ربما شهد الموسم الحالي بزوغ نجم أكثر من لاعب في الدوري، ولكن ظلّ محمد أبو تريكة بمثابة تميمة الحظ والانتصارات التي تبحث عنها جماهير الأهلي دوما. ومع تراجع مستوى أبو تريكة في بداية الموسم، أدركت الجماهير أن مسيرة فريقها في رحلة الدفاع عن لقبها بالدوري قد لا تكون سهلة على الإطلاق؛ لأن العقل المفكّر والمحرك الأساسي للفريق يعاني مشكلةً ما. ورغم وجود العديد من اللاعبين البارزين بين صفوف الفريق؛ أمثال محمد بركات، وأحمد فتحي، وسيد معوض، وحسام غالي… وغيرهم من نجوم الأهلي والمنتخب المصري، كان أبو تريكة دائما هو فرس الرهان الذي تُعلّق عليه هذه الجماهير آمالها العريضة؛ سواء في قيادة الفريق داخل المستطيل الأخضر، أو المساهمة في تهيئة الأجواء المستقرة للشياطين الحمر خارج الملعب. وبعد أربع مباريات عاند فيها الحظ فريق الأهلي؛ حيث غابت عنه الانتصارات وانطفأت البسمة على وجوه مشجّعيه وأنصاره داخل مصر وخارجها، عاد أبو تريكة ليُوقد شموع الانتصارات من جديد، ويعيد للجماهير ابتساماتها واحتفالاتها. سجّل أبو تريكة هدفين للفريق في مباراته أمام حرس الحدود مساء أول أمس (الأربعاء)؛ ليقوده إلى استعادة الانتصارات بفوز ثمين 2/ 1 على الحرس، والخروج من عنق الزجاجة قبل أيام قليلة من مباراة القمة في الدوري المصري أمام فريق الزمالك. ومن المؤكّد أن مكاسب الأهلي من الفوز في مباراة أول أمس لا تتوقّف عند انتزاع النقاط الثلاث، وتقليص الفارق مع الزمالك المتصدّر إلى أربع نقاط، فحسب، وإنما تمتد إلى عودة الروح المعنوية العالية للفريق، وتحسُّن الأداء الفني والمستوى البدني، بالإضافة لعودة خطورة النجم أبو تريكة. وبذلك ينتظر جمهور الأهلي من أبو تريكة الكثير في مباراة القمة أمام الزمالك؛ حيث يمثل الخطر الأكبر حاليا على شباك عبد الواحد السيد حارس مرمى الأبيض. والأكثر من ذلك، أن أبو تريكة رد على المشككين في مستواه؛ حيث انطلقت في الموسمين، الماضي والحالي، بعض الأصوات التي طالبت اللاعب بالاعتزال، بعدما شعر أصحاب هذه الأصوات بأنه وصل إلى نقطة النهاية، وأنه لم يعد قادرا على العطاء. غير أن هدفَي أبو تريكة في مباراة أول أمس رفعا رصيد اللاعب إلى خمسة أهداف في الموسم الحالي، ليصبح أبرز هدّافي الأهلي هذا الموسم، كما رفع اللاعب رصيده بذلك إلى 99 هدفا، ليصبح على بُعد هدف وحيد من دخول نادي المائة. يحلم أبو تريكة بالفعل بهز شباك المقاولون خلال مباراة الفريقين يوم السبت المقبل من أجل دخول نادي المائة قبل لقاء القمة مع الزمالك، ومَن يدري قد يكون الهدف رقم 100 في مباراة الزمالك. والحقيقة أن أبو تريكة حقّق المعادلة الصعبة في عالم كرة القدم المصرية؛ حيث جمع بين المهارة الفنية والقدرة على هز الشباك، وحُب الجماهير، وإحراز الألقاب والبطولات، فاستحق منذ سنوات لقب "أمير القلوب". وقبل سنوات طويلة أنجبت القلعة الحمراء نجما هو الأفضل موهبة على مدار تاريخ كرة القدم المصرية، وهو محمود الخطيب (بيبو) الذي يشغل حاليا منصب نائب رئيس النادي الأهلي. نجح الخطيب في خطف إعجاب الجميع، كما فاز بجائزة أفضل لاعب إفريقي في استئناف مجلة فرانس فوتبول الفرنسية الرياضية، ليصبح اللاعب المصري الوحيد الذي حقّق هذا الإنجاز. كما قاد الأهلي للفوز بالعديد من الألقاب والبطولات على المستويين المحلي والإفريقي، كما نال حُب وعشق الجماهير في مصر وإفريقيا. يرى الكثيرون أن أبو تريكة تفوّق على الخطيب بحساب قيادته للأهلي للفوز بكمّ أكبر من البطولات والألقاب رغم قوة المنافسة، خاصة على الساحة الإفريقية، كما وصل بالفريق لبطولة كأس العالم للأندية، ونال شهرة عالمية تفوق كل نجوم الكرة المصرية. وكما كان للخطيب لدغاته القاتلة للمدافعين وحرّاس المرمى بالفرق المنافسة، كان لأبو تريكة بصماته الواضحة في هذا المجال، ولن ينسى له أحد هدفه القاتل في مرمى الصفاقسي التونسي في إياب الدور النهائي لدوري أبطال إفريقيا عام 2006، والذي صعد بالأهلي لمونديال الأندية. ورأى البعض في الموسمين الماضيين أن محمود عبد الرازق (شيكابالا) -لاعب الزمالك- يمتلك من المواهب الفنية والقدرة على هز الشباك ما يعادل، بل ما يتفوّق به على أبو تريكة. وربما كان ذلك صحيحا، ولكن أبو تريكة يتفوّق على شيكابالا في أمور أخرى؛ حيث شهدت السنوات الماضية خروج شيكابالا عن النص في تعامله مع الجماهير أحيانا، وفي عصبيته أحيانا أخرى، وهو ما لم يحدث مع أبو تريكة الذي قلما تجد مشجّعا مصريا -سواء كان من أنصار الأهلي، أو الزمالك- لا يُكنّ كل تقدير وحب له. كما تفوّق أبو تريكة على الخطيب وشيكابالا في إنجازاته مع المنتخب المصري؛ حيث كان عاملا مشتركا وفعّالا في فوز أحفاد الفراعنة بلقب كأس إفريقيا مرتين متتاليتين. والأكثر من ذلك، أن أبو تريكة أصبح على وشك الدخول في نادي المائة الذي لا يضم حتى الآن سوى ستة لاعبين كسروا حاجز المائة هدف في الدوري المصري؛ وهم على حسب ترتيب رصيدهم من الأهداف: حسن الشاذلي (187 هدفا)، وحسام حسن (168 هدفا)، ومصطفى رياض (123 هدفا)، والضظوي (112 هدفا)، والخطيب (108 أهداف)، وأحمد الكأس (107 أهداف). وفي النهاية تبدو الفرصة سانحة أمام أبو تريكة للتفوّق على الضظوي والخطيب والكأس، رغم أنه ليس مهاجما صريحا. عن وكالة الأنباء الألمانية