أكد مركز الأرض لحقوق الإنسان أن عمال مصر هم أكبر ضحايا الرأسمالية بسبب التداعيات السلبية الخطيرة التي خلفتها برامج الاصلاح الاقتصادي عليهم نتيجة لتطبيق سياسات الخصخصة العشوائية التي تم خلالها بيع شركات قطاع الأعمال العام دون الحفاظ علي الحد الأدني لحقوق العمال. وأكد المركز أن جهاز المخابرات المركزية الأمريكية قدم توصية عاجلة للحكومة المصرية بضرورة وضع حد أدني عادل للأجور لأنه الأمر الذي يأمن حدوث انفجار الشعب في اللحظة الآنية.. مشيرا إلي أن الحد الأدني للأجور يجب أن يتحدد وفقا لمتوسط الثروة الوطنية بواقع 900 جنيه شهريا لأسرة مكونة من 4 أفراد وفق البيانات الرسمية. الذي ينبغي أن يوزع بعدالة ليغطي الاحتياجات الأساسية لاستمرار حياة الإنسان بكرامة.. مؤكدا أن الحد الأدني يجب أن يزيد علي ذلك لتلبية احتياجات المواطنين الأساسية. وأكد اسامة بدير أحد نشطاء المركز أن تدهور حقوق العمال جاء نتيجة تطبيق برامج الاصلاح الاقتصادي واقتصاد السوق الحر حيث لم تراع البعد الاجتماعي والاقتصادي لأوضاع العمال المصريين مما أدي إلي تشريد وطرد آلاف العمال لينضموا إلي طابور البطالة المتفشية أساسا في المجتمع وزاد الأمر تعقيدا في ظل أزمة مالية طاحنة استغلها رجال الأعمال في مصر وحملوا تبعاتها للعمال مما أثار حفيظة هؤلاء العمال في القيام بمئات الاعتصامات والاحتجاجات والتظاهرات لدرجة أنه خلال النصف الثاني من شهر يناير 2010 حدث 59 احتجاجا في 55 موقعا. وقال بدير إن طبقة العمال في مصر هم أفقر طبقة في المجتمع المصري تعاني من تدني مستوي الأجور في الوقت الذي تتضاعف فيه أسعار السلع والخدمات الأساسية إضافة إلي البيئة غير المناسبة صحيا وفنيا التي يعملون فيها مما يجعلهم عرضة لمخاطر جمة. وعرض بدير نتائج لدراسة علمية أعدها البنك السويسري حول أسعار والرواتب في مدينة في العالم بين شهري مارس وأبريل عام 2009؛ حيث كشفت أن العامل في القاهرة الأكثر كدحًا في العالم يعمل أكثر من نظيره في أي مكان في العالم بمتوسط ساعات عمل سنوية يصل إلي 2373 ساعة عمل بواقع 600 ساعة إضافية سنويا، في حين أن متوسط العمل العادي للإنسان يبلغ 1902 ساعة سنويا. وأضاف د. أحمد السيد النجار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن قضايا العمال في ظل التطور التقني أصبحت متشابهة إلي حد بعيد علي المستوي العالمي وأنه لا ينبغي الوقوف علي الحلول التقليدية لتلك القضايا. وأضاف النجار أن من أسوأ ما حدث في العالم وفي مصر سيطرة رأس المال علي الحكم لأن عادة الرأسمالية كانت تحكم علي الطبقة السياسية بالتخلي عن المسئولية الاجتماعية. ونوه النجار إلي أن العامل السياسي لتفجير الأزمة المالية ضعف الطلب الفعال، الطلب المقرون بالقدرة علي الشراء نتيجة سوء توزيع الدخل وغياب العدالة الاجتماعية عن الطبقة العاملة في مصر.. مشيرا إلي أن العمال عليهم النضال من أجل ارجاع حقوقهم. وأشار إلي أنه يجب مساندتهم من الهيئات المعنية بحقوق الإنسان فهم أكثر بؤسا رغم ما تروجه الحكومة عن قيمة الدعم الذي تقدمه فالدعم في مصر يبلغ 6.2% بينما في أمريكا 12.9% وفي ألمانيا 25.9% وفرنسا 24.4% وبريطانيا 24.4% وعليه فمصر أكثر البلدان بوسا وتعاني طبقة العمال من فقر شديد نتيجة ضعف الدعم الحكومي لخدمات الأساسية مقارنة بدول أخري، إضافة إلي أن الدعم لا يصل لطبقة العمال والكادحين بل يصل فقط للطبقة العليا الرأسمالية. وأكد صابر بركات عضو اللجنة التنسيقية للحقوق والحريات النقابية والعمالية الأسباب والدواعي الدافعة لمزيد من اختناق سوق العمل المصرية، حيث ضربت الأزمة المالية العالمية ونتائجها في الاقتصاد الوطني أسس الأمان الاجتماعي، وعصفت بالعديد من حقوق العمال وعلي رأسها الحق في العمل ذاته بتصفية وغلق كثير من المصانع مما أدي إلي زيادة معدلات الفقر والبطالة التي قد تمتد لسنوات قادمة. وأوضحت د. فاطمة رمضان باحثة بمركز الدراسات الاشتراكية، أن حركة احتجاجات عمال النسيج في مصر كسرت الحدود والحواجز في التعبير عن حقوقهم أمام القوي السياسية بعد أن شهدت انخفاضًا منذ التسعينيات ومع تطبيق سياسية الاصلاح الاقتصادي "الخراب الاقتصادي" والخصخصة وبيع الشركات لرجال الأعمال اشتدت حركة احتجاجات عمال النسيج مع بداية الألفية الجديدة بعد الاعتداء علي حقوق العمال. ولفتت رمضان الانتباه إلي أن احتجاجات العمال امتدت إلي الأمور السياسية مثل التضامن مع الشعب الفلسطيني واحتجاجات أخري ضد توريث الحكم وتشويه صورة القضاء في مصر.. مؤكدة أنه طبقا لتقارير مركز الأرض لحقوق الإنسان فإن الاحتجاجات العمالية في تزايد مستمر حيث وصل عدد الاحتجاجات في عام 2002 إلي 96 ثم ارتفعت إلي 226 عام 2004 ووصلت إلي نحو 222 احتجاجا عام 2006 ثم اخذت في التزايد حتي بلغت 756 عام 2007 إلي أن أصبحت 742 في عام 2009. وعللت فاطمة خصوصية قطاع الغزل والنسيج في تاريخ الاحتجاجات بمصر إلي أنه يعد القطاع القائد لكل الحركات العمالية الأخري، إضافة أن أعمار العاملين به تتراوح ما بين 50-55 عاما غالبا ما يكونون قد عاصروا تغيرات سياسية كثيرة اكتسبوا خلالها خبرات منذ عام 1978.