نجحت تجربة عالم مصري في الزراعة وبدأت تخرج إلي النور بعد مرور ثلاثين عامًا عليها.. هذه التجربة هي "أرز الجفاف" والمعروف أن الأرز من المحاصيل التي تحتاج إلي كميات عالية من المياه، وهو ما يشكل خطورة علي مخزون المياه في نهر النيل، وبالتالي كانت تجربة د. سعيد سليمان أستاذ ورئيس قسم الوراثة بكلية الزراعة جامعة الزقازيق، والتي توفر أكثر من نصف المياه التي يستهلكها الأرز العادي.. وقد أطلق د. سليمان علي تجربته عرابي واحد، وعرابي اثنين. د. سليمان صاحب التجربة التي أثبتت نجاح استنباط سلالات جديدة من الأرز تتحمل الجفاف، أكد أنها تحتاج إلي 4000 متر مكعب من المياه فقط، وتعطي إنتاجية تتفوق علي السلالات الحالية والتي تستهلك أكثر من 7000 متر مكعب من المياه. وأضاف د. سعيد أن الأصناف الجديدة استغرق إنتاجها ثلاثين عامًا وتمتاز بجودة غذائية عالية، وأن التجربة تجمع بين السلالات المقاومة للجفاف وطريقة الشرائح المبتكرة في الزراعة، حيث تقسم الأرض وتؤدي إلي توفير كميات المياه للنصف تقريبًا، وكذلك زيادة الإنتاجية التي وصلت إلي 4 أطنان للفدان، في حين الأصناف الحالية لا تتجاوز ال3 طن أطنان. وأشار إلي أنه تم تحديد كمية المياه المستخدمة في الري من خلال عدد مياه بصوبة الكلية وتأكدنا أن الاستهلاك لن يزيد علي 3000 متر مكعب للفدان. ويتابع: ومن خلال التجارب داخل الكلية تأكدنا علي مدار ست سنوات من قدرة هذه الأصناف علي مقاومة الجفاف، وقد قمنا بزراعة فدانين في قرية أكوة بالشرقية و4 أفدنة في قرية أولية بميت غمر، وكانت نتائجها عظيمة، حيث وصلت إنتاجية الفدان من سلالة عرابي "1" ما بين 4.5 و 5 أطنان، ومن عرابي "2" ما بين 4 و 4.5 طن للفدان.. مشيرًا إلي أن عرابي "2" له ميزة في حصاده قبل عرابي "1" بعشرة أيام. وأكد د. يسري عطا الأستاذ بمعهد بحوث إدارة المياه أن طريقة زراعة الأرز علي شرائح يتم تجربتها لأول مرة في العالم، وقد حصلت علي الجائزة الأولي من الهيئة الدولية للري والصرف عام 2008 فالاهور بباكستان، وتتميز بتوفير 40% من المياه عن الزراعة العادية، وبالتالي أصبح احتياج الفدان من المياه 4000 متر مكعب فقط، وبتعميم هذه الطريقة سيتم توفير 3 مليارات متر مكعب في السنة في موسم الأرز فقط، كما أنها توفر الأسمدة وتزيد من الإنتاجية، وكذلك تشغيل الماكينات بنسبة 30% إلي 40%. أما د. مي محمد لبيب الباحثة بمركز بحوث الهندسة الوراثية بالقاهرة، فقد أكدت أن سلالة الأرز الجديدة تشترك مع الأرز العادي في جودة الحبة والإنتاجية العالية جدًا، كما أن هذه السلالة صحية وترتفع بها نسبة البروتين، كما أن سبة النشا بها قليلة جدًا، وهي مهمة بالنسبة للرجيم لمن يعانون من مرض السمنة، إضافة إلي أن أرز الجفاف لا يحتاج لأكثر من 70 كيلو جرام تقاوي، في حين الأرز العادي يحتاج إلي 100 كيلو، ويكفي أن هذه السلالة تم إنتاجها بعد تجارب استمرت 30 عامًا. وأضافت د. مي: أن د. سعيد يستحق كل الشكر والتقدير، لأنه لم ينتج نباتًا مهندسًا وراثيًا وهو الأسهل طبعًا، لكنه أنتج سلالة طبيعية تم زراعتها وتجربتها علي أرض الواقع، وكانت النتائج ممتازة، ويمكن تسويق هذه السلالة في الدول العربية بمبالغ مرتفعة. وحول رأي المزارعين في زراعة هذه السلالة، أكد سيد طلبة عليوة مزارع بميت غمر أنه قام بزراعة 4 أفدنة ونصف من أرز الجفاف بالاتفاق مع د. سعيد سليمان مكتشف هذه السلالة، وقمنا بتجهيز الأرض وتقسيمها إلي شرائح وحددنا المسافات بين الشتلات ب20سم بعد أن أعطينا الأرض جرعة تسميد تنشيطية بمعدل شيكارتين للفدان، وقمنا بري الأرض بالغمر لأول مرة لتثبيت الحبوب، وبعد 15 يومًا قمنا بالري مرة أخري بالغمر، ثم قمنا برش المبيدات للقضاء علي الحشائش، وبعد شهر من الزراعة أعطينا الأرض جرعة ثانية من الكيماوي بمعدل شيكارة للفدان، حتي تم الحصاد بعد 130 يومًا بالنسبة لعرابي "1" و120 لعرابي "2". وأضاف: قمنا بزراعة أرز عادي من النوع 177 الموجود بالأسواق في نفس الأرض وطبقنا عليه نفس الطريقة في السلالة الجديدة، لكنه لم ينجح، لدرجة أن الفدان لم ينتج أكثر من طن واحد. ومن جانبه أكد محمد عطية مزارع من قرية أكوة بمركز ديرب نجم بالشرقية أن أرز الجفاف كان يروي كل 10 أيام برية خفيفة، وبعد 45 يومًا من الزراعة استخدمنا الري بالغمر، وأن استهلاك الأرز من المياه يعادل استهلاك الذرة، وأن أرز الجفاف يوفر 50% من المصاريف ولا يستهلك أكثر من 3 شكائر أسمدة للفدان، بالإضافة إلي توفير مصاريف ماكينات مياه الري، كما أن تقسيم الأرض يوفر التلويط (تصليح الأرض) وكذلك يوفر جهود تكلفة تفريد الشتلات. وعن رأي مسئولي برنامج ومركز بحوث الأرز المهتمين بمحاربة السلالات الجديد قال د. حمدي الموافي رئيس برنامج الأرز القومي: إننا نرحب بهذه التجربة عندما يتم اتخاذ الإجراءات الرسمية وتسجيلها بإدارة الفحص والاعتماد وتسجيل التقاوي بوزارة الزراعة، وإذا ثبت نجاحها سيكون نصرًا كبيرًا للزراعة المصرية. وقد نفي د. عبد السلام دراز رئيس بحوث الأرز بمركز البحوث الزراعية أنه ضد التجربة، وأنه مع أي فكرة توفر المياه، وهو ما نجح فيه د. سعيد سليمان، والرأي الأخير في ذلك فسيكون للجنة تسجيل الأصناف بوزارة الزراعة.
