جاءت فكرة شهر كتابة الرواية عام 1999، عندما تحدّى الكاتب الأميركي كريس باتي عشرين من أصدقائه ليكتب كل منهم رواية خلال شهر واحد. انطلق المشروع ليُعرف باسم "الشهر القومي لكتابة الروايات" أو "نانو ريمو" الذي يهدف إلى تشجيع الكتابة بشكل يومي لإنجاز رواية تتكون من خمسين ألف كلمة في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام. العلاقة بين الكتابة والوقت إشكالية ليست عابرة، استطلعنا آراء بعض الروائيين حول الكتابة وعلاقتها بالانتظام والزمن. للروائي أحمد الفخراني تجربتان في كتابة الرواية، إحداهما ما تزال قيد الطبع، واستغرقت كتابة كل منهما ما بين عام ونصف إلى عامين، يقول صاحب "ماندورلاَّ" :إن "الطريقة المثلى لإنجاز رواية هي عبر تخصيص وقت ثابت يومياً"، مبيناً أنه لا يمتلك خطة زمنية محددة، ويحتاج عاماً على الأقل للتعرف إلى شخوص الرواية وسماتهم عبر كتابة المسودات المتفرقة، ثم يبدأ الكتابة بشكل أفضل في العام الثاني. يرى الفخراني أن الروائي مضطر إلى ممارسة عادة الكتابة اليومية، للهروب من حصار الانشغالات الحياتية وانتزاع رواية من فم السبع. ويعتبر أن شهراً واحداً يكفي لكتابة رواية هو أمر معجز، سيكون ممكناً حين يحصل على خاتم سليمان. في حين تعتبر الروائية عزة رشاد أنه "ما من برنامج ثابت لكتابة الرواية، وحدث أن سمعت من روائي كبير أنه كان محتشدًا بكتابة إحدى رواياته حتى أنه أنجزها في أسبوع، ومن آخر: ثلاثة أسابيع. ليس ضرورياً أن يعلن الروائي بأنه استغرق عشر سنوات حتى نعتبر روايته جيدة، فلكل رواية ظروفها، ولكل مبدع طبيعته". تعترف صاحبة "شجرة اللبخ" أن لديها من الطموح "الهزلي" ما يمنحها دأب إعداد خطط فولاذية لا تنفّذ سوى القليل منها، وتستكمل قائلة "لكن التواصل بالكتابة لا ينقطع، فأجنداتي الصغيرة في جيبي، حقيبتي، مكتب عملي، ودماغي أيضاً". صاحب "الجنتلمان لا يفضل القضايا الخاسرة"، الروائي أحمد مجدي همام لم يُلزم نفسه بفترة زمنية محددة، لكنه حالياً يخوض تجربة كتابة رواية في مدة سنة، ويرى أنها فترة معقولة. مضيفاً أنه في الغالب لا يلتزم بالجدول الذي يضعه لنفسه، لكنه على الأقل لم يتنازل عن أكثر من 50% من ذلك الالتزام. أمّا الروائية رباب كساب، فتقول إنها لا تعرف كيف تكتب رواية في شهر واحد، وفي الإبداع لا تفكر في الوقت ولا تحاربه، وتعتقد أن الرواية والقصة ليستا بحثاً أو امتحاناً عليها اجتيازه، بل حياة تخلقها برفق وهوادة. تضيف أنها لا تعبأ متى تكتب ولا تضع أبداً جدولاً زمنياً ولا تخطط للرواية بالرغم من أن الانقطاع عن الكتابة يحزنها. مبينة أنها تنشغل بالقراءة دون أن تتعجل أبطالها ودون أن تدخل نفسها في تمارين كتابة كما يفعل البعض. بالمقابل ترى في فترات التوقف فترات شحذ وشحن من خلال القراءة والعيش وسط الناس. ورغم أن الروائي وجدي الكومي مسكون بهاجس الزمن، ويرى أن كتابة رواية تشبه سباقاً مع الموت، إلا أنه لا يستطيع تحديد موعد للانتهاء من الكتابة. يؤكد أن عامل الوقت مهم، لكن ليس على طريقة " كتابة خمسمئة كلمة، أو ألف كلمة". يكمل الكومي قائلاً "الأمور لا تسير هكذا، أنتظم بالتأكيد في النظر يومياً إلى ما أنجزت الليلة السابقة، أحيانا أعيد التطلع إلى ما كتبت منذ شهر مضى، وأقرأ من الفصول الأولى، حتى قبل أن أنتهي، أحياناً أكون مستغرقاً في قراءة كتاب ما، أو مشاهدة فيلم، وأتحوّل عنه تماما لكتابة فصل جديد، أو مشهد في فصل جديد، أو محو ما كنت قد كتبته أمس، وأعيد تحريره وصياغته، وهكذا يوماً بعد يوم تكتمل الرواية".