رغم أن معظم دول الغرب حتى أمريكا يدركون جيداً أن الرئيس السوري بشار الأسد، يجب أن يكون فقد عقله أولاً قبل شن أي هجوم بالأسلحة الكيميائية على معاقل قوات المعارضة، لعدم إغضاب روسيا وأيضاً لعدم تأليب المجتمع الدولي ضده، لكن ماحدث يؤكد أن هناك قوى مجهولة أقدمت على استخدام السلاح الكيماوي ضد المدنيين بمنطقة الغوطة بريف دمشق من أجل توريط الأسد أمام العالم، وقد نجحوا في ذلك حتى هذه اللحظة، وهناك نوايا مبيتة على توجيه ضربة عسكرية ضد سوريا. دينيس كوسينيتش عضو الكونغرس الأمريكي السابق أكد في تصريحات سابقة، أن الولاياتالمتحدةالأمريكية على وشك أن تصبح القوة الجوية لتنظيم القاعدة، وللأسف رغم أن واشنطن تضع هذه المنظمة على قوائم المنظمات الإرهابية الأكثر خطورة حول العالم إلا أنها لا تتردد في التعاون معها إن كان هذا يصب في مصالح أمريكا بالشرق الأوسط، موضحاً أن متمردي سوريا بقيادة تنظيم القاعدة مدعومون عسكرياً من قبل واشنطن لمواجهة الحكومة السورية وجيشها النظامي، حتى أن صحيفة نيويورك تايمز قد اعترفت على صدر صفحاتها سابقاً أن جماعة مناهضة للأسد والتابعة لتنظيم القاعدة تسمى جبهة النصرة تقاتل في أكبر مدن سوريا، وتتعاون بشكل علني مع أمريكا، وحتى إذا تدخلت واشنطن عسكرياً ضد الأسد فإنها ستقاتل جوياً وأفراد تنظيم القاعدة سيتقدمون برياً، ووقتها ستزداد الأمور سوءاً في الشرق الأوسط، وسيتكرر نموذج العراق بكل تفاصيله، مؤكداً أن تصويت الكونغرس لهجوم الولاياتالمتحدة على سوريا يمكن أن يأتي قبل ذكرى أحداث 11 سبتمبر، وهنا تكتمل دائرة ازدواجية المعايير الأمريكية، حيث سيكون التدخل العسكري بمثابة تمهيد الطريق لمساعدة تنظيم القاعدة في السيطرة على سوريا، رغم أن أمريكا روّعت من هذا التنظيم في هذا التاريخ الذي لن ينسى في أعين الشعب الأمريكي، لكن لعنة تفشي الإرهاب المسلح في المنطقة لا تؤرق واشنطن كثيراً لأن وراءها مزيد من التدخل العسكري ضد الدول المجاورة. وأوضح د.طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، أن أمريكا تريد أن تجعل الأسد عبرة أمام المجتمع الدولي تماماً كما حدث مع معمر القذافي في ليبيا وصدام حسين في العراق؛ لأنهم رفضوا الانصياع لأوامر واشنطن بالتخلي عن السلطة فور صدور قرار أمريكا، ولذلك لابد من ضربة عسكرية أحادية أو مشتركة لإسقاط هذه الأنظمة الديكتاتورية –حسب وصف أمريكا- لافتاً إلى أن الإدارة الأمريكية تريد شل محور المقاومة الذي يتألف من حزب الله وسوريا وإيران، وزعزعة استقرار دمشق لضمان عدم قدرة الحكومة السورية على الإدارة والدفاع عن الأراضي السورية، ومن شأن ذلك تقليل نفوذ روسيا التي تتمسك بالأسد للحفاظ على قاعدتها العسكرية بميناء طرطوس (آخر موقع بحري لأسطول روسيا في البحر الأبيض المتوسط)، وأيضاً تريد أميركا وضع خط أنابيب الغاز عبر سوريا إلى تركيا بهدف البحث والتنقيب عن الغاز والبترول في مرتفعات الجولان التي تحتلها إسرائيل، لافتاً إلى أن مهاجمة واشنطنلدمشق عسكرياً سيكون بمثابة انتصار لتنظيم القاعدة والمتمردين في سوريا، وبعدها سيتم وضع هذا