ما حدود الدعم الأمريكي للنظام السياسي في مصر والرئيس محمد مرسي؟ وهل هناك فرص للتدخل في إدارة جزء من المشهد الراهن، خاصة أن أوراق الضغط الخارجية على مصر عديدة ولا تقف عند حدود الدعم المادي والقروض والاتصالات الراهنة مع البنك الدولي؟ وهل أيضًا هناك احتمالات لتدخل إسرائيلي على الخط بصورة غير مباشرة في إدارة ملف الأوضاع على سيناء لتشكل ضغطًا من نوع آخر على مؤسسة الرئاسة؟. جاءت زيارة ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻲ ﺟﻮﻥ ﻛﻴﺮي على ﻃﺎﺋﺮﺓ ﺧﺎﺻﺔ ﻗﺎﺩﻣًﺎ ﻣﻦ ﺗﺮﻛﻴﺎ ﻓﻲ ﺃﻭﻝ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻟﻤﺼﺮ ﻣﻨﺬ ﺗﻮﻟﻴﻪ ﻣﻨﺼﺒﻪ ﻛﻮﺯﻳﺮ ﻟﻠﺨﺎﺭﺟﻴﺔ ﻓي ﺍﻹﺩﺍﺭﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﺍﻟﺠﺪﻳﺪﺓ ﻓي ﻓﺘﺮﺓ ﺍﻟﺮﺋﻴﺲ ﺑﺎﺭﺍﻙ ﺃﻭﺑﺎﻣﺎ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ، في ظل أجواء ثورية مشحونة، بعضها يرفض الزيارة بدعوى دعم الإدارة الأمريكية للرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين لتعزيزهم وطمئنتهم على وجودهم ووضعهم في البلاد إزاء اندلاع العديد من الاحتجاجات التي تخللتها اشتباكات بعضها كان داميًا ونتجت عن ذلك دعوات العصيان المدني التي بدأت من مدن القناة (السويس – الإسماعيلية – بورسعيد) وامتدت لتشمل بعض المدن الأخرى على صعيد الدلتا. حيث رأت العديد من القوى السياسية والثورية المكونة للمعارضة المصرية أن تلك الزيارة باعتيار أن في ذلك محاولة أمريكية لإضفاء الشرعية على وجود الرئيس في ظل حالات الرفض العام للسياسات التي تنتهجها الحكومة والرئاسة، وكذا تبرير لاستباحته دماء المصريين، مؤكدين أن الولاياتالمتحدةالأمريكية تسعى لمصلحتها الخاصة لاسيما خلال الأوقات الراهنة التي تتميز بالاضطراب، اعتبار أن مصلحة أمريكا في مصر مرتبطة بثبات النظام الحالي. وأفادت مصادر اعلامية أمريكية وثيقة الصلة بإدارة الرئيس الأمريكة باراك أوباما، أن كيري سيسعى خلال الزيارة لمحاولة إقناع الرئيس محمد مرسي بضرورة الاستجابة لمطالب القوى المعارضة وعلى رأسها جبهة الإنقاذ خلال تشكيل حكومة توافقية بشكل عاجل تضم مختلف الأطياف السياسية كما سيهيمن الوضع السياسي المتوتر بمصر على أجواء الزيارة. أما عن لقاء كيري والرئيس فإنه سيكون بهدف الاطلاع على الأوضاع السياسية والاقتصادية في مصر، وكذلك التأكيد على دعم الولاياتالمتحدة لمصر وحرصها على استمرار عملية التحول الديمقراطي بها، وعلى إيجاد توافق سياسي موسع باعتباره سيكون السبيل لتشجيع الولاياتالمتحدة على الاستمرار في دعم القاهرة على كل المستويات، في إشارة إلى إمكانية حصول مصر على قرض صندوق النقد الدولي بدعم أمريكي. بداية من الضروري أن نعرف أن حجم الاتصالات الأخيرة بين القاهرةوواشنطن كشف عن حرص إخواني في إعلام الجانب الأمريكي بما يجري في كواليس الإخوان وقرارات الرئيس الأخيرة وليس مجرد إجراء اتصالات أو لقاءات خاصة مع عدم وجود قنوات معلنة للاتصالات في سفارتي البلدين وتمثل ذلك في زيارة مساعد رئيس الجمهورية للعلاقات الخارجية د. عصام الحداد مؤخراً لواشنطن ولقائه أوباما