على خلفية العلاقات المتوترة وشبه المنقطعة مع تركيا بسبب الاعتداء الغاشم على السفينة التركية "مرمرة" في الحادي والثلاثين من شهر مايو الماضي واستشهاد وإصابة العشرات من المتضامين مع الأهالي الفلسطينيين في قطاع غزة، وإساءة معاملة السفير التركي بتل أبيب، يبدو أن إسرائيل لا تضيع وقتا أبدا، حيث بحثت إسرائيل وبشكل سريع عن حليف استراتيجي جديد ووجدت ضالتها مؤخرا في اليونان. قالت شبكة ديبكا الإسرائيلية مساء الأحد أن إسرائيل وجدت ضالتها في اليونان لتحل محل تركيا كحليف استراتيجي وبديل متميز في منطقة الشرق الأوسط وشرق أوروبا، وذلك في أعقاب القطيعة مع تركيا سواء من حيث الأحلاف العسكرية أو التعاون اللوجستي مع المخابرات التركية أو التعاقدات التجارية والاقتصادية والسياحية، حيث رأت تل أبيب أن اليونان لا تقل أهمية عن تركيا كحليف استراتيجي وصديق متميز ومتفاهم، فاليونان عضو في حلف الناتو وترتبط بعلاقات قوية ومتميزة مع الدول العربية والإسلامية، كما سبق وتودد الإسرائيليون واليهود إلى رئيس الوزراء اليوناني "جورج ببانداريو"، فيما يتمتع الأخير بعلاقات قوية مع شركات وشخصيات يهودية وإسرائيلية كثيرة أيضا، حيث تدّعي الشبكة الإسرائيلية أن "ببانداريو" عرض على إسرائيل أن تحل اليونان محل تركيا كحليف عسكري وصديق استراتيجي ولوجستي لإسرائيل في المنطقة، وتقديم مميزات اقتصادية وتجارية وعسكرية ومخابراتية لتل أبيب، على غرار الأحلاف العسكرية والتجارية التي كانت ولا تزال بين تركيا وإسرائيل.
وعرض رئيس الوزراء اليوناني على إسرائيل أن يحل الجيش اليوناني المسيحي محل الجيش التركي المسلم في علاقته القوية بالجيش الإسرائيلي، ففضلا عن كون اليونان عضواً في حلف الناتو، فهي القوة العسكرية في الجنوب من القارة الأوروبية، وجيشها مدرّب على أعلى المستويات العسكرية، كما أن الخلافات الحدودية بين تركيا واليونان محل اهتمام إسرائيلي أيضا، حيث أكدت الشبكة الإسرائيلية أن العلاقات اليونانية الإسرائيلية تمتعت بالقوة والنضج منذ أغسطس عام 2008، حينما أجرى الجيش الإسرائيلي مناورات جوية فوق الأجواء اليونانية، بما يزيد عن 100 طائرة إسرائيلية من نوعي إف 15 وإف 16، والتي تماثل نظيرتها في الجيش اليوناني أيضا، حتى أن منظومة الدفاع اليونانية المضادة للصواريخ إس 300 استخدمها سلاح الجو الإسرائيلي في تلك المناورات، وهي المنظومة التي تشبه نظيرتها الإيرانية في حال حصول طهران عليها من روسيا بموجب اتفاق وقّع بين الطرفين الإيراني والروسي في عام 2005، من أجل صد أي هجمات إسرائيلية محتملة على الأراضي الإيرانية.
ومن هنا، فيبدو أن المساعدات المالية اليهودية لليونان قد تركت الأثر الإيجابي حول تحسين الاقتصاد اليوناني، بمعنى أن اللوبي الصهيوني قد لعب لصالح تحسين الاقتصاد اليوناني من أجل فتح علاقات عسكرية ومخابراتية واقتصادية وتجارية وسياحية أكبر مما هي عليه الآن من العلاقات الإسرائيلية التركية أيضا، كما أن تل أبيب لم تضيع الوقت هباء، وإنما بحثت عن شريك استراتيجي وحليف عسكري فوجدت ضالتها المنشودة في اليونان.