بعد طول انتظار لموافقة وزراء مالية منطقة اليورو لخطة الإنقاذ الثانية جاءت الموافقة إلا أنها لم تستطيع أن تمنح الأسواق المالية الثقة، فقد هبط اليورو و مؤشرات الأسهم الأوروبية بشكل ملحوظ، و اكملت الأسهم الأسيوية اليوم مسيرة الانخفاض بعد انكماش أداء القطاع الصناعي الصيني للشهر الرابع على التوالي، و اليوم العيون مسلطة على مؤشرات مدراء المشتريات في منطقة اليورو، مع محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني الذي من المتوقع أن يظهر إجماع على قرار البنك الأخير بتوسيع نطاق برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه. تشهد القطاعات الاقتصادية في منطقة اليورو تحسنا في أدائها خلال الأشهر الثلاثة أشهر الماضية متحديا تفاقم أزمة الديون السيادية الأوروبية، و التي قطعت شريان الحياة في الاقتصاديات السبعة عشر بعد إقرار الحكومات سياسات تفشفية صارمة كان لها الأثر السلبي على مستويات النمو في منطقة اليورو. وقعت منطقة اليورو خلال الربع الأخير من العام الماضي في ركود اقتصادي طفيف ، فقد انكمش الناتج المحلي الإجمالي خلال الثلاثة أشهر المنتهية في كانون الأول بنسبة 0.3% مقارنة بالنمو الطفيف خلال الربع الثالث بنمو بنسبة 0.2%، و تدور التوقعات بأن تقع المنطقة في ركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري. و لكن التحسن الذي تظهره القطاعات الاقتصادية في منطقة اليورو، بالإضافة إلى نمو الاقتصاد الفرنسي خلال الريع الرابع كلها معطيات دحض التوقعات بوقوع المنطقة في ركود اقتصادي عميق، خاصة مع الجهوذ المتواصلة من صناع القرار الأوروبيين لاحتواء أزمة الديون السيادية، فقد وافق وزراء مالية منطقة اليورو بالأمس على منح اليونان حزمة إنقاذ ثانية بقيمة 130 مليار يورو ضمن المساعي لتجنب وقوع البلاد في خطر الإفلاس و عدم القدرة على سداد الديون خاصة أن أول ديون مستحقة على اليونان في 20 من آذار القادم بقيمة 14.5 مليار يورو. يتوقع أن تظهر القراءة المتقدمة لمؤشر مدراء المشتريات الخدمي في منطقة اليورو نموا عند 50.6 مقارنة بالقراءة التهميدية التي أظهرت نموا عند 50.6، أما عن القراءة المرتبطة بالقطاع الصناعي فمن المقدر أن تسجل تباطؤا في وتيرة النمو حول 49.4 من السابق 48.8، و القراءة المركبة من المتوقع أن تسجل نمو 50.5 من 50.4. و من ألمانيا يتوقع أن تسجل القراءة المتقدمة للقطاع الصناعي خلال الشهر الماضي نموا بمقدار 51.5 مقارنة بالقراءة السابقة بمقدار 51.0، و القطاع الخدمي يتوقع أن يسجل نموا بمقدار 53.9 من السابق 53.7، و ضمن حديثنا عن ألمانيا فمن المقدر أن تقوم الحكومة الالمانية ببيع ما قيمته 5 مليار يورو من السندات ذات أمد استحقاق عامين. اما الحدث الاهم هذا اليوم فهو محضر اجتماع البنك المركزي البريطاني على قرار البنك الشهر الجاري، يتوقع أن تظهر نتيجة التصويت إجماعا من الأعضاء التسعة على إبقاء سعر الفائدة المرجعي عند 0.50%، و رفع برنامج شراء الأصول بقيمة 50 مليار جنيه على مر الثلاثة أشهر القادمة ليصبح البرنامج عند 325 مليار جنيه. قام البنك المركزي بهذه الخطوة دعماً للاقتصاد الذي وقع في ركود اقتصادي طفيف و يتوقع أن يقع في ركود اقتصادي عميق خلال النصف الأول من العام الجاري وسط تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو، فقد أظهرت القراءة التمهدية للناتج المحلي الإجمالي خلال الربع الرابع من العام الماضي انكماشا بنسبة 0.2% مقارنة بالتوقعات بانكماش 0.1% مقارنة بالنمو خلال الربع الثالث بنسبة 0.6%. أن التراجع في أداء الاقتصاد الذي يشهده الاقتصاد البريطاني نتجية مباشرة للتخفيضات العميقة في الإنفاق العام التي أقرتها الحكومة الائتلافية لتخفيض العجز في الميزانية العامة، و تفادي خسارة التصنيف الائتماني الممتاز و انتشار أزمة الديون إلى المملكة، خاصة مع التحذيرات الأخيرة من مؤسسات التصنيف الائتماني لخسارة هذا التصنيف. أشار البنك المركزي البريطان في أكثر من مناسبة أن معدلات التضخم المرتفعة متأثرة بعوامل مؤقتة، مثل ارتفاع أسعار الطاقة و الأغذية عالمياً، و تباطؤ مسيرة النمو العالمية التي تؤثر على الصادرات البريطانية، و الخطة التقشفية المطبقة في المملكة و التي رفعت الضرائب إلى مستويات مرتفعة، أشار البنك في تقرير التضخم الأخير ان التوقعات المرتبطة بالتضخم أعلى بشكل طفيف متأثرة بارتفاع أسعار النفط العام و السياسات التقشفية الصارمة، إذ يتوقع أن يبقى معدل التضخم في المملكة المتحدة دون المستويات المستهدفة عند 2.0% خلال الفترة القادمة ، و هذا في ضوء الأوضاع الاقتصادية الراهنة و السياسة النقدية الميسرة من البنك المركزي البريطاني بابقاء سعر الفائدة المرجعي عند 0.50% و توسيع نطاق برنامج شراء الأصول لمستويات 325 مليار جنيه دعما للاقتصاد البريطاني الذي يعاني الويلات من أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو. يتوقع البنك أن تبقى مستويات النمو ضعيفة على المدى القريب، و هذا قبل الانتعاش الاقتصادي مع قرب تحسن الدخل الحقيقي للأفراد بدعم من التحفيز المستمر من السياسة النقدية، و لكن التأثير السلبي من الانفاق المحلي نتيجة لضيق الشروط الائتمانية و السياسات المالية سوف يؤثر على مسيرة الانتعاش الاقتصادي في البلاد، و هذا كون التحديات الكبيرة التي تواجهها المملكة المتحدة نتيجة تفاقم أزمة الديون السيادية في منطقة اليورو و الذي لا يزال يشكل التهديد الأساسي للنمو في المملكة.