ثلاثة إخوة يشتركون في يوم ميلاد لا يتكرر إلا كل 4 أعوام، وأب عابث مجهول، وكلية لا يُحبّونها، يجدون أنفسهم فجأة في رحلة زمنية غريبة، تضعهم في لحظة ميلادهم التي نشأت عنها تعاستهم... فهل يمنعون ميلادهم، أم يُصلحون ما أفسده أهلهم؟! إحساس صعب حقاً أن يسألك شخص عزيز عليك عن رأيك في عمل اجتهد فيه، وعلى ملامحه ابتسامة متفائلة، وفي عينيه نظرة اشتياق وترقّب لكلمة شكر أو مديح، بينما يمنعك ضميرك الشخصي والمهني أن تزيّف الحقيقة حتى لا تكسر بخاطره، أو تغرس بكلماتك الضيق في نفسه. هكذا نمرّ يومياً بمواقف مشابهة في حياتنا اليومية، وهكذا شعرت تجاه "سمير - أحمد فهمي"، و"شهير - شيكو"، و"بهير - هشام ماجد"، ورغم أنهم لم يسألوني، فإن قربي منهم وإعجابي الشديد بهم هو ما جعلني أتخيّل هذا الموقف العسير، خاصة وأنا أعتبر نفسي من أكثر المتحمّسين لهم، منذ أن شاهدتهم للمرة الأولى في فيلمهم الأوّل "رجال لا تعرف المستحيل" الذي حقق طفرة وقتها، وانتشر بين شباب مصر والوطن العربي بسرعة شديدة، وحَظِي بنسبة Download عالية على شبكة الإنترنت، ونجح في لفت الأنظار إلى موهبتهم، رغم إمكانياتهم الضعيفة والذاتية التي اعتمدوا عليها دون أي مساعدة من أحد، بشكل أرغمني على حبّهم، وما تلاه من مقابلتهم على أرض الواقع التي أكّدت هذا الحب، وما لمسته فيهم من إصرار شديد، لترى موهبتهم النور في وسط يعترف فقط بالمصالح والعلاقات الشخصية. فالثلاثة شباب يعبّر عن طريقة تفكير أجيال كاملة شاخت وتحوّلت إلى كهول، وأجيال أخرى لا زالت تتجرّع الآلام والمتاعب من كأس الشباب.. يتحدّثون بلغة الشارع الحقيقة، يحلمون أحلاماً بسيطة ومشروعة، يسعون لعمل سينما من نوع مختلف، لكن المشكلة أنهم لم يأخذوا فرصتهم الحقيقية بعد. شاهدوا لهم فيلمهم السينمائي الأوّل "ورقة شفرة"، ثم شاهدوا فيلم "سمير وشهير وبهير"، وستعلمون أن لديهم شيئًا مختلفًا فعلاً، لكن المشكلة أن من حولهم يتعامل معهم باعتبارهم صغاراً، فلا يوفّر لهم الإمكانيات الإنتاجية القوية، أو الدعاية الكافية، وغيرها من عوامل النجاح التي "تُبَروِز" هذه الموهبة، وتضعها في إطارها الصحيح، مما يضعهم -رغماً عنهم- في صورة الصغار أمام الجمهور أو النجوم على حد سواء! ففكرة "سمير وشهير وبهير" جديدة على السينما المصرية، وتحتمل مغامرة ومخاطرة لا أحد يُنكرها، ورغم انتمائها لعالم الفانتازيا الكوميدية، فإنها لا تحمل تفاهة أو سطحية، لكن المشكلة أن النوايا الحسنة والموهبة والحماس وحدهم لا يصنعون أفلاماً قوية، ما لم يكن هناك منتج قوي يصرف على فيلمه، ومخرج متمكّن يترجم الفكرة والجمل الحوارية إلى صورة عالية الجودة، ومؤثّرات بصرية مبهرة، وتفاصيل دقيقة وبسيطة تساهم في تعميق المعنى في ذهن المشاهد، ومِن هنا ظهر "سمير وشهير وبهير" وكأنه -بكل أسف- مشروع