يشكل الفيلم نسخة سينمائية لمسلسل "وادي الذئاب" التليفزيوني، ويصور مغامرات عميل سري تركي يقتص من مرتكبي أعمال العنف علي خلفية قومية. لم تمض عدة أشهر علي حادثة سفينة "مافي مرمرة" التي هاجمتها البحرية الإسرائيلية في المياه الدولية في شهر مايو الماضي، أثناء توجهها إلي قطاع غزة، وقتلت تسعة ناشطين أتراك علي متنها، حتي بدأت شركة إنتاج تركية قبل أيام بتصوير فيلم ينتقد إسرائيل ويتمحور حول ما تعرضت له هذه السفينة. والفيلم يحمل عنوان "وادي الذئاب - فلسطين"، وبدأ تصويره في الأول من اكتوبر المنصرم، في مرفأ الإسكندرون - جنوب تركيا. وهذا الفيلم يشكل نسخة سينمائية لمسلسل "وادي الذئاب" التليفزيوني، ويصور مغامرات عميل سري تركي يقتص من مرتكبي أعمال العنف علي خلفية قومية. ربما تكفي مشاهدة عدة مشاهد من هذا المسلسل لمعرفة مضمونه، ففي أحداث مسلسل "وادي الذئاب"، يكلف العميل "بولاد الميدار" ورفاقه التوجه إلي فلسطين واعتقال الضابط الإسرائيلي الذي خطط وأشرف علي الهجوم علي أسطول الحرية، الذي كان ينقل المساعدات إلي غزة.. ويظهر الضابط موشي بن إليعازر الذي يقوم بإصدار أوامره لقتل الفلسطينيين الأبرياء، فيدمر القري ويقتل الاطفال. وعبر هذه الأحداث يأتي المنقذ التركي لمساعدة الفلسطينيين، ومقاومة كل ما يحدث من عنف ودمار. ومن المعروف أن هذا المسلسل أثار غضب إسرائيل، بل وتسبب في أزمة دبلوماسية بين إسرائيل وتركيا في يناير بسبب ما يتضمنه من مشاهد تُدين الموساد الإسرائيلي.. وانتقدت إسرائيل المسلسل الذي يصور اليهود علي أنهم خاطفو أطفال، ومرتكبو جرائم حرب، واستدعي نائب وزير الخارجية الإسرائيلي داني إيالون السفير التركي في إسرائيل للاحتجاج علي المسلسل. لكن تظل الملاحظة الأساسية علي مسلسل "وادي الذئاب" وبغض النظر عن المضمون، هو اتكاله - مثل سائر الأعمال التي تتناول الجاسوسية - علي عنصر التشويق المفتعل، عبر بطولات خارجة علي المعقول؛ لذا سننتظر مشاهدة فيلم "وادي الذئاب - فلسطين"، علي أمل أن يكون أكثر فنية واحترافا في معالجة ما تعرضت له سفينة مرمرة. لكن من ناحية أخري يبدو أن عودة تركيا لتكون فاعلة في الحياة العربية تظهر في أكثر من صيغة؛ ففي مرحلة سابقة،غزت الدراما التركية الشاشات، وأقبل عليها المشاهدون أكثر من إقبالهم علي الدراما المصرية أو السورية. وفي أعقاب ما تعرض له أسطول الحرية المتجه إلي فلسطين للمساعدة في كسر الحصار عن قطاع غزة، وما تلا ذلك من تصريحات للرئيس أردوجان، في دعمه المتكرر لرفع الحصار عن القطاع، وصولاً إلي انتقاداته للهجوم الإسرائيلي علي أسطول الحرية.. فقد ظهر كل هذا في حياة الفلسطينيين عبر إطلاق اسم "أردوجان" علي المواليد الجدد، أو تسمية المحال التجارية والأسواق باسمه، إضافة إلي بدء تدريس اللغة التركية في مراكز إغاثية تتلقي دعماً تركياً. وإلي جانب انتشار الاسم، باتت ظاهرة رفع الأعلام التركية وصور رئيس الوزراء التركي مألوفة في المظاهرات التي تجوب شوارع قطاع غزة، في إشارة تقدير لمواقف تركيا الداعمة للفلسطينيين. لكن التأثير التركي تجاوز حدود الفلسطينيين أيضا ووصل إلي الكويت، حيث أطلق نشطاء وبرلمانيون كويتيون قناة فضائية باسم "أسطول الحرية"، والتي بدأت بثاً تجريبياً من البحرين أواخر يونيو الماضي علي القمرين "عرب سات" و"نايل سات" علي مدار الساعة، وهذه القناة تعتمد علي الموارد الذاتية للقائمين عليها والإمكانات الفردية لطاقمها الفني، والمكون من 5 أفراد فقط. وأمام هذا التجاذب التركي - العربي، في الدراما، واللغة، والسياسة، ربما لا يسعنا سوي الإنتظار لرؤية أي نتائج سيأتي بها الزمن.