أثار توقف مسلسل "العلم والإيمان" عن السيرة الذاتية للدكتور مصطفى محمود، تأليف وليد يوسف، وإخراج محمد جمعة، العديد من التساؤلات داخل الوسط الفني، خاصةً مع الإعلان عن تقديمه منذ عامين، وكانت أولى المشكلات التي واجهت صناع العمل هي مشكلة اختيار البطل، فبعد أن تم الاتفاق مع الممثل "أحمد آدم"، اعتذر عن الدور ليذهب إلى الممثل "خالد النبوي"، الذي بدأ الدعاية لعمله بالعديد من الصور في منزل العالم الجليل وكذلك صوره وهو يرتدي ملابسه ويتقمص دوره. بعد كل ذلك فوجئ الجميع بالتوقف وتأجيل التصوير لأجل غير مسمى وكانت المبررات تنحصر في انشغال المخرج والمؤلف بأعمال أخرى، وإن كان الحدث الرئيسي هو ضعف الإنتاج. ويوضح المؤلف وليد يوسف، مؤلف مسلسل "العلم والإيمان"، إن تقديم شخصية الرجل أفضل من تقديم البلطجة والعشوائيات، خاصة وأننا بعد الثورة نعاني من فقدان القدوة، ويقول: إن العمل واجه مشكلات إنتاجية لضخامة التكلفة وزيادة التكلفة، فبعد أن تغلبنا على مشكلة الورثة واتفقنا معهم على عمل المسلسل، واجهتنا مشكلة أماكن التصوير والديكور. وهناك أيضاً مسلسل "مصطفى النحاس"، للمؤلف بلال فضل الذي كان من المتوقع أن يقوم ببطولته الفنان "صلاح السعدني"، حيث توقفت تحضيرات العمل لأسباب معلنة، وهي أن حزب الوفد لم يوافق بشكل نهائي على وجود عمل فني يتناول شخصية الرجل، وأيضاً رفض الحزب وجود عمل فني يتلامس بشكل ظاهر مع حوب الوفد في حقبة تاريخية. ولم تكن مشاكل التأجيل والتوقف بعيدة أيضاً عن مسلسل "شجرة الدر" للكاتب يسري الجندي، الذي انتهى منه وأعلن ذلك منذ ثلاثة أعوام وكان من ضمن المرشحات لبطولته "غادة عبد الرازق"، حيث توقف العمل لأجل غير مسمى، نظراً لارتباط غادة بمشاريع فنية أخرى أبرزها "السيدة الأولى"، حتى تستطيع اللحاق بركب رمضان القادم. أما مسلسل "صديق العمر" فمازال يكتنفه الغموض ؛ خاصةً وأن المسلسل لا يتناول العلاقة بين المشير والرئيس، وإنما يتحدث بشكل صريح حول كيفية انتحار المشير عبد الحكيم عامر، وهي قضية جدلية ستؤدي حتماً إلى عدم العمل. أما مؤلف مسلسل "سيد درويش" السيناريست عبد الستار فتحي فيؤكد أن مشكلات دراما السير الذاتية ستظل قائمة وتقليدية، وأبرزها مشاكل الورثة مع الجهات المنفذة للعمل، مع إنه من المفترض أن تتعاون هذه الجهات حتى يخرج العمل بشكل لائق بحياة الشخص الذي سيتم تجسيده، وأوضح أن أزمة مسلسل "سيد درويش " تكمن في نزاع قضائي بين الشركة المنتجة للعمل، وبين ورثة الفنان الراحل، لكن المشكلة الرئيسية هي عدم الاتفاق بين الطرفين حول الحقوق المالية، وإذا لم يتوصل الطرفان إلى حل سيتوقف تصوير المسلسل إلى الأبد. ويقول الكاتب يسري الجندي، إن صناعة دراما السير الذاتية تعاني من كساد، بسبب عدم وجود سيولة مالية للإنتاج، كون هذه الأعمال باهظة التكاليف، لأن المنتج يبحث عن تسويق المسلسل قبل الشروع في تنفيذه، لافتاً إلى أن الكثير من هذه الأعمال لا تلاقي النجاح المطلوب وهو ما يجعل المنتج يفكر كثيراً خوفاً من الخسارة المادية، وأكد أن الجمهور لا يستهويه هذه النوعية من الأعمال، ويميل كثيراً إلى أعمال الأكشن والكوميديا والرومانسية. وترى الناقدة ماجدة موريس، إن رمضان القادم كان يحمل العديد من أعمال السير الذاتية التي توقف معظمها لأسباب إنتاجية، وحتى من خرج من عنق الزجاجة مثل "سرايا عابدين"، تواجهه مشكلات قضائية، ومسلسل "صديق العمر" يواجه معضلات تعاونية بين أسرة الرئيس الراحل جمال عبد الناصر والمشير عبد الحكيم عامر مع صناع العمل، وأكدت أننا أمام حالة من التراجع عن إنتاج أعمال السير الذاتية التي غالباً ما تكون التكلفة المادية هي السبب الرئيسي وراء تراجع صناع العمل عن استكمال العمل الدرامي، بالإضافة إلى عدم الإقبال الجماهيري على مثل هذه النوعية من الأعمال. وفي رأي الناقد جمال عمر، أن دراما السير الذاتية أصبحت تعاني من أزمة المشاهدة، بخلاف الأزمات الإنتاجية، فكثير من الأعمال التي تم تقديمها سابقاً أساءت كثيراً للفنان الراحل، لوجود استسهال فني في تقديم الشخصية، وهذا ما اتضح مع مسلسل "أبو ضحكة جنان" الذي جسد حياة الفنان الكوميدي الراحل إسماعيل يس، وأيضاً مسلسل "السندريلا" عن حياة الفنانة الراحلة "سعاد حسني"، حيث تسرع القائمون على المسلسل في تفاصيل العمل الرئيسية مثل الديكور والإكسسوارات، وحتى اختيار طاقم العمل، وبالتالي من المفترض التأني في كتابة النص الدرامي، والاتفاق مع ورثة الفنان الراحل على عرض المسلسل بشكل موضوعي، بجانب اختيار شخصية جذابة وغامضة للجمهور حتى يتم تقديمها، مما يساهم في سهولة تسويق العمل، وتحقيق ربح مادي لمنتج العمل. وفي سياق متصل أشار الناقد يسري فتح الله، إلى أن دراما السير الذاتية بئر لا ينتهي، لكن تظل هذه الأعمال أكثر صعوبة على الفنان من الدارما العادية، حيث يدخل الفنان في مقارنة مع الشخصية التي يجسدها، على سبيل المثال الجمهور كان ساخطاً على الممثل "شادي شامل" الذي جسد شخصية "عبد الحليم حافظ" في مسلسل "العندليب"، بسبب حركاته المبالغ فيها، وأسلوبه في تقليد حليم بشكل مستفز، وبالتالي عزف الجمهور عن متابعة المسلسل، وأكد أن هناك فنانين برعوا في تقديم الشخصيات التاريخية مثل الفنان السوري "تيم الحسن" الذي جسد شخصية "الملك فاروق" في مسلسل يحمل نفس الاسم، والفنان أحمد ذكي في مسلسل "الأيام" عن قصة حياة الأديب "طه حسين"، ورغم أن دراما السيرة الذاتية أصبحت موضة رمضانية، لكن المسلسل يفشل في جذب الجمهور بسبب رعونة الحبكة الدرامية، واستسهال المخرج في التحضيرات، وفي النهاية يظهر العمل بشكل غير لائق سواء للفنان أو للشخصية التي يتم تقديمها.
