فرض الله تعالي الصيام علي عباده المسلمين، لكي يكون فرصة سانحة لترويض النفوس وتعويدها الصبر علي ترك الشهوات ،كل الشهوات التي حددها الشرع واعتبرها مبطلة للصيام، وعلي الرغم من ذلك طفت علي السطح في الآونة الأخيرة ظاهرة غريبة للغاية، وهي زيادة نسبة الجريمة في شهر رمضان، و يدلل علي ذلك محاضر الشرطة التي ترصد هذه الجرائم، فهذا الزوج نهر زوجته واشبعها ضرباً حتي فارقت الحياة لطلبها منه مالا يطيق، وآخر يعتاد السرقة في الأوقات التي تزدحم فيها وسائل المواصلات، وحالات كثيرة من النصب أو التسول، وبغرابة الأمر كان السعي وراء الوقوف علي شكل هذه الظاهرة. عاد سيد علي من عمله بورشة النجارة قبل الفطار بساعة، وقبل أن يستريح من عناء العمل طوال اليوم طلبت منه الزوجة أن يذهب لشراء وجبة سمك مشوي أو فراخ جاهزة من السوق وهنا جن جنون الزوج كاد يلتهمها بدلاً من وجبة الإفطار ، لكنه تمالك أعصابه وسألها معاتباً عن الأسباب التي منعتها من إعداد وجبة الإفطار بالمنزل علي حين أنها لم تطلب منه ما تريد في الصباح عند خروجه للعمل ، ليضع ذلك في حساباته ، فأجابته بأنها راحت في النوم ولم تشعر بمرور الوقت ، وذلك بدوره أثار غضب الزوج الصائم ، ورفض الذهاب للسوق لشراء الوجبة الجاهزة وانهال علي زوجته أمام طفلها الصغير. حاولت الزوجة أن تكبح جماح غضبه، لكنها لم تستطيع حتي أمسك الزوج بالكرباج وضربها به بشدة ، فتجمع الأهالي علي صوت صراخ الزوجة ، التي ذهبت للشرطة لتحرر حررت محضراً بالواقعة، وأمام وكيل النيابة إعترفت الزوجة أنها أخطأت في حق زوجها ، لأنها أهملت في واجباتها المنزلية وتنازلت عن المحضر. أما الطفلة " حنان.. " فهي كأي طفلة في سنها تريد أن تفرح بحلول شهر رمضان، ولأنها شاهدت بنت الجيران تمسك بفانوس جميل هرولت إلي المنزل ، وطلبت من والدها أن يشتري لها فانوس مثل بنت الجيران.. من جهته حاول الأب أن يثني طفلته عن طلبها حتي يستيقظ من النوم، فهو يريد أن يأخذ قسطاً من الراحة ، لأنه متعب إلا أن الطفلة أصرت علي طلبها ، فاستشاط الأب غضباً وإستيقظ من النوم، وأمسك بالطفلة كي يضربها، وعندما تدخلت الأم أمسك بها أيضاً وقام بضربها علي ذراعها بآلة حادة مما أدي إلي حدوث كسر بها، وعندما هددت الزوجة الزوج بإبلاغ الشرطة وثقها بالحبال وأغلق عليها الباب وخرج من المنزل. بدأت الزوجة صراخاً طالبة الإستغاثة ، وعندما كسر الجيران الباب وجدوا الزوجة وذراعها مكسور فأخذوها للمستشفي لعمل الإسعافات اللازمة، وبالفعل قام المسئولون بالمستشفي بتحرير محضر بالواقعة ضد الزوج. وحادثة أخري، شهدها ليل رمضان الماضي عندما استيقظ الزوج من نومه قبل مدفع الإمساك بدقائق ليجد الزوجة مازالت مستغرقة في نومها، فحاول إيقاظها كي تعد له وجبة السحور، إلاأن الزوجة طلبت منه أن يتركها نائمة لأنها متعبة ومن ثم عليه أن يعد الطعام ، مما اغضبه فصرخ في وجهها وطلب منها أن تستيقظ للمرة الثانية، إلاأنها لم تتحرك فرفع الغطاء من عليها ، وصفعها علي وجهها، ورداً علي هذا التصرف العنيف الذي قام به الزوج رفعت الزوجة صوتها في وجه الزوج، مما زاد من هياجه وأنهال عليها ضرباً في كل أجزاء جسدها حتي فقدت الوعي، سقطت علي الأرض ، وإنتظرت وتحاملت علي نفسها حتي الصباح،وذهبت لأسرتها تشكوه لهم ، ولأن آثار الضرب كانت واضحة علي جسدها طلب منها الأب أن تذهب معه لقسم الشرطة لتحرير محضر بالواقعة. تقول د. سهير عبد العزيز أستاذ علم الإجتماع بجامعة عين شمس : المجتمع المصري والعربي يجب أن يكون أكثر تسامحاً في هذا الشهر الكريم ، إلا أن هناك آخرين يقل عندهم الوازع الديني، ويصبحون أكثر إنفعالاً لأتفه الأسباب و ويرجعون أسباب إنفعالاتهم إلي الصوم. وتنصح د. سهير هؤلاء غير القادرين علي إمتلاك أعصابهم بالپعد عن مواطن الإنفعال مثل " الإنسان الذي ينفعل أثناء السير بسيارته فترة الظهيرة أثناء الصوم ، عليه أن يبتعد عن القيادة والزوج الذي ينفعل علي أسرته في نهار رمضان ، بسبب كثرة الطلبات عليه أن يبتعد عن زوجته طوال النهار حتي يتفادي الصدام مع زوجته وأولاده ويتجه للعبادة وذكر الله. وتؤكد د . سوسن الغزالي أستاذ الطب السلوكي بجامعةعين شمس علي أنه من الضروري أن يقدر الزوج ظروف زوجته ، خاصة أنها صائمة مثله طوال النهار، وأيضاً قد تكون عائدة من العمل مثله وتحتاج لقسط من الراحة، وفي هذه الحالة يكون لزاماً عليها أن تطلب بعض الطلبات منه ، فمن الرحمة بزوجته أن يساعدها ويقدر ظروفها ،وبذلك تمرالظروف بين الزوجين بسلام بعيداً عن أقسام الشرطة ومشاكلها. وتضيف : الكثير من الأزواج ضعاف الشخصية يعللون أفعالهم بالصيام ومتاعبه ،وفي الحقيقة هذه هي شخصيتهم الضعيفة والمعقدة والمليئة بالمشاكل النفسية. وعن رأي الدين يقول عبد المعطي بيومي الأستاذ بجامعة الأزهر: إن الصدام حكمة إلهية أمرنا بها الله عز وجل ليختبر إرادة المسلم في أن ينأي بنفسه عن الشهوات والملذات وهو أيضاً رياضة " نفسية " تهدف إلي تهذيب الخلق والتحكم في الانفعالات التي تصدر عن الأفراد ، ومن ثم كانت النصيحة النبوية، التي نصحتا بها الرسول الكريم عندما نتعرض لأي مضايقات أثناء الصيام، أن تقول اللهم إني صائم " وهذه الجملة عزيزة في معناها. ويضيف : الكثير من الرجال يجعلون الصوم شماعة يعلقون عليها أخطائهم، فهؤلاء تكمن داخلهم جذور الجريمة، ومن ثم فالصيام براء من تصرفاتهم غير السوية، ويجب ألا نصلق هذا الجرم بهذه العبادة السامية و التي فرضها الله لكي تعيد الوئام إلي النفوس.