالبة بالثانوية العامة، و"مازن" الطالب بالمرحلة الإعدادية، و"مختار" أو "ميكي" الطالب بالمرحلة الابتدائية، والجدّة الضريرة التي لم يعد أحد يتحمّلها مِن الأبناء أو الأحفاد، في أحداث شيّقة تمتد على مدار يوم واحد، لكنها تكشف سنوات طويلة من معاناة ومشكلات الأسرة المصرية باختلاف طبقاتها الاجتماعية، والثقافية، والعلمية، لتشعر مهما كانت ميولك، أو اهتماماتك، أو نشأتك، أنك أحد أفراد "عائلة ميكي" بشكل أو بآخر! الفيلم شديد الواقعية في لغته ومفرداته وأحداثه التي عبّرت عن تفاصيل كثيرة، ومتفرّقة، لكنها "تجميعة" لما يحدث في معظم العائلات والأُسر المصرية، بشكل يستحق التصفيق الحار، والحسد "المشروع" لمؤلفه عمر جمال الذي استطاع أن يلمّ كل هذه التفاصيل، ويحكيها ببراعة وحرفية عالية في نسيج درامي حقيقي متماسك، دون أن تنفذ منه ثغرة عابرة، أو تفصيلة غير واقعية تضرّ بمصداقية أحداثه التي عشناها في عائلتنا، أو حتى عائلات من حولنا مِن أقارب وأصدقاء ومعارف. وهو ما يجعله يُؤكّد للجمهور والنقّاد على حد سواء أن نجاح فيلمه السابق "أوقات فراغ" الذي كتبه وهو في عمر المراهقة في "نوت بوك" لم يكن وليد الحظ أو الصدفة، قبل أن يلمّ المخرج أكرم فريد بكل هذه التفاصيل، ويربطها بمهارة واقتدار في أحداث سريعة ومتلاحقة بشكل شيّق جذّاب يجعلك تسأل نفسك دوماً ما الذي سيحدث في المَشهد التالي، ليهرب من عقدة تباطؤ إيقاع الفيلم رغم تفاصيله الكثيرة، وشخصياته المتعدّدة، بالإضافة إلى الاعتماد على الجُمل البصرية والمَشاهِد الصامتة التي تعطي دلالات كبيرة ومعبّرة أكثر بكثير مِن كل الكلمات، ليكون هذا الفيلم نقطة ميلاد جديدة له كمخرج، بعد أن استحق غضب الجمهور والنقّاد في أفلامه "السبكاوية" القديمة ذات النكهة التجارية البحتة، والبعيدة كل البعد عن أي حس فني ورؤية إخراجية احترافية، مما يُؤكّد أنه ظَلَمَ نفسه بالعمل مع "السبكي"، وأنه في حاجة -فقط- لمنتج جيّد، وورق محترم ليخرج ما بجعبته. ثم يأتي بعدها الدور على كل الممثلين بالفيلم ليُؤدّوا أدوارهم ببراعة شديدة، وموهبة تستحق الثناء والتقدير، مِن أصغر دور لأكبر دور، ومِن الكومبارس، مروراً بالشخصيات الثانوية، وصولاً للشخصيات الرئيسية وعلى رأسها: لبلبة، وأحمد فؤاد سليم، ورجاء حسين، وعمرو عابد، وحسن حرب، وعدد مِن الوجوه الجديدة؛ منها: إيرني فادي، وأمير شوقي، وشريهان، وسيف الدين طارق، والطفل محمد طلعت؛ إذ تحوّل الفيلم إلى مباراة فنية مليئة بالواقعية التي تجعلك تتبنّى شخصية من الشخصيات لتتوحّد معها، وتخشى عليها مِن الخطر، وتتمنّى طوال الوقت لو تخرج من المأزق المحبوسة فيه. ورغم المشكلات والمخاطر التي تملأ جنبات الفيلم، فإنك تضحك دوماً في أشد لحظات التشويق، لتتسع ضحكتك مرحاً في حين تجحظ عيناك قلقاً في آن واحد، سواء من أجل الفتاة المراهقة التي تبحث عن الحُب على شبكة الإنترنت وموقع فيس بوك، وطالب الهندسة الذي يُخفي عن أهله رسوبه لمدة عامين متتاليين، ويذهب مع "الشلّة" يومياً للعب ال"بلاي ستيشن" بدلاً من حضور محاضراته، وضابط الشرطة "الخِرِع" الذي تسلّم للتوّ عمله بقسم شرطة "عابدين"، ولا يقدر على فرض شخصيته على المساجين، بينما انهمك خارج القسم في الرذيلة التي تتنافى مع البذلة الميري، وطالب الإعدادي الذي يهتم بالبلطجة وفرض الشخصية على حساب دراسته، بخلاف "شقاوة" العفريت الصغير "ميكي"، وهي -بالمناسبة- أحداث لا أحرقها عليك عزيزي القارئ؛ لأنها موجودة في إعلان "تريللر" الفيلم، لكن المهم حقاً هل ستفوز الأسرة بكل هذه التناقضات والشيزوفرينيا بجائزة "الأسرة المثالية"؟ الإجابة أدعوك لمعرفتها بدار العرض في واحد مِن الأفلام المهمة حقاً، والتي تستحق المساندة والإقبال الجماهيري؛ لما تحتويه مِن قيمة وفكرة تستحق التقدير والاحترام، وكوميديا حقيقية تضحكك حتى البكاء! كلمة أخيرة إذا لم يُحقق هذا الفيلم الإيرادات الضخمة، ويعتلي شباك التذاكر، فسيكون العيب -كل العيب- على جمهور يُقبِل على أفلام هابطة ومسفة مثل فيلم "ولاد البلد" الذي حقّق حتى الآن أعلى الإيرادات، بينما يحجم عن أفلام أخرى لا تبيع له الوهم، أو تغيّب عقله بالجنس و"الحشيش" السينمائي!