شخصيًا في رسالة يفهم منها حرص مكتب إرشاد الجماعة على نقل الصورة مباشرة ودون أطراف معاونة أو وسيطة أو المرور على البيت الأبيض ودوائر الكونجرس ولجانه المعقدة والمهم هنا لقاء أوباما وفريق معاونيه القريبين مباشرة ودون المرور على السفارة المصرية في واشنطن. فالاتصالات الإخوانية الأمريكية ركزت على عدة نقاط أهمها الحصول على دعم أمريكي لخطوات الرئيس لإجراء الانتخابات التشريعية وتأكيد الإخوان للإدارة الأمريكية بأنه لن يحدث تغيير مرتقب في نمط العلاقات السياسية أو الإستراتيجية ردًا على ما يقال عن احتمال إعادة النظر في المؤسسات المشتركة والتي استمرت سنوات طويلة وأن الأمور ستمضي في إطارها المحدد، وأنه لا تصفية للمؤسسات الاقتصادية والمجالس المشتركة وبعضها كان يدار من قبل رجال النظام السابق والعمل على تكريس أوجه التعاون المشترك خاصة أن دور مصر - مرسي - في أزمة حرب غزة كشف بعمق عن أن مصر لاعب مهم وضابط لأي تغيير وبالتالي لا يمكن تعويض ذلك بطرف إقليمي آخر ولو كان بثقل السعودية أو قطر فمصر تبقى القادرة. لماذا - إذن - الاتصالات والحرص الإخواني لسد الطريق على الآخرين من أمثال د. محمد البرادعي، وعمرو موسى والميادين الإعلامية الدولية والتي يعمل وراءها كبرى المنظمات اليهودية في واشنطن ؟ والتخوف من أن تلعب الإدارة الأمريكيةالجديدة دورًا لا يخدم الإخوان والرئيس محمد مرسي مما قد يشير إلى احتمال إعادة النظر في كثير من ثوابت العلاقة التي تجاوزت تأكيد مصر أنها ملتزمة بالاتفاقيات الدولية والإقليمية وأمن المعاهدات وخاصة كامب ديفيد وغيرها وبالتالي إقناع إدارة أوباما بأن أمن إسرائيل التي تحرص الإدارة الأمريكية عليه سيستمر بقوة مما يجعل العلاقات مع مصر لن تتضرر. ويبدو حرص الإخوان واضحاً من أن تعرف الإدارة الأمريكية الكثير عن واقع ما يحدث داخل مؤسسة الرئاسة وتبنيها الدعوة في الاحتكام في النهاية لرأي الشارع . فأربعة مؤشرات تؤكد أن الإدارة تمضي في تأييدها للإخوان الأول أن الإخوان أعطوا مؤشرات إيجابية والتزامات بعودة المنظمات الأجنبية غير الحكومية إلى مصر فور صدور قانون الجمعيات الجديد، وهذا معناه الاستجابة لمطلب الإدارة الأمريكية وبعض مؤسسات الكونجرس خاصة بعد القضية الشهيرة، وهو أمر يعطي دلالات مهمة لا نقاش فيها لاستمرار المساعدات الأمريكية لمصر، وأنه لن يحدث شيء بتعليق المساعدات وأن ما يطرح في دوائر الكونجرس مجرد تخويف وتحذير للإخوان مما دفعهم بالتعجل بنقل رسالة القبول بعودة المنظمات، الثاني الرد على الذين قالوا: إن هناك اتصالات سرية تدفع بالرئاسة في مصر لإبلاغ الإدارة الأمريكية بأي خطوات سياسية مباشرة قبل الإعلان عنها جماهيريًا ومنها الإعلان الدستوري وبرغم تصريحات بعض المسئولين الأمريكيين بعلم الإدارة بالإعلان الدستوري قبل صدوره مما يكشف عن حجم الاتصالات المشتركة بين البلدين خاصة أن مساعد رئيس الجمهورية دعا من واشنطنالولاياتالمتحدة لدعم جماعة الإخوان وحزب الحرية والعدالة وليس مجرد مؤسسة الرئاسة فقط واللافت أنه ذكر الولاياتالمتحدة بدعم الديكتاتورية متمثلة في النظام