تخرُج أقرب منه إلى الفيلم السينمائي بمعناه الحقيقي! أعترف أن الثلاثي: أحمد فهمي، وشيكو، وهشام ماجد -بصفتهم التأليفية وليست التمثيلية- يتحمّلون جزءاً من المسئولية في بعض نقاط الضعف، لا سيما في عدم إعطاء مبرر درامي واضح لسبب كراهيتهم، ولا الاجتهاد في صنع سبب آخر يجمع ثلاثتهم: "سمير وشهير وبهير" في مشروع تخرّج واحد إلا "رخامة" الدكتور الذي قرر أن يجعل مواليد 29 فبراير في مشروع تخرج واحد، بالإضافة إلى نهاية الفيلم التي جاءت أضعف ما فيه، رغم أنها كان في الإمكان أن تكون أهم ما في الفيلم، لتعطي "المورال" أو التلخيص لفكرة الفيلم الجميلة، وإصلاح مشكلات أبطاله بشكل درامي سلس وجميل، ورغم أن تيمة الفيلم نفسها خيالية، فإن الأخطاء الموجودة بالفيلم تتركّز أكثر في الجزء غير الخيالي فيه. لكن على الأقل يشفع لهم خفة ظلهم الشديدة، والمواقف الكوميدية "المسخرة" التي يعج بها الفيلم، والتي أعترف أيضاً أنها جاءت ممتعة ومضحكة لأقصى درجات المتعة والإضحاك. ولكن ماذا عن المخرج والمنتج اللذيْن جعلا من آلة الزمن وكأنها لعبة ملاهٍ من التي يرفض حتى الأطفال ركوبها في "دريم بارك"؟ ماذا عن طريقة الفلاش باك وتذكّر الأبطال لمقولات أمهاتهم بشكل سطحي، وجمل بصرية ضعيفة وكأننا نشاهد فيلم كارتون، ماذا عن صورة الفيلم نفسها التي لم تكن ذات جودة عالية، ولا غنيّة بالتفاصيل؟ أعتقد أن كل هذا قد ضرب الفكرة في مقتل، وجعل شكل الفيلم النهائي -كما ذكرت آنفاً- أشبه بمشروع تخرّج أقرب منه إلى فيلم سينمائي، لكن الجميل والممتع حقاً هو الأداء التمثيلي العالي لكل المشاركين بالفيلم، من أصغر دور وحتى الأبطال، خاصة الثلاثي "الجامد": أحمد فهمي، وشيكو، وهشام ماجد، الذين جسّدوا ما كتبوه بأداء عالٍ وحس كوميدي متميّز، ومعهم "الصاروخ الكوميدي" إيمي سمير غانم التي أثبتت أنها كوميديانة لها شأن كبير في المستقبل، قد تجعلها سهير البابلي الجديدة، وبما لا يدع مجالاً للشك أنها تستحق ما وصلت إليه، بغض النظر عن كونها ابنة سمير غانم ودلال عبد العزيز، وكذا إنجي وجدان التي تُجبِرك على الاعتراف بجمالها رغم بدانتها، وخفة ظلّها حتى في عصبيتها، والوجه الجديد "رحمة" التي عبّرت عن شخصية الفتاة الارستقراطية كما يقول الكتاب، ويُحسَب للنجم أحمد السقا تواجده المشرف، ومساندته للشباب بروح نقيّة، ونفسية سليمة لا يقدر عليها إلا الكبار بحق، وهو ما ترجمه برفضه التصوير والتصريح لكاميرات الفضائيات التي حضرت العرض الخاص للفيلم، مؤكّداً أنه "ليس صاحب الفرح"، وأن أبطال الفيلم الحقيقيين هم الأوْلى بالتسجيل. نعَم، الفيلم أشبه في شكله النهائي بمشروع تخرّج، لكنه مشروع لذيذ يُجبرك أن تعطي "التلاميذ" الذين صنعوه فرصة أخرى، خاصة وأنك ستستمتع فيه بجرعة من الكوميديا والتلقائية التي تُنسيك بقية سلبياته.