التنظيم مرة أخرى على بؤرة اهتمام الخريطة العالمية بوصفه يمثل تهديداً للغرب، وكل ذلك بهدف إعادة تنشيط وترويج حملة الحرب على الإرهاب التي افتعلتها واشنطن بعد أحداث 11 سبتمبر وبدأت الحرب من أفغانستان، رغم أن تنظيم القاعدة لا يزال يشكل الحليف السري للغرب في الهجمات الإرهابية على روسيا، العراق، وأخيراً في سوريا وغيرها من الدول التي ترفض تنفيذ عطاءات وأوامر الغرب. العالم كله يعرف أن وكالة الاستخبارات الأمريكية تدرب المقاتلين المتمردين في سوريا، وتنسق شحنات الأسلحة من المملكة العربية السعودية وقطر لإرسالها إلى الجيش السوري الحر، وأيضاً العالم باستثناء حلفاء أميركا يعرفون أن مزاعم الرئيس الأمريكي أوباما عن الأسد حول استخدام الأخير غاز السارين عمداًَ ضد المدنيين الأبرياء مجرد ذريعة للتدخل العسكري لإفساد نفوذ إيرانوروسيا. في حين أشار د. وحيد عبد المجيد الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن السيناريو المعد ضد سوريا قديم جداً وحدث أكثر من مرة بنفس الطريقة سواء مع العراق أو في جميع هذه الحروب غير المنطقية التي خاضتها أمريكا ولم يكن هناك تنبؤ بها ولا بتوابعها على المنطقة والعالم بأكمله، لكن أوباما تجاهل كل هذا الماضي من الإدارة السابقة للرئيس جورج بوش الابن ولا ينتظر نتائج تحقيقات مفتشي الأممالمتحده قبل تأكيد الأدلة، ويريد شن الحرب سريعاً نظراً لأنه يريد العدوان غير الشرعي على سوريا، موضحاً أن هناك تكهنات واسعة بدأت تظهر على الساحة بأن حادث الغوطة كان مزيفاً ومرتباً لجعله يبدو أن الأسد مسئول عن الهجوم، حيث تم تدبيره من قبل المخابرات الأمريكية والبريطانية والإسرائيلية بالتعاون مع جبهة النصرة المرتبطة أساساً بتنظيم القاعدة للقيام بإطلاق السلاح الكيماوي على المدنيين، من أجل إظهار الصورة الوحشية للنظام السوري أمام الأممالمتحدة ومجلس الأمن لاتخاذ قرار بالتدخل العسكري بعد تجاوز الأسد الخط الأحمر –حسب وصفهم-، لافتاً إلى أن أوباما يريد تسوية الأمر سريعاً قبل انكشاف الحقائق وفقدان مصداقية دولته أمام العالم، ويعتبر سيناريو توجيه ضربة عسكرية ضد الأسد حتى إذا لم يثبت فريق المفتشين الدولي إدانة النظام السوري الأكثر احتمالاً، ويدعم هذا الاستنتاج التعاوني بين المخابرات وتنظيم القاعدة وجود رسائل البريد الإلكتروني بين مسئولي الاستخبارات البريطانية التي تم الكشف عنها في يناير الماضي من جانب قراصنة ماليزيا. واتفق مع الرأي السابق د. جمال سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة قناة السويس، أن هناك تفسيرات عدة لما حدث في سوريا، فهناك ادّعاء بأن الاستخبارات الأمريكية والبريطانية نظموا حدثاً مزيفاً لضرب قنابل الأسلحة الكيميائية وإظهار أن الأسد قام بضربها على المدنيين بطريق الخطأ حتى يكون الأمر أكثر توازناً ومصداقية، وهناك تفسير آخر يؤكد أن المتمردين المتمركزين بمنطقة الغوطة التي تسيطر عليها المعارضة المسلحة تم منحهم قنابل الأسلحة الكيميائية بواسطة شخص يدعى أبو عفشة -اسم حركي-، وهو متشدد سعودي يقود واحدة من كتائب الثوار