لا يزال مستقبل الأحزاب الإسلامية يبدو غامضاً خلال الفترة القادمة، وتحديداً مع اقتراب انتخابات مجلس النواب المقبل وأيضاً في ظل دستور يحتوي على مادة تحظر تشكيل الأحزاب السياسية على أساس ديني، طبقاً للمادة 74 من دستور 2014، التي تنص على أن "يحظر الانخراط في أي نشاط سياسي أو تشكيل أحزاب سياسية على أساس ديني أو على أساس التمييز بسبب الجنس أو الأصل أو العرق أو الجغرافيا"..، ويقول بعض المراقبين: إن المادة الجديدة لن تغيّر شيئاً في المعادلة الحزبية، لأنه من الصعب إثبات أن أي من الأحزاب السياسية ذو مرجعية دينية، بينما يرى آخرون أن هذا يتوقف على كيفية تفسير القانون للنص الدستوري على الأحزاب الإسلامية، التي تم تأسيسها منذ ثورة يناير عام 2011، وجميعم ينكرون تواجدهم على أساس ديني. د.شعبان عبد العليم، الأمين العام المساعد لحزب النور المنبثق عن الدعوة السلفية يقول: النور ليس حزباً دينياً، وبرنامج الحزب سياسي مع مرجعية دينية، بمعنى أن جميع برامج الأحزاب الإسلامية تستند إلى الإسلام في تأسيسها على الشريعة وأن الاسلام هو دين الدولة، وبالتالي إذا كان هناك قضية مثيرة للجدل حول هذه الأحزاب ينبغي أن تكون وفق المعايير الرئيسية للتعامل السياسي، ويؤكد أن المادة الدستورية لا تفسر ما يجعل قيام الحزب على أساس ديني أو لا، والتعبير جاء عن نص غامض وفضفاض، ويوضح أن حزب النور لا يمانع إعادة تشكيل نفسه من جديد وفق رؤية سياسية، في حال تم حظر الحزب خلال الفترة القادمة، ولكن ستظل مرجعية الحزب إسلامية تستند إلى الإسلام في كل تصرفات ومناهج الحياة الاجتماعية والسياسية. واختلف في الطرح إيهاب الخراط القيادي بالحزب المصري الديمقراطي، حيث يؤكد على وجود عدة شروط يجب الوقوف أمامها والتأكد من وجودها في أي حزب حتى يسمح له بالعمل السياسي، أبرزها فصل الدين عن السياسة، وتابع: للأسف لا تزال هذه النقطة ملتبسة في المجتمع، نظراً لأن بعض القوى ترى أن الدين والسياسية عنصران رئيسيان في العمل السياسي، لكن الواقع يؤكد أن تداخل الدين مع السياسة أفسد الحياة السياسية، ويشير إلى أن برنامج الأحزاب الإسلامية يقوم على أعمال وخدمات اجتماعية، وبعيدة تماماً عن العنصرية والتمييز على أساس الدين، لكن علاقة هذه الأحزاب بالجماعة السلفية وارتباطها العقائدي بها، يؤكد أن الأحزاب الإسلامية قائمة على أساس ديني. بينما يشدد أحمد بان الخبير في شئون الجماعات الإسلامية، أن الدولة عليها التصرُّف بحكمة نحو حل الأحزاب السياسية الإسلامية، خاصةً وأن أعضاء هذه الأحزاب قد يعودوا للعمل السري مجدداً، بما يشكّل خطراً على الدولة، ويرى أن الأسلوب الأمثل هو تغيير نهج هذه الأحزاب نحو كيفية فصل الدين عن السياسة، واستطرد قائلاً: على المجتمع والقوى السياسية المدنية أن تتفهم أن الأحزاب الإسلامية لها قاعدة مجتمعية خاصة بهم، وستكون دائماً جزءاً من المشهد السياسي، وطبيعة تطورها من حركات احتجاجية إلى أحزاب حاكمة خلال الفترة الماضية، جعلها تتأكد أنها قادرة على لعب دور رئيسي في مستقبل الاستقرار في المنطقة، وبالتالي لدينا اثنان من الطرق، إما تحمُّل عقبات حل الأحزاب الإسلامية، وتحمُّل مخاطر عودة هؤلاء إلى العمل السري، أو الإبقاء عليها ومحاولة قبولهم سياسياً كقوة مؤثرة في نظام ديمقراطي تعددي، بشرط الالتزم بالقانون وأسلوب الدولة وضمان حقوق المجتمع وعدم المتاجرة بالدين. ومن ناحية قانونية يشير عصام الإسلامبولي الفقيه القانوني، إلى أن المحاكم الإدارية هي الجهة التي يمكن أن تقرر تفسير النص الدستوري، وما إذا كان الحزب قائماً على أساس ديني أم لا، وستعتمد الجهة القضائية في أحكامها على أيديولوجية وبرامج وأهداف الحزب، ويؤكد أن لجنة شئون الأحزاب السياسية مسئولة فقط على تلقي إخطارات تشكيل الأحزاب، وليس من حقها النظر في هوية الحزب على أساس العنصرية أو التمييز، وبالتالي لا يمكن أن تشرع في اتخاذ موقف ضد هذه الأحزاب، في حين يأتي دورها بعد تقديم شكوى أو دعوى قضائية، وحول تشابه موقف الأحزاب الإسلامية مع حزب الحرية والعدالة المنحل والمنبثق عن جماعة الإخوان المسلمين، يؤكد أنه وفقاً لتحقيقات النيابة ثبت أن الحرية والعدالة اتخذ من مقراته أماكن لتخزين السلاح، وهو ما يتنافى مع شروط تأسيس الحزب، ويتعارض مع مبادئ العمل السياسي التي تحظر إنشاء تشكيلات مسلحة، لكن هذا لا يمنع أن جميع الأحزاب الإسلامية معرضة للحل، إذا اتضح أمام القضاء أن برامجها مخالفة للدستور، وتتناقض مع البرامج التي أُنشئت من أجلها، أو اتخذت من الدين وسيلة لتحقيق أغراض سياسية. ويوضح المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، أن حل حزب الحرية والعدالة كان رسالة تحذير إلى الأحزاب الإسلامية الأخرى، لأن الدستور يمنع قيام أحزاب سياسية على أساس ديني أو عسكري، وحزب النور السلفي قد يواجه نفس مصير حزب الحرية والعدالة إذا تعرض لدعوى قضائية مماثلة، وفيما يتعلق بالقوى الإسلامية التي تسعى للمشاركة في الانتخابات البرلمانية المقبلة، يوضح أنه لا يوجد نص قانوني يمنع أي حزب أو مواطن مصري من المشاركة في الانتخابات المقبلة، طالما أن الحزب ملتزم بالمعايير التي أُنشئ من أجلها، ولم يقم مؤيدوه باعتماد برنامج على أساس الدين أو يمثل جماعة دينية محددة، لكن منعاً للاضطراب السياسي فإن لجنة شئون الأحزاب عليها فحص أوراق الأحزاب الإسلامية والبت في مخالفتها للدستور من عدمه قبل انتخابات مجلس النواب المقبل.