السابق، والثالث أن الولاياتالمتحدة دعت للمطالبة بوجود مراقبين محايدين للمتابعة والإشراف على الاستفتاء أي أنها وافقت على خطوات الرئيس بصرف النظر عن تكلفة ذلك على المستويات المختلفة في داخل الإدارة وفي هذا الإطار لا يوجد اختلاف بين الفريق الرئاسي لأوباما والخارجية الأمريكية التي دعت لدعم الرئيس مرسي والحرص على استقرار نظامه وفي إشارة إلى أن الإدارة ستمضي في دعم الإخوان خشية انفلات الأوضاع مع عدم قطع الاتصالات مع رموز المعارضة في ظل الاختلاف القديم حول التعال مع رموز المعارضة. والرابع تصريحات كلينتون مؤخراً بأن الأمور في مصر برغم انفلاتها تمضي في الاتجاه الصحيح وبأنه من الضروري الموافقة علي الدستور الجديد ذات المصداقية أي أن القضية لم تعد التنديد بالعنف والفوضى والمواجهات ولكن الأمر يتعلق بحق المعرضين في الاحتجاج السلمي، وهذا يشير إلى أن الإدارة الأمريكية اختارت دعم مؤسسة الرئاسة وليس موقفًا محايداً أو مراقبًا يمكن البناء عليه. ومع ذلك فإن هناك تخوفًا وهاجسًا أمريكيًا تعبر عنه دوائر الاستخبارات وبعض قيادات الكونجرس ورؤساء اللجان عن احتمالات تحول الرئيس مرسي للانفراد بالحكم الذي سيؤثر على نمط العلاقات المصرية الأمريكية وهل ستقبل إدارة أوباما التعامل مع حاكم بهذه الصورة ثم إن هناك مخاوف تتردد من احتمال تدخل الجيش في مصر حال تهديد مصالحهم التي لم يقترب أحد منهم حتى الآن.ويبقى التخوف الأمريكي من أن تبني المؤسسات في مصر بصورة شكلية وتتجه البلاد إلى الدولة الفاشلة ووقتها يبدو السؤال في دوائر أمريكية ماذا ستفعل إدارة أوباما وهل ستقف موقف الحياد أم ستدعم الرئيس محمد مرسي فالقلق من اليوم التالي في مصر يبدو مطروحًا في ظل الرهان على أنه لا بديل جاهز للحكم في مصر وأن الإخوان لن يسقطوا إلا بعد مد ثوري جديد قد تكون تكلفته عالية للجميع. وجدير بالذكر أن كيري سيجري عدة لقاءات متتالية يبدأها بلقائه بالأمين العام لجامعة الدول العربية نبيل العربي، لمناقشة العديد من القضايا وعلى رأسها الأزمة السورية، وكذلك السلام في منطقة الشرق الأوسط، ومحاربة الإرهاب، ثم يلتقي بعدها بعدد من قادة الأحزاب السياسية، وأخيراً بعدد من رجال الأعمال المصريين ثم وزير الخارجية المصري محمد كامل عمرو، يلتقي أيضاً الرئيس المصري محمد مرسي بقصر الاتحادية الرئاسي، ثم يعقبه لقاء مع وزير الدفاع عبد الفتاح السيسي بمقر وزارة الدفاع، لمناقشة العديد من القضايا أبرزها الوضع السياسي الراهن، وكذلك للتعرف على موقف القيادة العسكرية مما أثير خلال الفترات الماضية من مطالبة بعض فئات الشعب بعودة الجيش للحكم، وبحث الوضع الأمني في سيناء، والدعم العسكري بين البلدين، بحسب المصادر الأمريكية. ويختتم كيري زيارته للقاهرة بلقاء ممثلين لعدد من منظمات المجتمع المدني قبل أن يغادر العاصمة المصرية إلى الرياض. وينتظر أن يلتقي كيري أيضًا في القاهرة عمرو موسى، وزير الخارجية الأسبق ورئيس حزب المؤتمر والقيادي بجبهة الإنقاذ المعارضة، بحسب بيان رسمي من حزب المؤتمر، يذكر أن علاقة صداقة تربط بين كيري وموسى منذ سنوات.