المسلحين في سوريا، وقيل أنه تسلم الأسلحة من الأمير بندر بن سلطان رئيس المخابرات السعودية الذي تربطه علاقات واسعة مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية، لإعطائها لأفراد تنظيم القاعدة في سوريا الذين يقاتلون جنباً إلى جنب مع المعارضة المسلحة لإطلاقها على المدنيين مع ضرورة توريط قوات الأسد قبل وأثناء استخدام السلاح الكيماوي، وللأسف هذه الجماعات المسلحة التي تم إدخالها عبر الحدود التركية بالتنسيق مع أمريكا يتلقون دعماً مع كافة الدول المعارضة لبقاء الأسد، وهذا الدعم والتعاون مع القاعدة يؤكد أن واشنطن تريد مصالحها دون التطرق إلى من يقودها إلى هذه المصالح، حتى وإن كان تنظيم القاعدة. الحقيقة كما تشير تقارير غربية، تؤكد أن تنظيم القاعدة كان دائماً حليفاً لدول الغرب وليس عدوها كما يشاع، وتمت صياغة خطة لإطلاق العنان للتنظيم في مؤتمر القدس حول الإرهاب الدولي عام 1979، والذي طالب خلاله برنارد لويس خبير بريطاني في الشرق الأوسط، والذي يعتبره البعض غراب تنظيم القاعدة الفكرية في منطقة الشرق الأسط، وهو مخطط حرب العراق وأفغانستان وانفصال جنوب السودان ويريد تفتيت العالم الإسلامي والعربي بأيدي تنظيم القاعدة حتى تجد أمريكا ذريعة للتدخل بدعوى محاربة الإرهاب.. تم إنشاء تنظيم القاعدة على يد أجهزة المخابرات الغربية لمحاربة الروس في أفغانستان، ومنذ ذلك الحين استغلت هذه الأجهزة وعلى رأسها المخابرات الأمريكية والبريطانية أفراد هذا التنظيم من أجل شن هجمات إرهابية ضد البلاد الإسلامية والغربية بالتعاون والتنسيق مع المخابرات الغربية بهدف وجود ذريعة للتدخل الخارجي في المنطقة وإعادة تقسيم الشرق الأوسط. وفي السياق ذاته أوضح د. سعيد اللاوندي خبير العلاقات الدولية بمركز الأهرام للدراسات، أن واشنطن هي من صنعت تنيظم القاعدة من أجل مقاتلة الدول ذات الرؤية البعيدة عن التوافق الأمريكي، ومحاولة إيجاد ذريعة للتدخل لإسقاط أنظمتها كما حدث في العراق، والآن يحدث نفس الأمر مع سوريا بعد ادعاءات ومزاعم استخدام السلاح الكيماوي، بالإضافة إلى أن الصحف الغربية بدأت في شحن شعوبها وتروج أن الأسد استخدم هذا السلاح ضد المدنيين ولابد من عقابه، وأن أمريكا مطالبة بتحمل مسئولياتها باعتبارها أقوى دولة بالعالم لمعاقبة من يخالف القانون والنظام العالمي، موضحاً أن تنظيم القاعدة يعتبر منظمة بالمعنى الدقيق للكلمة، وهو اسم لعملية المخابرات الأمريكية محاربة الإرهاب حول العالم، والتي أجريت داخل أروقة النظام العالمي أحادي القطبية وكيفية استخدام هذه المنظمة المعقدة باسم تنظيم القاعدة لبث الرعب والتوتر في بعض الدول لإعادة الإمبراطورية الأمريكية، وهو ما يدل على أن واشنطن هي من ترعى هذه المنظمة، إن واحدا من أكبر خمسة زعماء في تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن) كان على جدول الرواتب داخل وكالة المخابرات المركزية، بعد أن نجح في تصنيع زائفة الإرهاب الإسلامي لخدمة الغرب والصهيونية وتفكيك جيوش الدول العربية والإسلامية وإعادة تقسيم خارطة الشرق الأوسط الجديد برؤية غربية.