في ظل الأحداث المؤلمة المتلاحقة على أرض الواقع بالكرة الأرضية قاطبة، كان الحظ حليفًا لورثة الرسام النرويجي "إدفارت مونك"، حيث كسرت لوحته الشهيرة "الصرخة" الرقم القياسي بكونها أعلى لوحة تباع بمزاد بقيمة وصلت إلى 120 مليون دولار، لتكون ثامن أغلى لوحة في العالم حتى اليوم. رغم أن اللوحات التي بيعت بأسعار أغلى من "الصرخة" مثل لوحة "الكرة في لوس أنجلوس" للفنان "بيير أوجست رينوار" بسعر 122.8 مليون دولار أمريكي، وصورة "الدكتور جاشيه" للفنان "فينست فان جوخ" بسعر 129.7 مليون دولار، وصورة "أديل بلوخ باور" للفنان "جوستاف كليمت" بسعر 137.6 مليون دولار، ولوحة "امرأة" للفنان "ويليام دي كوينج" بسعر 140.2 مليون دولار، ولوحة "رقم 5" للفنان "جاكسن بولوك" بسعر 142.7 مليون دولار.. رغم شهرة أصحاب هذه اللوحات وارتفاع أسعارها فإن لوحة "الصرخة" استحوذت على الشهرة العالمية، وترجع شهرة هذا العمل إلى الحالة التعبيرية التي تعبر عن حالة المعاناة والرفض، والتي تقترب من حالة العديد من المجتمعات في بلدان كثيرة من العالم. إنها أصبحت أيقونة الثوار ورمز تحريض للشعوب المقهورة، واللوحة التي رسمها أربع مرات آخرها عام 1895 عبارة عن شبح لإنسان يضع كفيه على رأسه ويطلق صرخة مدوية نراها وكأنك تسمعها وتحس آلامه.. تحيطه السماء المضرجة بألوان دموية تتماوج وكأنها تحقق صدى الصرخة، وكأنها أسمعت الدنيا واستشعرتها السماء، لتأكيد حالة الغضب والمعاناة، مما دفع النقاد إلى اعتبار هذه اللوحة تحفة الفن الانطباعي الحديث وموناليزا العصر الحديث. لوحة الصرخة حين نراها تشعر بألمك أنت إنها تحيلك إلى حالتك الغاضبة من أي شيء يخصك، وكأن الفنان لمس جرحك أنت، رغم أنه كان يعبر عن حالته هو، وما أصابه من ألم يخصه في حياته هو، وقد لخص أسباب إبداعه بأنه تذكر شقيقته المعتلة ووالدته التي ماتت بالسل حين كان عمره 5 سنوات، وشقيقته التي اختفت وعمرها 10 أعوام، ووالده الراحل، كل هذه المآسي صدرت حالة من الرعب والألم والخوف من المجهول. بقي أن نشير إلى أن إدفارت مونك "12 ديسمبر 1862 -23 يناير 1944" رسام تعبيري، وتعد لوحة "الصرخة" "عام1893 أشهر أعماله، وكانت من بين أربع لوحات طبق الأصل، فقد كان من عادته أن يرسم اللوحة أكثر من مرة، وقد تميزت بالتعبير عن قضايا الحياة، والحب، والخوف، والموت، والكآبة، كما هو الحال مع معظم أعماله الأخرى، وقد تمت سرقة اللوحة الأولى في عام 1994، والأخرى في عام 2004، وقد تمت استعدتهما، مواضيع "إفريز الحياة" طغت أيضًا على معظم أعمال مونك الأخرى، مثل "الطفل المريض"، و"مصاص الدماء"، و"الرماد"، و"الجسر".